ربما نسمع بعد شهر او شهرين، او ربما سنة حتى بأن رجلا قتل زوجته وآخر كان أكثر عقلانية فطلقها، وربما أراد ثالث ان ينتقم فتركها تموت عذابا بحرمانها من اولادها او بأية وسيلة اخرى.

وعندما نبحث عن السبب يتبين ان جريمة القتل كانت جريمة شرف- مع العلم انني لست بصدد تبرير ذلك- وان الثاني والثالث والرابع ...اكتشفوا خيانة زوجاتهم . عندها نشمت بالاحياء منهن وندعو على المقتولة بجهنم وبئس المصير، ولكن قبل ان نفعل ذلك بل وقبل ان يحصل ما نتخيله هل لنا ان نبحث عن الاسباب التي ان بقينا غافلين عنها فإنها حتما ستوصلنا الى هذا المشهد المأساوي؟.

يأتي على رأس هذه الاسباب وسائل الاعلام التي صارت مؤسسات تجارية تقبل بما يدر لها ارباحا اكثر وصارت وسائل لمخاطبة الجانب الحيواني عند الانسان، وآخر إبداعاتها مسلسلات رمضانية لا تتحدث عن شهر رمضان، ولا حتى عن الحب، ولا عن اخطاء المراهقين ولا تمرر لنا مشاهد الغزل العادية، إذ على ما يبدو فإن هذا لم يعد يشفي غليل شياطينهم بل صارت مواضيعها "زوجات يخن ازواجهن"، ويتفنن هذا المؤلف وذاك المخرج بل ربما يتبارون في انتاج مسلسل فيه افظع صور الخيانة واكبر عدد منها وتصوير النساء كسلع تباع لأجل غايات شخصية وعملية، والانكى من كل ذلك انهم يظهرون الخائنة بمظهر المظلوم الذي يحتاج ان نحتضنه ونطيب خاطره وكأن الخطأ الذي ارتكبته انها "كسرت صحنا" في منزل زوجها اثناء غسله، ويتعمدون في بعض الحالات ان يظهروا في نهاية المسلسل بأن الامور قد تحلحلت وان الخطأ الذي أُرتكب قد تم اصلاحه بأقل الاثمان فيستسهل من لديه القابلية على فعل الخيانة ارتكاب فعلته على قاعدة : "اكبر أتلة بربع ساعة".

ان مشكلة هذه المسلسلات انها تدخل الى بيوت الناس، ويتابعها افراد العائلة بأكملهم (هنا لن نتحدث عن دور الاهل المطلوب لمواجهة هذه الظواهر) ويتغذى ابناء الاسر بهذه الثقافة المسمومة البعيدة كل البعد عن الدين والقيم والمبادئ بل وعن الانسانية، فأين هي الرقابة؟ اين هو وزير الاعلام؟ اين هو المجلس الوطني للاعلام؟ اين هم وزراؤنا المحترمون ونوابنا الاجلاء وهل يقبلون بهذا الواقع؟ هل يرضون بأن تتربى الاجيال ومنها اولادهم على ثقافة الخيانة وان تصير الخيانة الزوجية وجهة نظر؟

لقد عمل الاعداء بشتى الوسائل على اركاعنا فلم يتمكنوا فلجأوا الى الحرب الناعمة التي تدمر مجتمعاتنا من الداخل وقد جندنا انفسنا جميعا لخدمة هدفهم، لبنانيين وسوريين ومصريين اباء وامهات ومسؤولين ووسائل اعلام عن علم في كثير من الحالات او عن غير علم.

وهنا الفت الى انه في نهاية المطاف فإن المسؤولية مشتركة بين الجميع واخاطب الاهالي بشكل خاص، لو اراد احد قتل ولدكم فهل تسمحون له؟ بالطبع لا، اذا كيف تسمحون لهذه الثقافات ولهذه الوسائل ولهؤلاء المنتجين والمخرجين والممثلين وغيرهم بأن يدمروا ابناءكم من الداخل؟ ولعمري هذا اشد من القتل.

ورد في الحديث الشريف ما مضمونه: في اخر الزمان القابض على دينه كالقابض على الجمر. وورد عن رسول الله "ص" ما مضمونه: .. كيف بكم اذا فعلتم المنكر وتركتم المعروف فقيل له او يكون ذلك يا رسول الله قال كيف بكم اذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف .. الى ان قال كيف بكم اذا رأيتم المعروف منكراً والمنكر معروفاً.

اعاذنا الله تعالى وجميع الواعيين من شياطين الجن والانس.