عادت الخلافات الداخلية إلى بلدية طرابلس لتهدد بشلها مجدداً إثر تأجيل الجلسة التي كان مقرراً انعقادها يوم الجمعة الماضي، قبل أن يُحدد موعد آخر لانعقاد جلسة جديدة بعد عصر اليوم، بمن حضر، بعد مضي أكثر من 20 يوماً من غير أن يعقد المجلس البلدي أي جلسة له.

السبب المعلن لعدم انعقاد الجلسة كان عدم تأمين النصاب القانوني لها، وهو حضور 12 عضواً، بعدما تغيّب أكثرية الأعضاء عن حضورها، وهو غياب برّره البعض بأنه «طبيعي»، إذ كانت جلسات سابقة تؤجل لهذا السبب، لكن بعضاً آخر لفت إلى أن البلدية عقدت 6 جلسات في أقل من 20 يوماً، خلال جولة الاشتباكات الأخيرة التي شهدتها طرابلس في شهر آذار الماضي، ما يدل على أن هناك أسباباً أخرى للتأجيل.

يردّ عضو البلدية جلال حلواني أسباب عدم توافر النصاب، إلى «قرف» أعضاء من الجو العام السائد في البلدية.

أما السبب الثالث، حسب حلواني، فهو الخلاف المستجد حول الاحتفال بـ«يوم طرابلس» الذي جرى في 26 نيسان الماضي، لجهة خفض فترة الاحتفال من 10 أيام إلى يومين، من غير أن يخفض قيمة المبلغ المرصود للاحتفال، وهو 100 مليون ليرة، ورئيس البلدية نادر غزال محرج أمام الأعضاء والرأي العام كي يشرح لهم أين صرف هذا المبلغ. والسبب الرابع على خلفية الخلافات والإشكالات التي بدأت تشهدها جلسات البلدية بين الأعضاء أنفسهم، وليس بينهم وبين غزال فقط.

هذه الأجواء السلبية كانت قد بدأت تظهر في بلدية طرابلس منذ «الانقلاب» الذي قام به غزال على تحالفاته السابقة منذ أقل من عام تقريباً، عندما نقل غزال بسرعة واستغراب البارودة من كتف إلى كتف أخرى، بمدّ يد التعاون إلى أعضاء كانوا من ألدّ خصومه، في مقابل إدارة ظهره ومحاربته أعضاء دعموه في الفترة الأولى من ولايته، وكانوا وراء إبقائه في منصبه في جلسة تجديد الثقة به صيف العام الماضي.

أحد هؤلاء الأعضاء، خالد تدمري، يرى أن غزال «يلعب على التناقضات» بين الأعضاء بسبب تنوّع انتماءاتهم السياسية، موضحاً أن الخلاف الأخير مع غزال نشب بسبب «عدم تعاطيه بجدّية مع الإشكال الذي وقع قبل أكثر من شهر بيني وبين عضو البلدية خالد صبح، وأنه تعاطى بخفة مع الموضوع، ما يجعل كل الجلسات التي عقدت لاحقاً، وقاطعتها، غير قانونية».

غير أن عضو المجلس البلدي خالد صبح، المعني بنحو كبير بما يجري في البلدية حالياً، الذي يُتهم بأنه «يتصرف كأنه رئيسها الفعلي»، وليس غزال، يوضح أن «ما أقوم به هو من أجل مدينة طرابلس، وتفعيل العمل الإنمائي فيها، وإنني لا أدافع عن رئيس البلدية ولا أهاجمه، لأن مصلحة المدينة والبلدية تقتضي حدّاً أدنى من التفاهم».

وسط هذه المعمعة يقف غزال متفرجاً، فهو لا يحرّك ساكناً كي يرد على التهم التي توجه إليه، ولا يعالج الإشكالات داخل البلدية. فهو إلى جانب انشغاله بأسفاره الكثيرة، وآخرها سفره بعد غد الأربعاء، يبدو أن له مصلحة في نقل الصراع من أن يكون بينه وبين الأعضاء، إلى جعله ثلاثياً بينه وبين الأعضاء وبين الأعضاء أنفسهم، مستغلاً غياب السياسيين وعدم تدخلهم في شؤون البلدية، رغم أنهم يتحمّلون الوزر الأكبر من الوضع الذي وصلت إليه حالياً.