أشارت صحيفة "الثورة" السورية إلى أنه "منذ وصوله إلى زعامة الدبلوماسية الأميركية، لم يتوقف وزير الخارجية الأميركي جون كيري عن تقديم صورة أقرب ما تكون إلى الكاريكاتيرية منها إلى الواقعية، والأمر لا يقتصر على التصرفات التي أخرجت الدبلوماسية الأميركية عن سياقها البروتوكولي لأكبر دولة في العالم، بل انسحب أيضاً على تصريحاته ومواقفه المتناقضة في اللحظة ذاتها وبين ما يُمسي عليه وما يُصبح".

وفي إفتتاحيتها، قالت الصحيفة: "في توصيفاته للانتخابات في سوريا انحدر كيري إلى قاع لم تصله يوماً دبلوماسية في العالم، من حيث الإغراق في دونيّة الألفاظ والمصطلحات التي لا تليق بدبلوماسية من الدرجة العاشرة، ولا بوزير خارجية لأشباه الدول، وذهب بعيداً في تخيّلاته وأوهامه وصولاً إلى حدّ الخلط بين وجوده على رأس الدبلوماسية الأميركية وبين موقف شخصي خرج عن الأصول الدبلوماسية."، مضيفة: "نستطيع أن نلتمس عشرات الأعذار والمبررات للسيد كيري وهو يطوف في تصريحاته ومواقفه وممارساته على تلال من العبث السياسي والمجون الدبلوماسي، وراء سراب لم يحصد في نهاية المطاف سوى الفشل، وهو يتعثّر في كل ما طرحه، ويرى بأمّ عينيه كيف ينسحب البساط من تحت قدميه في بقاع العالم الرافضة لاستمرار الهيمنة الأميركية، وتفلت من بين يديه خيوط اللعبة الخطرة التي مارسها بتهوّر قلَّ نظيره، وربما لم يسبقه إليه أحد".

ولفتت إلى "أننا نستطع أيضاً أن نتفهّم حالة الضيق والضجر والنزاقة والدجل أيضاً في الكثير من مواقفه وتصريحاته، لكن يبدو صعباً وعسيراً على أحد في العالم أن يتخيّل أن هذا هو سقف المهنية السياسية للدبلوماسية الأميركية، وأن هذا هو مستوى أدائها وتلك هي مفرداتها، وما يخرج منها يكاد يمثّل حالة غير مسبوقة في انحطاط خطابها السياسي والدبلوماسي، حيث لم تشهد تلك الدبلوماسية ما يماثلها حتى في أحلك الظروف وفي أقسى المواجهات على المستوى العالمي"، مضيفة: "لا نعتقد أن السيد كيري بحاجة إلى من يذكّره بما أنتجته اليد الأميركية وأذرعها على امتداد العالم، وكيف تبني تحالفاتها وصداقاتها التي تدفن كل ما له علاقة بالديمقراطية حين تلبي مزاج المصالح الأميركية، وتصبح خاوية لا معنى لها حين لا تطابق الأطماع الأميركية"، لافتة إلى أنه "بإمكاننا أن نجزم أن ما تفوّه به من مصطلحات تعكس إلى حدّ بعيد ما يعانيه من متاعب سياسية ناتجة عن العجز والإحساس بالفشل، وصولاً إلى إدراكه بأن الحائط المسدود الذي وصلت إليها الخيارات الأميركية لم يعد يحتمل التفكير في الدبلوماسية وما تقتضيه من لباقة افتقدها السيد كيري منذ وقت طويل، ولا في السياسة وما تُمليه من حرفنة ومهارة تاهت عنها خارجية أكبر دولة في العالم.، لكن على الضفة الأخرى تقف جملة محدّدات إضافية تجعل من حديث السيد كيري غاية في الخطورة، ليس بما انطوى عليه من أخطاء، وما تعرّض له من عثرات وصلت إلى حدّ اليقين بأن دبلوماسية وصلت هذا المستوى من التخبّط لا يمكن التعويل عليها لقيادة العالم، ولا أن تكون حتى شريكاً، وما تظهره يتجاوز الحدّ الممكن الذي يقبله المنطق.‏".

وأضافت: "لا نريد أن نقول للسيد كيري إن وجوده على رأس أكبر دبلوماسية في العالم بات يشكل إهانة للدبلوماسية ذاتها، ولا نريد أن نذكّره بأن تصرفاته وممارساته وتعاليه وحواره الدافئ مع كلبته على مرأى من الصحفيين يمثّل أعلى درجات الاستهتار، ومهزلة لا تتفوّق عليها مهزلة، ولا نريد أن نوصّف ما بين يديه من فتات الخيبة بأنه نهاية المطاف الذي آلت وستؤول إليه خيارات الحمقى.؛ لا نريد كل ذلك، ولم نتحدث به قط!!! فقط ما نريده ببساطة شديدة أن يفهمه ولو كان صعباً عليه هضمه، أن ما خطط له لسوريا لم ينجح، ولن ينجح، وما عوّل عليه كان فاشلاً وسيبقى فاشلاً، فسوريا وقرارها لم يكن يوماً جزءاً من فضاء النفوذ الأميركي ولن يكون، سواء سلَّم بذلك السيد كيري أم لم يسلِّم، وسواء أقرّ ولو على مضض، أم كابر حتى النهاية، وتركها لتكون إحدى الصفحات المهمة في سياق مذكراته التي تحتاج تفرّغه لكتابتها، أكثر من حاجة الدبلوماسية الأميركية لوجوده بعد أن بات عبئاً ثقيلاً على تقاليدها وأصولها".