تتوزع الاهتمامات الدبلوماسية البريطانية بين متابعة الوضع اللبناني بكافة جوانبه، وبين الاهتمامات الإقليمية والدولية، وخصوصاً المفاوضات النووية الإيرانية الدولية والأوضاع في سوريا والعراق وعملية التسوية والعلاقات السعودية-الإيرانية وملف «المجاهدين القادمين من أوروبا إلى سوريا والخطر الذي يمكن أن يشكوه مستقبلاً على الأمن الأوروبي والدولي.

ويؤكد الدبلوماسيون البريطانيون الاهتمام الخاص بلبنان والعمل لدعم جهوده الرسمية والأهلية لمعالجة ملف اللاجئين السوريين وتقديم المساعدات لهم، اضافة إلى دعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية، مع متابعة معركة الانتخابات الرئاسية في ظل اصرار بريطاني «على ضرورة ان يكون الرئيس اللبناني الجديد من صنع لبناني وعدم انتظار التطورات الدولية والإقليمية لحصول الانتخابات الرئاسية». وقد تم فتح مكتب خاص في السفارة البريطانية في بيروت لمتابعة الوضع السوري لأن السفارة البريطانية في دمشق مقفلة.

أما على صعيد المفاوضات الإيرانية-الدولية حول الملف النووي، فيلحظ الدبلوماسيون البريطانيون تقدماً كبيراً وأجواءً إيجابية جداً في المفاوضات، وان كان الاتفاق النهائي يتطلب مفاوضات شاقة ومعالجة العديد من النقاط التفصيلية.

وحول سوريا يرى الدبلوماسيون أن الحل الوحيد يأتي عبر الحل السياسي والحوار الذي يشمل جميع الأطراف وان الانتخابات الرئاسية لن تقوِّي موقع الرئيس بشار الأسد الذي لا يمكن ان يكون جزءاً من الحل في المستقبل رغم صعوبة ذلك باعتراف البريطانيين.

فكيف يقرأ الدبلوماسيون البريطانيون الأوضاع اللبنانية؟ وماذا عن رأيهم بالتطورات الإقليمية والدولية؟

الوضع اللبناني من منظار بريطاني

خلال لقاء خاص في بيروت مع عدد من الدبلوماسيين البريطانيين المعنيين بالأوضاع في المنطقة وبالملف السوري، ركز هؤلاء على الأوضاع الدولية والإقليمية، لكن كان للبنان نصيب من الاهتمام، ومما قاله هؤلاء: ان الموقف البريطاني والدولي يؤكد ان الانتخابات الرئاسية يجب ان تجري بأسرع وقت، وان على اللبنانيين ان يدركوا ان الرئيس يجب ان يكون من صُنع لبنان وان لا ينتظروا حصول اتفاقيات دولية أو إقليمية، مع أهمية انعكاس هذه الاتفاقيات على الأمن والاستقرار في لبنان، وان تحسن العلاقات السعودية-الإيرانية سيكون له انعكاس ايجابي على لبنان، لكن هذه العلاقات تحتاج لوقت طويل لمعالجة الملفات الساخنة في ما بين الدولتين.

وأوضح الدبلوماسيون أن بريطانيا قدَّمت وستقدِّم مساعدات مالية وعينية للبنان، إن من أجل معالجة ملف اللاجئين السوريين أو على صعيد دعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية، وان بريطانيا تشارك في المؤتمرات الداعمة للبنان وهناك تعاون وتنسيق مع الحكومة اللبنانية وكافة المؤسسات اللبنانية.

وأبدى الدبلوماسيون مخاوفهم من انعكاس الوضع السوري على لبنان وكذلك التطورات العراقية وركزوا على ملف «الجهاديين الإسلاميين الذين يقاتلون في سوريا والقادمين من أوروبا، وقالوا «ان الحكومة البريطانية ودول الاتحاد الأوروبي تهتم كثيراً بهذا الملف وتم تشكيل لجنة خاصة لمتابعته وهناك متابعة لكيفية سفر هؤلاء وطرق عودتهم الى بريطانيا وأوروبا، وستتم معالجة هذا الملف من كافة الجوانب».

ورغم القلق العام من التطورات في المنطقة فإن الدبلوماسيين البريطانيين كانوا مرتاحين لمعالجة الملفات الأمنية الساخنة في لبنان وأكدوا أهمية الحفاظ على الاستقرار رغم كل ما يجري في المنطقة.

الأوضاع الإقليمية والدولية

لكن كيف ينظر الدبلوماسيون البريطانيون الى التطورات الإقليمية والدولية؟

يركز الدبلوماسيون على أهمية المفاوضات الإيرانية-الدولية حول الملف النووي الإيراني ويقولون ان هذه المفاوضات حققت تقدماً مهماً وان الأجواء إيجابية وإيران تتعاطى بجدية مع هذه المفاوضات وهناك احتمال كبير بتوقيع الاتفاق النهائي في شهر تموز المقبل، لكن لا تزال هناك بعض النقاط التفصيلية التي تحتاج الى مفاوضات شاقة وصعبة وكل الاحتمالات واردة، وإن الاتصالات الأميركية-الإيرانية المباشرة تساعد على توقيع الاتفاق، كما ان بريطانيا تتابع اتصالاتها مع إيران والأجواء معها إيجابية رغم الاختلاف معها بشأن دورها السلبي في سوريا وعلى إيران أن تساعد في حل الأزمة السورية بدل تعقيدها.

أما بشأن الوضع السوري فيعتبر الدبلوماسيون ان الانتخابات الرئاسية التي أجراها النظام لن تؤثر في الموقف السلبي من الرئيس بشار الأسد، وان الحل الوحيد في سوريا العودة الى طاولة الحوار ووضع آلية واضحة لإقامة النظام السياسي الجديد على قاعدة بيان مؤتمر جنيف-1 مع وقف أعمال العنف والسماح للمؤسسات الدولية بالوصول الى كافة المناطق.

ولا يرى الدبلوماسيون البريطانيون دوراً لبشار الأسد في مستقبل سوريا رغم اعترافهم بأنه يمثل شريحة شعبية في سوريا وليس لديهم وضوح حول كيفية الوصول الى حل سياسي.

وحول الأوضاع في مصر يعتبر الدبلوماسيون أن الحكم الجديد لا يستطيع ان يحقق نتائج ايجابية دون اشراك جميع القوى السياسية بما فيها الإخوان المسلمون وإذا لم يتم وقف الاعتقالات، وأن المطلوب ارساء حكم رشيد قائم على احترام حقوق الإنسان.

وحول اللجنة التي شكلت في بريطانيا بشأن دور الإخوان المسلمين، أوضح الدبلوماسيون ان هذه اللجنة مستمرة في عملها ولم يتم اتخاذ أي موقف حتى الآن والاتصالات مع كل القوى السياسية في مصر مستمرة.

وأشاد الدبلوماسيون بتشكيل الحكومة الفلسطينية وعبروا عن دعمهم للحكومة ودعوتهم للعودة إلى المفاوضات السلمية رغم اعترافهم بالصعوبات في هذا الإطار.

وعن أوضاع العراق التي كانت تحمل أخباراً عن تقدم «داعش» وسقوط بعض المدن بيد المجموعات الإسلامية المسلحة، لم يكن لدى البريطانيين مواقف محددة لأن الأزمة كانت في بداياتها. لكن هناك تخوف كبير لديهم من التطرف والمجموعات الإسلامية المتشددة.

وفي الختام يرى الدبلوماسيون البريطانيون ان الأسابيع القليلة المقبلة قد تحمل أخباراً مهمة، وخصوصاً في ما يتعلق بالمفاوضات الإيرانية الدولية وعلينا انتظار ما سيحصل.