كم نشعر أنهم "يضحكون على ذقون اللبنانيين" حينما يتحدثون عن رئيس صُنع في لبنان، ذلك أنه منذ أن كان للبنان رئيس، لم يسجَّل أن اللبنانيين أو ممثليهم في المجلس النيابي الذين تطوّر عددهم منذ العام 1926، من 25 نائباً إلى 77 إلى 99 إلى 128 نائباً، انتخبوا رئيساً دون "كلمة سرّ" تأتيهم من هنا أو هناك.

هل يمكن لأحد أن يعتقد أن مجلس نوابنا الحالي قادر هذه المرة على إنجاز هذه المهمة الوطنية؟

نشك في ذلك، بل نحن متأكدون أنهم غير قادرين على هذه المهمة من دون أن تصل إليهم كلمة "الوحي" التي تفترض توافقاً إقليمياً ودولياً قبل أي اتفاق محلي.. فهل هناك إمكانية لتوافق إقليمي؟

سورية تعيش أزمتها والحرب العالمية عليها، وهي تواجهها منذ أكثر من ثمانية وثلاثين شهراً وتحطِّم حلقاتها الواحدة تلو الأخرى، في الوقت الذي تستعد للاستحقاق الرئاسي الدستوري في 3 حزيران المقبل.

مصر، الدولة العربية الكبرى، أنتجوا لها حركة "الإخوان" وموّلوها، وكادت تؤخذ القاهرة إلى الهزال.. أرض الكنانة الآن أمام تطورات جديدة ستبدأ بالوضوح والتبلور بعد نهاية الشهر الحالي، حيث سيعود إلى قاهرة المعز دورها وحضورها الذي لا يمكنه أن يرضى بأي حال من الأحوال أن تبقى السعودية في نهجها المتهوّر الذي يقود إلى خراب الأمة، وبالتالي فإنه بالاستقرار المتوقَّع في مصر وسورية سنكون أمام مرحلة عربية جديدة.

إقليمياً أيضاً علينا أن نتابع بدقة المفاوض الإيراني البارع والصبور مع الأميركيين والأوروبيين في ما يخص الملف النووي وغيره من الملفات، حيث تؤكد طهران أنها لاعب هام وأساسي في آسيا والشرق الأوسط، ولكلمتها وزن ووقع.

أما دولياً، لنتابع جيداً تطورات الأزمة الأوكرانية، حيث بدأ الحماس والحماوة يدب في أوصال الدب الروسي، الذي بفضل الصمود السوري عاد إلى الخريطة العالمية حضوراً وقوة، وهو يرسم الآن ابتداء من أوكرانيا خارطة التوازن الدولي الجديد الذي كانت دمشق قد بدأت ترسم ملامحه.

ريثما تتوضح كل هذه الصور، سنكون أمام بداية رسم صورة رئيس لبنان الجديد، وهي بالتأكيد لن تتبلور في أيام، فقد تستغرق أسابيع عدة، وربما أشهر، فلننتظر.