"بعض المسيحيين" طائفة الشكل، جماعة الكلام الجميل.

الخطاب الشعبوي يأخذهم الى النشوة القاتلة ولا يرضون عنه بديلاً.

بعض الشارع يقود قادته في مشهد غريب.

يخسرون الرهان تلو الرهان ويستمرون مراهنين.

تختلف الدول فيما بينها فيؤيدون في كل مرة المحور الذي امتهن سياسة البيع والشراء والتضحية بأدواته فيبيعهم عند أول تسوية.

تمرّ عليهم التسويات كأنها محادل، فتطحنهم وتهرس عظامهم، ثم بعد فترة تعود تلك الدول لتختلف حول موضوع آخر فيسحبونهم من تحت المحدلة وينفضوا عنهم غبار المعركة السابقة، الا أنهم بعد فترة تجدهم يرتمون مجدداً تحت محدلة تسوية أخرى ولا يتعلمون.

للأسف، هم يراهنون ونحن جميعنا ندفع الثمن.

تعالوا لا نفتح صفحات الماضي ورهاناته. تعالوا نعرض ما يجري اليوم.

من ينظم خطط المسيحيين وخطواتهم؟ لا أحد.

من يرسم الأهداف الحقيقية ويميز الجوهر من القشور؟ لا أحد.

مؤسساتنا المدنية مهترئة وأصاب "عجزتها" داء الظهور الفارغ.

فهل عدم انتخاب رئيس لما تبقى من هذه الجمهورية هو سبب الأزمة أو نتيجتها؟

هل المطلوب معالجة النتيجة بمعزل عن الأسباب؟

هل مقاطعة نواب هذا الفريق جلسة إقرار قانون انتخابي كان من المقدر له أن يعيد المسيحيين شركاء فعليين في الدولة والحكم هو "واجب وطني" ومقاطعة نواب آخرين جلسة انتخاب رئيس لن ينتخب أو في أحسن الأحوال رئيس فارغ يدير الفراغ هو "خيانة وطنية".

هل عدم المشاركة في مهزلة ايصال رئيس يحبطنا ستة سنوات جديدة على شاكلة بعض الأسماء التي نقرأها هنا وهناك أصبح عار بدل أن يكون واجبا؟ من هم هؤلاء من المعادلة مع احترامنا لنجاحات بعضهم في مجالات لا دخل للسياسة فيها؟ كيف كانت عهود أمثالهم منذ الاستقلال وماذا انتجت؟

لا يا إخوان. الموضوع اليوم أبعد من شعارات موروثة وأعمق من مقاطعة جلسة وأكثر من انتخاب رئيس.

الموضوع اليوم هو ضياع على المستوى المسيحي وأزمة حكم وعقم نظام على المستوى الوطني.

المشكلة اليوم هي عدم إحترام الميثاق وسوء تطبيق الصيغة، والمصيبة أن ما من أحد يرفع صوته ويخبط يده على الطاولة ويرسم خطا فاصلا بين مرحلتين.

كلنا متأكد أن الحلّ اليوم خارجي بامتياز كونه لغاية هذه اللحظة لم يجمع اللبنانيون على حلّ داخلي.

فكما كانت حرب العراق الأولى مسبب تسوية عام 1990، كذلك ستكون حرب سوريا ونتيجتها مسبب التسوية القادمة.

وكما كان البعض يعد نفسه بنصر عسكري لرعاته في سوريا يترجمه نصراً سياسياً في لبنان جاهر فيه إعلامياً، سيجد نفسه مضطراً لتلقي خسارته السياسية التي ستعقب إعلان فشل الحرب على سوريا قريباً.

فقبل أن يفوت الأوان، تعالوا لنتصارح في بيتنا المسيحي أولاً ونعترف أن في إنقسامنا اليوم سندفع الثمن المكرر، ولنتفق على آلية الحل التي تصلح أن نبدأها من تحت الى فوق كما ومن فوق الى تحت.

فإما أن نبدأ من تحت ونقر قانوناً انتخابياً يصحح التمثيل في المجلس النيابي ويعيد المسيحيين شركاء في السلطات كافة، أو أن نبداً من فوق وننتخب الرئيس القوي القادر أن يحمل بقوته طائفته الى مستوى المشاركة الفاعلة ويصحح التمثيل النيابي والوزاري والوظيفي. فلا خيار ثالث متاح. إما القانون الانتخابي العادل وإما الرئيس القوي. وحليفكم ينتظر موافقتكم لينتخب الرئيس القوي أو على الأقل هذا ما يقوله، فجربوه كما جربكم في تطيير القانون الأرثودوكسي.

فسواء سلكنا درب الحل في الاتجاهين، من القانون الانتخابي الى الرئيس القوي أو العكس، تبقى مشاركتكم واجب وضرورة. فلمرة واحدة، إعملوا مصلحة الطائفة والوطن واتركوا الشعارات الكبرى التي تقتل المسيحيين.

* قيادي في تيار "المردة"