لا تقتصر معاناة الأسرى الفلسطينيين في السجون والمعتقلات الإسرائيلية على التعذيب النفسي والجسدي والاعتداءات المختلفة عليهم فحسب، لكنها تصل إلى حد القتل البطيء والمتعمد بفعل ما تنتهجه السلطات الاسرائيلية من سياسة إهمال طبي بحقهم، ما يؤدّي إلى استشهاد المئات منهم، في وقت لا يزال مئات آخرون ينتظرون هذا المصير داخل السجون بسبب الأمراض الخطيرة التي أنهكت أجسادهم دون أن تقدم لهم مصلحة السجون الإسرائيلية العلاج اللازم، بل إنّها تضع جملة من العراقيل في وجه وزارة الأسرى الفلسطينية والمؤسسات الحقوقية ذات العلاقة التي تحاول الوصول لهم من أجل تقديم العلاج.

قتل مُتعمد

وفي هذا السياق، يعتبر وزير شؤون الأسرى والمحررين في حكومة "حماس" المقالة بغزة عطالله أبو السبح أنّ أعداد الأسرى المرضى في السجون والمعتقلات الإسرائيلية في تزايُد، لافتاً إلى أنّ أمراضاً خطيرة تفتك أجسادهم، وهم مصابون بمرض السرطان والفشل الكلوي وأمراض العظام وضغط الدم والسكر.

وفي حديث لـ "النشرة"، شدّد أبو السبح على أنّ "إسرائيل" تتعمّد قتلهم داخل السجون من خلال عدم تقديم العلاج اللازم لهم وتشخيص حالاتهم، كي تستفحل بهم الأمراض، موضحاً أنّ "إسرائيل" لا تسمح لمؤسسة أطباء بلا حدود العالمية في الدخول للسجون ومعالجة المرضى.

وأكد الوزير أبو السبح أنّ الاحتلال الاسرائيلي يعتبر الأسرى الفلسطينيين، وخصوصاً المرضى، قتلى بيده، من خلال سياسة الاهمال الطبي المتعمد، والتعذيب النفسي والجسدي بكافة أشكاله داخل السجون.

وتتعمد مصلحة السجون الاسرائيلية تقديم الماء وعقار "الأكامول" فقط، للأسرى على اختلاف أمراضهم، وتنقلهم إلى عيادة "سجن الرملة"، وهو في الحقيقة سجن، وليس مستشفى يعالجون فيه، ولا تقدم لهم شيئاً.

ويقبع في سجون الاحتلال نحو خمسة آلاف أسير فلسطيني رهن الاعتقال في السجون وفي المعتقلات وفي مراكز التوقيف الإسرائيلية، منهم 19 أسيرة، وقرابة 200 طفل، ونحو ألف وأربعمئة أسير يعانون من أمراض مختلفة. ووفق الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء، بلغ عدد الأسرى الذين استشهدوا في السجون وفي مراكز التوقيف 205 أسرى منذ العام 1967 وحتى اليوم.

أمراض مختلفة وخطيرة

في المقابل، أوضح مدير دائرة الإحصاء في وزارة شؤون الأسرى والمحررين، عبدالناصر فروانة، إن الأسرى يعانون من أمراض مختلفة، كالعظام والمفاصل والغضروف والقرحة وفقر الدم والضغط والسكري، والأمراض الجلدية، وضعف السمع والنظر، والقلب والفشل الكلوي والشلل والأورام الخبيثة والسرطانية، بالإضافة إلى الإصابة بإعاقات جسدية وذهنية ونفسية وحسية.

وفي حديث لـ"النشرة"، أشار فروانة إلى أنّ 70 أسيراً يعانون من إعاقات جسدية (كاملة أو جزئية) وإعاقات ذهنية ونفسية، أو إعاقات حسية (سمعية وبصرية) بفعل التعذيب داخل السجون، مؤكداً أن إدارة سجون الاحتلال لا تكتفي بعدم توفير احتياجاتهم الأساسية كالأجهزة الطبية المساعدة لذوي الاحتياجات الخاصة، والأطراف الصناعية لفاقدي الأطراف والنظارات الطبية أو أجهزة خاصة بالمشي أو آلات الكتابة الخاصة بالمكفوفين وغيرها.

وأضاف: "هي تحاول وضع العراقيل أمام محاولات إدخالها من قبل وزارة شؤون الأسرى والمؤسسات الحقوقية والإنسانية، وهذا يشكل عقوبة جديدة ومضاعفة ضد الأسرى وذويهم".

واعتبر فروانة وهو مختص وباحث في شؤون الأسرى، أن السبب الرئيس في الأمراض هو سوء الأوضاع الصحية داخل سجون ومعتقلات الاحتلال وافتقارها لعيادات مجهزة وأطباء مختصين وعدم توفر الأدوية اللازمة للمرضى، وقساوة الشروط الحياتية والمعيشية وسوء التغذية كماً ونوعاً وقلة العناصر الغذائية الأساسية فيه، والمعاملة اللا إنسانية، وسوء ظروف الاحتجاز، وإطالة فترات العزل الانفرادي، وعدم إجراء فحوصات طبية دورية للأسرى.

تواصل ورفض

في ذات السياق، ألمح وزير الأسرى أن الحكومة في غزّة والضفة الغربية المحتلة، تحاول أن تتواصل مع المؤسسات الحقوقية ذات العلاقة، بشأن معاناة الأسرى في السجون الإسرائيلية، وتحاول أن تدفع المؤسسات الطبية والصليب الأحمر لأجل الوصول إلى السجون إلا أنّ الاحتلال الاسرائيلي يرفض السماح لهم.

وأضاف: "إسرائيل تعتبر نفسها فوق القانون الدولي، وتمارس سياسة القتل المتعمد تجاه الأسرى الفلسطينيين، والاجرام الإسرائيلي يتم بغطاء دولي".

وأكد أبو السبح، أن الكثير من الأسرى الفلسطينيين قتلوا دون أن يقدم لهم العلاج بالمطلق داخل السجون والمعتقلات الإسرائيلية.