لا تعتبر الحكومة مستقيلة بانتهاء ولاية رئيس الجمهورية الا في بدء ولاية رئيس جديد عملاً بالمادة 69 دستور: "تعتبر الحكومة مستقيلة عند بدء ولاية رئيس الجمهورية" وبخلو سدة الرئاسة لاي علة تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء (المدة 62 دستور).

ولا شك انه بانتهاء ولاية الرئيس تناط صلاحياته بمجلس الوزراء ولكن هذه الحلولية تبقى ناقصة وغير كاملة ولا تتآلف معها صلاحيات الرئيس مع اختصاصات مجلس الوزراء. ففي المادة 49 دستور: "رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن"، وفي المادة ذاتها: "هو القائد الاعلى للقوات المسلحة التي تخضع لسلطة مجلس الوزراء"، وفي المادة 50 منه: "يمين الرئيس المعظمة"، وفي المادة 52 منه: "يتولى رئيس الجمهورية المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وابرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة ولا تصبح مبرمة الا بعد موافقة مجلس الوزراء"، وفي المادة 53 منه:" يترأس رئيس الجمهورية مجلس الوزراء عندما يشاء"، وفي المادة 55 منه: "يعود لرئيس الجمهورية في الحالات المنصوص عنها في المادتين 65 و 77 من هذا الدستور الطلب الى مجلس الوزراء حل مجلس النواب"، وفي المادة 56 منه: "يصدر المراسيم ويطلب نشرها وله حق الطلب الى مجلس الوزراء اعادة النظر في اي قرار من القرارات التي يتخذها المجلس خلال خمسة عشر يوما من تاريخ ايداعه رئاسة الجمهورية"، وفي المادة 57 منه: "لرئيس الجمهورية بعد اطلاع مجلس الوزراء حق طلب اعادة النظر في القانون ضمن المهلة المحددة لاصداره ولا يجوز ان يرفض طلبه"، وكذلك الأمر في المواد 58 و 59 و 60 و61 و64 فقرة 6 دستور.

وحيال ذلك، فضلا عن أمور أخرى لا مجال لسردها حاليا، لا يمكن القول أنّ هناك شغورا في مركز رئاسة الجمهورية بل فراغا دستوريا بكل ما في الكلمة من معنى بحيث ان المواد الآنفة الذكر وغيرها قد اضحت معطلة من جراء خلو مركز رئاسة الجمهورية. وبالتالي، ان كلمة شغور هي كلمة ساذجة وفي غير موقعها القانوني. وبكلام آخر، ان مجلس الوزراء لا يمكنه ان يكون رمز وحدة الوطن ولا القائد الاعلى للقوات المسلحة، ولا تسري عليه اليمين المعظمة بعد انتهاء ولاية الرئيس، ولا المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية طالما ان ابرامها يتم بالاتفاق مع رئيس الحكومة وموافقة مجلس الوزراء، كما ان المادة 53 دستور التي تنص: "يترأس رئيس الجمهورية مجلس الوزراء عندما يشاء" قد اصبحت فارغة المضمون، وكذلك الامر المواد 55 و56 و57 و58 و59 و60 و61 و64 فقرة 6 دستور.

وتأسيسا على ذلك، فان عدم انتخاب رئيس للجمهورية ضمن المهلة الدستورية المنصوص عنها في المادة 73 دستور هو عمل سلبي خطير يسأل عنه نواب الامة ولا يعتبر خرقا وحسب بل انقلابا على الدستور لان المواد 49 و73 و74 و75 منه تحتم وتلزم مجلس النواب ان يجتمع حكما في اليوم العاشر الذي يسبق اجل انتهاء ولاية الرئيس اي في 16/5/2014 ايا كانت الظروف والاوضاع، علما بان الرئيس الياس سركيس (رحمه الله) قد انتخب في اجواء حربية، اين نحن منها اليوم، قبل ستة اشهر تقريبا من انتهاء ولاية الرئيس آنذاك، استنادا الى تعديل دستوري.

وفوق ذلك، ان الدستور قد لحظ مهلة محددة وصارمة لانتخاب الرئيس ولا يمكن لمجلس النواب الاطاحة بها، خاصة وان مواد الدستور تتعلق بالنظام العام ويجب احترامها وتقديسها، وانه بعد انقضاء المهلة يفقد المجلس النيابي صلاحياته في انتخاب الرئيس، وسيضطر حينئذ الى ادخال تعديل دستوري على المادة 73 منه.

ثم نسأل، من سمح لمكتب المجلس النيابي بتحديد نصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بأكثرية الثلثين من مجموع اعضاء هذا المجلس؟! فهذه هرطقة قانونية صارخة للمادة 49 معطوفة على المادة 34 دستور، لأنّ هاتين المادتين معًا يحدّدان النصاب القانوني لانعقاد المجلس النيابي أي بالأكثرية المطلقة وليس بأكثرية الثلثين من مجموع أعضاء هذا المجلس، اللهم ما عدا الرغبة لدى البعض في تعطيل انتخاب الرئيس وتسجيل وصمة عار على جبين الشعب اللبناني بصورة عامة واهانة الطائفة المارونية بصورة خاصة.

ثم نسأل ايضا، هل يجوز ـ وبكل احترام ـ استنادا الى مجمل احكام الدستور وبالتحديد المواد المتعلقة بصلاحيات رئيس الجمهورية، ان يترشح الى هذا المنصب اشخاص لا يتمتعون بصفة: رمز وحدة الوطن والسهر على احترام الدستور والميثاقية والتجرد والحياد والحكمة القصوى في ضبط التوازن بين جميع فئات الشعب وبين جميع مؤسسات الدولة؟!

ويخطىء من يقول ان الفراغ افضل من رئيس ضعيف! فهذا كلام غير مسؤول، ولا يقبله دستور الامة اللبنانية، لان الضعف الحقيقي يكمن في تراخي وتخاذل بعض النواب عن القيام بواجبهم الدستوري، اما اذا كان لدى هؤلاء الرغبة في اختيار رئيس قوي، حسب زعمهم، فليحزموا امرهم في انتخاب هذا الرئيس وفق المهلة المحددة في المادة 73 دستور، علما، بان الرئيس القوي، من رجال الطائفة المارونية الغنية بمثقـفيها، هو الذي يخاف الله واليوم الاخير ويحترم شعبه ودستور امته والميثاق، ويؤمن بوحدة الوطن واستقلال لبنان وسلامة اراضيه، ويدافع من اجل الحفاظ على هذه المبادىء حتى آخر رمق، وينتهج سياسة عادلة ورشيدة دون تصلب في باطل او عناد اعمى في التفكير او مكابرة على حق. ولا يخفى على البصائر النيرة ان على رؤساء الكتل النيابية تقديم الدعم لرئاسة الجمهورية دون السعي وراءها.