الاجدر بالمواطنين الذين لديهم اشغال في المناطق المؤدية إلى مجلس النواب، ان يُطالبوا بعطلٍ وضرر عن تعطُّل أعمالهم من جراء إقفال هذه المناطق في كل مرة تتم فيها الدعوة الى جلسة نيابية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.

كانت المسألة لتمر لو ان الإقفال جرى لمرةٍ واحدة ثم أُعيد فتح تلك المناطق بعد إنجاز عملية الانتخابات، فالمواطنون أصحاب المصالح في تلك المناطق يشعرون دائماً مع الدولة ومع اعتباراتها الامنيَّة ومع الاستثناءات التي تتخذها من اجل تسهيل الجلسات، لكن ان تتحوَّل الاستثناءات إلى مرةٍ في الاسبوع من دون طائل فهذا أمرٌ سلبيٌّ للغاية ومن شأنه مضاعفة الخسائر التي يتكبدها أصحاب المصالح والموظفون والعاملون في تلك المناطق.

لنأخذ هذا الاسبوع مثلا: بعد غد الاربعاء يُقفَل وسط بيروت بسبب الجلسة التشريعية لمناقشة سلسلة الرتب والرواتب. في اليوم الذي يليه، أي الخميس، هناك الجلسة الرابعة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية والتي لن يكتمل نصابها فتُرجأ إلى الاسبوع التالي. عملياً ماذا تعني هذه المواعيد ؟ تعني ان الإقفال سيكون سيِّد الموقف في تلك المنطقة ليس في هذا الاسبوع فقط بل في الاسبوع الذي يلي.

ماذا تعني هذه الدوامة ؟

تعني ان البلد مشلولٌ على كل المستويات، وأن الخير لقدَّام في هذا المجال: ففي الأفق لا انتخاب رئيس، والجلسات سيتواصل تحديد مواعيد لها مع ما يعني ذلك من إقفال لتلك المنطقة.

ماذا يعني هذا المعطى ؟ وإلى متى سيبقى الوضع على ما هو عليه ؟

هناك احتمالٌ من اثنين لا ثالث لهما: إما الاستسلام للواقع القائم، مع ما يعني ذلك من نسفٍ لفكرة انتخاب رئيس، وإما التشبُّث باحترام المهل وانتخاب رئيس قبل انتهاء المهلة الدستورية منتصف ليل 24 - 25 من الشهر الجاري.

لكلٍّ من الخيارين انصاره ومريدوه وعاملون له، يأتي في طليعة المتشبِّثين بانتخاب رئيس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي أطلق أمس صرخة مدوِّية عنوانها: لن نقبل بأي شكل من الاشكال ان نبقى بلا رئيس ولو لدقيقة واحدة.

هذه الصرخة اطلقها في مدرسة الجمهور مساء السبت بإعلانه: نحن نعيش معكم الظرف الدقيق الذي فيه نتطلع الى انتخاب رئيس للجمهورية، وكلنا يرفض ان يكون هناك فراغ على مستوى الرئاسة الذي يعني قطع الرأس. لان رئيس الجمهورية هو رأس الدولة ورئاسة الجمهورية ليست شيئا اضافيا على البلد، كيف يمكن ان يقبل انسان بالفراغ ؟ ما هذا التلاعب؟ لن نقبل بأي شكل من الاشكال ان نبقى بلا رئيس ولو لدقيقة واحدة. هذا امر مرفوض وهذا هو موقف بكركي. ولذلك نناشد مجلس النواب الذي نحترم ونجل ان ينتخب الرئيس قبل 24 ايار كي تبقى للبنانيين كرامتهم وللبنان عزته ودوره في هذا الشرق.

بهذا المعنى يأخذ البطريرك الراعي على نفسه تحدياً كبيراً وهائلاً، مع كثير من المواطنين المخلصين الذين يؤيدونه وسائرون على خطاه نحو اعادة لبنان الى مجده ولمَ لا؟

في ظل التقاعس او الإهمال أو العجز او التعثر، يقف مع الاوفياء رافعاً الصوت والتحدي، فهل يتحقق الرهان الكبير ام ان الفراغ سيكون أكبر من الجميع؟