لم يكن خافياً على الأجهزة الأمنية اللبنانية أن بعضاً من أفراد عائلة العميل الفار الفلسطيني حسين خطاب في لبنان، يتواصلون معه من مكان إقامته في فلسطين المحتلة، التي لجأ إليها قبل ثماني سنوات عقب انكشاف أمر شريكه العميل محمود أبو رافع الذي اعتقل في حزيران من عام 2006. التواصل الذي «لم يكن بمنأى عن التنصت والرصد» بحسب مصدر أمني، كان يحصل عبر الهاتف أو برنامج سكايب بين خطاب وزوجته إيمان أ.

وأولاده الثلاثة وآخرين من عائلته المقيمة بين عين الحلوة ومدينة صيدا. فلماذا تغاضت الأجهزة سابقاً عن ذلك التواصل؟ ولماذا قررت استخبارات الجيش في الجنوب، فجر أمس، دهم منزله في الفوار قرب المخيم وتوقيف إيمان واقتيادها إلى ثكنة محمد زغيب حيث كانت لا تزال موقوفة حتى ساعة متأخرة من ليل أمس؟

كانت زوجة خطاب قد لحقت به إلى فلسطين المحتلة وعاشت معه أشهراً في تل أبيب

مصدر أمني رجح لـ«الأخبار» أن يكون العدو «لا يزال يستخدم خطاب لتجنيد عملاء جدد أو التواصل معهم مباشرة أو عبر عائلته»، وذلك انطلاقاً من أنه ابن المخيم ويشكل مرجعية معلوماتية، أمنياً وسياسياً واجتماعياً واقتصادياً، كوّنها من نشأته فيه ثم شغله لمنصب مسؤول العلاقات العامة في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة التي نسج من خلالها صداقات داخل المخيم وخارجه. فضلاً عن أنه شقيق رئيس الحركة الإسلامية المجاهدة الشيخ جمال خطاب الذي يعد أعلى مرجعية دينية داخل المخيم ومرجعية لدى الأجهزة الأمنية اللبنانية.

العدو استفاد من مميزات خطاب الشخصية والعائلية والحزبية، فجنده منذ سنوات ولم يتخلّ عنه بعد سقوط رافع عقب انكشاف دورهما في عمليات اغتيال في لبنان، كان آخرها اغتيال الأخوين المجذوب في صيدا في أيار 2006. بل أمن لخطاب هروباً سريعاً وآمناً قبل إلقاء القبض عليه، واستضافه في الأراضي المحتلة حيث قدّم له منزلاً وراتباً شهرياً. المصدر ذكّر بقيام استخبارات الجيش أواخر شهر آب الفائت بتوقيف الفلسطيني سعيد م في صيدا، للاشتباه في تعامله مع العدو، قبل أن يطلق سراحه لاحقاً. التوقيف استند إلى معلومات وردت بعد أيام على تفجيرات الضاحية الانتحارية، علماً بأنه يعمل موظفاً فنياً في أحد المستشفيات ويقيم داخل المخيم ويتردد إلى مسجد النور الذي يرعاه الشيخ جمال خطاب.

إشارة إلى أن الجيش دهم منزل العميل خطاب عقب فراره وصادر منه وثائق وأقراصاً مدمجة وخرائط جوية لمناطق في لبنان وسوريا وأجهزة تشفير وجهاز إرسال كان داخل دُرج مكتبه. قال الخبراء العسكريون حينها إن تلك التقنيات ليس لها مثيل في لبنان. اللافت أن زوجته لحقت به إلى الأراضي المحتلة مع أولادها الثلاثة من طريق مصر. مكثت في تل أبيب أشهراً قبل أن تقرر العودة بعد خلافها معه. إثر عودتها، أوقفتها الأجهزة الأمنية وأحيلت على القضاء العسكري قبل أن يفرج عنها.