تحتفل مدينة زحلة اليوم بعيد أعيادها "​خميس الجسد​ الإلهي"، وهذا العيد الذي أصبح تقليداً سنوياً يعمّ المدينة نهار الخميس الذي يلي عيد العنصرة.

ويذكر المؤرّخون أنّ مرض الطاعون انتشر في عدد من المناطق اللبنانية بينها مدينة زحلة في العام 1825 وفتك بالكثير من أبنائها، فأمر مطران المدينة أغناطيوس عجوري وقتذاك بالتطواف بالقربان المقدّس حول المدينة وفي شوارعها الداخلية وزيارة مرضى الطاعون وتقديم الصلاة والبخور، فكانت الأعجوبة الكبيرة وانقطاع دابر ذلك الوباء، ونجت المدينة من كارثة، في حين لم تنجُ منه مناطق أخرى.

ولشكر الله على هذه النعم، استمرّ الزحليّون في إقامة عيد خاص للجسد الإلهي، سنة بعد سنة، منظّمين احتفالات دينية ضخمة وتطوافاً كبيراً بالقربان المقدّس يجوب كل شوارع المدينة، في أجواء من الإيمان والصلاة والخشوع.

ففي مثل هذا اليوم من كل عام تبدأ القداديس في الرابعة فجراً في خمس كنائس لتنطلق بعدها مواكب الجسد فتجوب شوارع وأحياء المدينة لتلتقي التطوافات الخمس أمام سراي زحلة.

وينطلق موكب سيّدة النجاة يتقدّمه رئيس أساقفة زحلة والبقاع للروم الملكيّين الكاثوليك المطران عصام يوحنا درويش سالكاً طريق سيّدة النجاة-مار الياس نزولاً إلى البولفار. وينطلق الموكب الثاني من كنيسة مار الياس حوش الأمراء يتقدّمه راعي أبرشيّة زحلة للموارنة المطران منصور حبيقة سالكاً طريق حوش الأمراء مدخل المدينة وصولاً إلى البولفار. وينطلق الموكب الثالث من كنيسة السيّدة للسريان الأرثوذكس يتقدّمه راعي أبرشيّة زحلة والبقاع للسريان الأرثوذكس المطران بولس سفر سالكاً طريق حيّ السيدة-المعلقة ليلتقي مع الموكب الرابع المنطلق من كنيسة مار جرجس-المعلقة يتقدّمه كاهن الرعيّة ليسلكا سويّاً طريق المعلقة-حوش الزراعنة فيتّحدا مع موكب الروم الأرثوذكس المنطلق من كنيسة القديس نيقولاوس في حيّ الميدان والذي يتقدّمه راعي أبرشيّة زحلة والبقاع للروم الأرثوذكس المتروبوليت اسبيريدون خوري لتسلك المواكب الثلاث طريق الميدان باتجاه السراي الحكومي في زحلة، فتتوحّد المواكب الخمس أمام صمدة الجسد الرئيسيّة حيث يلقي المطران عصام يوحنّا درويش كلمة في المناسبة.

يُذكر أن الكثير من المؤمنين يقيمون صمداتٍ أمام منازلهم للتبارك من الجسد الإلهي.

بعد إعطاء البركة للمؤمنين أمام السراي، وكلمة المطران درويش، ينطلق الموكب الموحّد فيشقّ بولفار المدينة بالآلاف من المؤمنين باتجاه مار الياس دير الطوق وحارة الراسيّة وصولاً إلى كاتدرائيّة سيّدة النجاة. ولدى وصول الموكب إلى سيّدة النجاة، والذي تتقدّمه فرق الموسيقى وحملة الرايات والفرق الكشفيّة والأخويّات وطلاّب المدارس، يُقام قدّاس احتفال يترأسه المطران درويش.

يشارك في تطواف خميس الجسد الإلهي، إضافة إلى الآلاف من الزحليّين، الكثير من المؤمنين الذين يؤمّون مدينة زحلة من مختلف المناطق البقاعية واللبنانية، والمئات من الذين يقصدون زحلة في هذا اليوم من مناطق عديدة في سوريا والأردن وبعض البلدان العربيّة، كذلك يحضر خصيصاً الكثير من الزحليّين من بلدان الاغتراب للمشاركة في التطواف.