ما أشبه اليوم بالأمس..

هو "العرس" و"القلق" نفسه الذي رافق تحرير الحجّاج اللبنانيين الذين كانوا مختطفين في أعزاز تكرّر أمس مع عملية تحرير راهبات معلولا اللواتي كنّ مختطفاتٍ من قبل إحدى المجموعات المتطرّفة الناشطة هذه الأيام في المنطقة..

المشهد نفسه تكرّر، وكذلك "تعقيدات اللحظة الأخيرة" نفسها، التي كادت تطيح بالعملية برمّتها قبل أن تعود الأمور لنصابها، و"الرعاية" نفسها أيضًا كانت حاضرة بشخص المدير العام للأمن العام اللواء ​عباس ابراهيم​ و"الوسيط القطري" الذي لعب دورًا أساسيًا في إنجاز العملية..

تأخرت العملية كثيرًا عن موعدها، فما كان منتظرًا بعد الظهر حصل بعد منتصف الليل، لكنّ المهمّ يبقى أنه حصل، بانتظار تكشّف المزيد عن عملية خطفٍ لا يمكن أن يقبلها أحد، على أمل أن يتوقف "الاستغلال" وتكون "النهاية السعيدة" فعلاً لكلّ هذه العمليات "الإجرامية"، ولو بدا ذلك "حلمًا" بعيد المنال..

راهبات معلولا يتنشقن الحرية..

هكذا إذًا، انتهت قضية راهبات معلولا المختطفات منذ نحو ثلاثة أشهر من قبل "جبهة النصرة"، قضية بدأت في ذلك "اليوم المشؤوم" يوم اقتحم عناصر الجبهة البلدة الأثرية التاريخية ودخلوا إلى الدير فخربوا ما خربوا وخطفوا الراهبات، اللواتي ظهرن بعد ذلك في شريط مصوّر أكّدن فيه أنّهم بصحة جيّدة.

بالأمس، نجحت "الوساطات" في إنهاء القضية، ولو "تعقّدت" بعض الأمور التي وُصِفت بـ"اللوجستية" في ربع الساعة الأخيرة، فأخّرت عملية التحرير بضع ساعاتٍ بدت أشبه بـ"الدهور" بالنسبة للبعض. ومع وصولهنّ إلى جديدة يابوس في ساعات الفجر الأولى، أكدت رئيسة دير مار تقلا في معلولا الأم بيلاجيا سياف أن "كل من اختطف من الدير قبل 4 أشهر تم تحريرهن اليوم وهنّ جميعاً بخير"، مشيرة إلى أن "الخاطفين لم يعترضوا لهنّ بأي سوء وتمت معاملتهن معاملة حسنة"، كما نفت أن يكون الخاطفون قد انتزعوا الصلبان منهنّ، موضحة أنّهنّ نزعن صلبانهن بإرادتهن، "لأنّ المكان الذي كنا فيه غير مناسب".

وفي حين شكرت الأم بيلاجيا سياف الرئيس السوري وأمير قطر والبطريرك يوحنا العاشر اليازجي واللواء عباس ابراهيم على الجهود التي بذلوها للإفراج عنها وعن زميلاتها، لفت إعلان الأخير عن إطلاق أكثر من 150 شخصا مقابل الراهبات، نافيًا دفع أي مبلغ مادي خلافًا لما قيل، في حين كشف وزير الخارجية القطري أنّ جهود قطر لاطلاق سراح راهبات معلولا أثمر عن إطلاق سراح أكثر من 153 معتقلة سورية من سجون النظام السوري، مؤكداً أنّ الجهود القطرية بدات منذ كانون الأول الماضي بتوجيهات أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

الجامعة العربية​ تتبنّى طرح باسيل

إلى السياسة الداخلية، التي سجّلت خلال الساعات الماضية أول مشاركةٍ لوزير الخارجية الجديد ​جبران باسيل​ في مؤتمرٍ عربي هو اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، حيث أكد "حق لبنان واللبنانيين في تحرير أو استرجاع مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من بلدة الغجر، ومقاومة أي اعتداء أو احتلال إسرائيلي بكل الوسائل المشروعة والمتاحة، وهو حق لا مصلحة لأحد في مجتمعنا العربي بالتفكير في التخلي عنه"، كما أثار قضية النازحين السوريين إلى لبنان، واصفًا إياها بـ"الأزمة الوجودية".

وكان لافتًا أنّ المجلس تبنّى ما ورد في كلمة باسيل بشأن المقاومة، مشيداً "بالدور الوطني الذي يقوم به الجيش في صون الاستقرار والسلم الأهلي"، وقرّر المجلس أيضاً الطلب من الدول الأعضاء في الجامعة العربية السعي للمشاركة في تحمل أعباء النازحين في لبنان، مؤكداً أن وجودهم مؤقت، داعياً إلى العمل على إعادتهم إلى بلادهم في أسرع وقت.

وفي موضوع البيان الوزاري، عادت الأجواء الإيجابية لتطفو على السطح، مع تسريب معلومات أنّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري والنائب وليد جنبلاط توافقا على صيغة رفضا الكشف عنها قبل تحقيق إجماع عليها بعد طرحها في اللجنة السباعية، كما ذكرت صحيفة "الأخبار"، في حين نقلت صحيفة "النهار" عن مصادر مواكبة لعمل لجنة صياغة مسودة البيان قولها ان اجتماع اللجنة الثلثاء سيكون مثمرا مما ينهي أزمة إعداد الفقرة المتعلقة بالمقاومة، مشيرة الى النص الذي اقترحه عضو اللجنة وزير الخارجية جبران باسيل وصادق عليه مؤتمر وزراء الخارجية العرب في القاهرة عاكسا فيه توازنات بين فريقيّ 8 و14 آذار، بحسب المصادر.

كلمة أخيرة..

مع تحرير راهبات معلولا المختطفات، يبقى الأمر بتحرير باقي المخطوفين في سوريا وغيرها، وفي مقدّمهم مطراني حلب يوحنّا ابراهيم وبولس اليازجي، وكذلك فريق قناة "سكاي نيوز عربية" وفي عداده المصوّر الصحافي اللبناني سمير كسّاب، وكذلك المخطوف حسّان المقداد، وغيرهم..

كلّها قضايا يجب أن تُحرَّك ولن يكون مقبولاً أن تتحوّل لقضايا منسيّة، على أمل أن تسطّر نهاية عمليات "الخطف" التي لا يمكن إلا أن تكون مُدانة، وهي لا تفعل سوى "تشويه" كلّ حراكٍ يقوم عليها، وتعرّيه من كلّ "الحقوق" التي يدّعيها لنفسه..

الفرحة بـ"الإنجاز" كبيرة، على أمل أن تحمل "حماسة" لمواصلة الطريق نحو "خاتمة شاملة"، تكون عندها سعيدة بكلّ ما للكلمة من معنى..