فجأة وبسحر ساحر، إستنفرت الدولة اللبنانية كل ما لديها من أجهزة أمنية أمام سجن روميه المركزي. إتخذت الإجراءات الإستثنائية وأقيمت الحواجز الإضافية تحت حجة أن هناك معلومات تتحدث عن إستهداف السجن بعملية إرهابية تمهّد لتهريب السجناء الإسلاميين. على قاعدة الإحتياط واجب، يمكن وصف ما حصل أمام السجن بالتدابير الوقائية الممتازة في التوقيت المناسب، ولكن عندما تُترك الهواتف الخلوية الذكية بين أيادي السجناء الإسلاميين وغيرهم خلف الزنزانات، وسط معلومات تفيد بأن بعضاً من هؤلاء يدير عمليات إرهابية من داخل السجن، عندها تدرك تماماً أن ما حصل هو فصل من مسرحية تعرض على مسرح رومية عند بداية كل موسم أمني.

وفي هذا السياق تسأل المصادر المتابعة لملف سجن رومية، "إذا كانت القوى الأمنية لا تريد اليوم سحب الهواتف الذكية أقله من المبنى "ب" حيث الموقوفون الإسلاميون، أو إذا كانت غير قادرة على تنفيذ مثل هذا القرار وسط غياب الغطاء السياسي اللازم له، فلماذا لا تلجأ الى تركيب أجهزة تعطيل الإرسال داخل السجن وعندها يفقد السجناء القدرة على التواصل مع الخارج من خلال المكالمات أو الفايسبوك والواتساب والفايبر والتانغو كما السكايب وكل وسائل التواصل التي تؤمنها لهم هذه الهواتف عبر خدمة 3 G؟"

"نعم ليست هناك نية أو قرار سياسي بوضع حد للإرهاب في سجن رومية المركزي"، يقول المتابعون، والدليل على ذلك عملية التفتيش الأخيرة التي شهدها المبنى في نهاية العام . والى هذه الواقعة يعود المتابعون واصفين ما حصل بالمهزلة لأن ما إعتبرته قوى الأمن تفتيشاً، تمّ بالتنسيق الكامل والمسبق بين قوى الأمن الداخلي والسجناء الإسلاميين، ولو كان هناك قرار جدي بالتفتيش، فالعملية كان يجب أن تنفذ بالسرية التامة وعن طريق المفاجأة كل ذلك من دون أن يكشف وزير الداخلية والبلديات السابق مروان شربل عنها قبل أربع وعشرين ساعة وبعيداً كل البعد من منطق الحوار والمفاوضات التي دارت بينه وبين السجناء. يومها تركت أجهزة الهواتف الخلوية المنتشرة بالمئات بين أيادي الموقوفين الإسلاميين مع أصحابها. وعن المضبوطات التي إقتصرت على بعض الآلات الحادة، تسأل المصادر عينها "لماذا لم تعرض قوى الأمن المضبوطات التي جمعتها خلال عملية التفتيش التي حصلت عبر شاشات التلفزة كما جرت العادة؟ هل هناك خجل بذلك؟ أم أن عرضها يفضح المسرحية التي لعبت على خشبة مسرح السجن المركزي؟"

هذا في عهد الوزير شربل، أما في عهد خلفه نهاد المشنوق، فالمشهد لن يتغير أبداً. وفي هذا السياق تتخيّل مصادر إسلامية داخل السجن السيناريو التالي فيما لو قررت القوى الأمنية تفتيش مبنى الإسلاميين:

"قبل عملية التفتيش بساعة أو أكثر، يبلغ الموقوفون الإسلاميون من قبل الدرك بما سيحصل، تتوقف حركة الإتصالات مع الخارج، ويستمر ذلك حتى إنتهاء العملية، كل ذلك بعد طمأنة السجناء ذوويهم برسالة قصيرة أن "عملية تفتيش ستحصل، سنغيب خلالها عن السمع لساعات على أن نعود بعد إنتهائها".

إذاً لطالما إنتظر اللبنانيون طويلاً دخول الدولة الى المبنى "ب" في سجن روميه المركزي حيث يتمتع الموقوفون الإسلاميون بإمتيازات تجعلهم في فندق فخم، ولكن ليس بالطريقة التي نفذت بها عملية التفتيش الأخيرة، ولا بمزيد من الحواجز أمام مدخل السجن، بل بخطة مُحكمة تجعل من السجن سجناً وتسقط عنه تسمية "فندق الخمس نجوم".