انتهت ​معركة يبرود​، وأعلن ​الجيش السوري​ السيطرة عليها، في "تحوّل استراتيجي" آخر في مسار الأزمة السورية، أزمة لا يبدو أنها ستنتهي فصولاً في القريب العاجل..

وإذا كانت معركة يبرود اتخذت أهمية استثنائية في الداخل اللبناني، نظرًا لكون هذه المنطقة باعتقاد كثيرين هي "مصدر الانتحاريين والسيارات المفخخة" التي ضربت في العمق اللبناني من الضاحية الجنوبية لبيروت إلى الهرمل وغيرها من المناطق، فإنّ "الإرهاب" أبى إلا أن "يثأر" على طريقته، فكانت منطقة​ النبي عثمان​ ضحيته، وهي التي هزّها انجارٌ انتحاريٌ ليليٌ أسفر عن سقوط شهيدين وعددٍ من الجرحى.

وعلى وقع الوضع الأمني، تستعدّ الحكومة "السلامية" للمثول أمام مجلس النواب طلبًا لـ"ثقته" خلال الأيام المقبلة، وذلك بناءً على بيانٍ وزاري عانت الأمرّين قبل صياغته، بيان لا "إجماع" عليه من الداخل، وسط "تحفظ" عددٍ من الوزراء، وبينهم وزراء "الكتائب" الذين يلوّحون بـ"خياراتٍ مفتوحة"، أولها الاستقالة..

هل عادت الانفجارات؟

لم ينتهِ موسم التفجيرات الانتحارية بعد، رغم كلّ ما قيل ويُقال وسيُقال، ذلك أنّ "الإرهاب" بالمرصاد، وهو لن يُريح ولن يرتاح، إلا بـ"حلول جذرية" لا يبدو أنّ أوانها قد حان حتى الآن.

بالأمس، وعلى وقع الانشغال بمعركة يبرود وسيطرة الجيش السوري عليها، وهي التي كانت توصَف بأنّها "مصدر الانتحاريين والسيارات المفخخة"، التي عثر على عددٍ من السيارات "الشبيهة لها" بعد فرار المسلحين، أتى الردّ من لبنان أيضًا وأيضًا.

بُعيد العاشرة ليلاً، دوّى الانفجار في منطقة النبي عثمان، ليتبيّن سريعًا أنّه انفجار سيارة مفخخة ناجمٌ عن تفجير انتحاري لنفسه، في تكرار للمسلسل الذي يضرب أكثر من منطقة لبنانية منذ فترة. وفي المعلومات أنّ عددًا من الشباب اشتبهوا بالسيارة التي كانت تسير بسرعة على الطريق بين النبي عثمان والعين، فتمّت ملاحقتها من قبل الشابين عبد الرحمن القاضي وخليل خليل، فما كان من الانتحاري إلا ان فجّر نفسه بعد اكتشاف أمره، ما أدى الى استشهاد الشابين الى جانب سقوط عدد من الجرحى.

وفي وقتٍ رجّحت معلومات زنة المواد المنفجرة بحوالى 120 كيلوغراما، ولفتت إلى أنّها أحدثت حفرة بعمق 70سنتمترا، لفت "التبنّي المزدوج" للعملية من قبل كلّ من "لواء أحرار السنة" و"​جبهة النصرة​" للتفجير، ووضعه في خانة "الانتقام" لما حصل في يبرود بطبيعة الحال.

"الكتائب" والاستقالة..

سياسيًا، عجزت الحكومة "السلامية" عن "الاحتفال" بـ"انتصار" ربع الساعة الأخير على صعيد "مفاوضات" البيان الوزاري، والذي قضى بالتأكيد على حق المقاومة باسترجاع الأرض، مع استبدال عبارة "الشعب اللبناني" بـ"المواطنين اللبنانيين"، في "لغز" لم يفهم هؤلاء المواطنون الذين يُفترض أنّهم يمثلون "الشعب" أبعاده، علمًا أنّ كلّ فريق صوّر الأمر وكأنه انتصارٌ له بين من هلّل لبقاء "المقاومة" بكلّ أحرفها "الذهبية" في البيان، ومن احتفل بـ"شطب الثلاثية"، في إشارة إلى ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة.

لكنّ الحكومة عجزت عن "الاحتفال" بـ"انتصارها" لأنّ "تصدّعًا" أصابها من الداخل، مع اعتراض حزب "الكتائب" على الصيغة النهائية للبيان، وذهابه لحدّ التلويح بالاستقالة من الحكومة في حال عدم تغييرها بما يناسب تطلعات الحزب، وهو ما أكده وزير العمل سجعان قزي الذي لفت إلى أنّ الحزب ليس هاوي استقالة، وشدّد على أنّ أي مقاومة يجب ان تكون تحت سقف الدولة، طالما انها مستعدة ان تقاوم، مطالباً بـ"ضمانات واضحة تطمئن الرأي العام اللبناني وليس "الكتائب" فقط".

في المقابل، نقل زوار رئيس مجلس النواب نبيه بري لصحيفة "النهار" اشارته الى انه "لا يحبذ أن يسجل اي فريق انه انتصر على آخر في موضوع البيان الوزاري، وانه لا يمانع ان تردد اي جهة في الحكومة ان لها النصيب الاكبر في هذا البيان الذي استهلك كل هذا الوقت من المناقشات والاتصالات"، لافتاً الى ان "المقاومة بمثابة اعراضنا، وليراجع الجميع تاريخ الجنوب.

كلمة أخيرة..

مسلسل "الإرهاب" مستمرّ إذًا، وجديده انفجار النبي عثمان، وبعده صباحًا عثور الجيش اللبناني على سيارة مفخخة في الفاكهة وتفجيرها..

مسلسل "الإرهاب" مستمرّ، وبالتالي فإنّ مكافحته لم تعد خيارًا، بل باتت واجبًا على كلّ مسؤول، بعيدًا عن موجات التبرير هنا أو التغطية هناك..

إزاء كلّ ذلك، تبقى "الوحدة" هي الملاذ الوحيد الذي لا بدّ منه لـ"الصمود" في وجه كلّ "الاستحقاقات" و"التحديات"..