لم يجد أهالي بلدات وقرى في الكورة وأعالي ​الضنية​ سوى تنظيم حراسات ليلية لتجنب تغلغل مسلحين متطرفين قد يتسللون في أيّ لحظة من لحظات التخلي إثر انتشار شائعات في مناطق شمالية عديدة عن احتمال قيام مجموعات تكفيرية بشنّ هجمات على قرى شمالية للسيطرة عليها ومن ثمّ أخذ سكانها رهائن للإمساك بالشمال قاعدة لتأسيس إمارة "داعشية" على غرار ما يحصل في العراق.

لم تهدأ فاعليات كورانية من العمل لتنظيم حراسات، وقد اندفع الأهالي من كلّ الانتماءات السياسية على مختلف مشاربها واتجاهاتها لرص الصفوف ومواجهة الخطر الداهم الذي لن يوفر أحدًا في حال تسلله وتمكنه من الدخول إلى مناطق الشمال الذي لا يزال هدفا للمجموعات التكفيرية ومطمعًا لهم على اعتبار وجود بيئة حاضنة لهذه المجموعات الاصولية المتطرفة.

ولا تقتصر الحراسات الليلية التي يتناوب عليها الاهالي على الكورة وحسب بل تشمل مناطق في الضنية وأخرى في عكار خصوصًا تلك التي كانت تحت أضواء المجموعات الارهابية لا سيّما منها البلدات المسيحية والعلوية المنتشرة ما بين دريب عكار والسهل المحاذي للحدود اللبنانية-السورية شمالا.

وتوضح مصادر الأهالي في الكورة أنّ تنظيم الحراسة الليلية جرى بالتنسيق مع البلديات والجيش والقوى الامنية على غرار ما حصل في القرى العكارية الحدودية وأنّ هذه الحراسة التي ترافقها دوريات مراقبة مزودة باسلحة واجهزة بدأت منذ أن حامت الشكوك حول انتشار مسلحين في أطراف قرى كورانية أبرزها كفتون ومن ثم توقيف عناصر بين كوسبا والمغر يشتبه بعلاقتهم بمنظمات ارهابية متطرفة.

واللافت أنّ الكورة في الآونة الاخيرة تشهد مداهمات متواصلة في أماكن تجمعات النازحين السوريين وهي تدابير احترازية تجري منذ احداث عرسال اثر توقيف السوري عماد أحمد جمعة.

وتعتبر الاوساط الكورانية أنّ تنظيم الحراسة الليلية تمّ على مبدأ "كلّ مواطن خفير" كي لا تتكرر حادثة عرسال، وما حصل في الكورة أيضًا يحصل في أعالي جرود الضنية حيث نقاط حراسة ومراقبة خشية تسلل "داعش" و"النصرة" بعد انتصار الجيش اللبناني في حربه ضد الارهاب في عرسال وتمكنه من السيطرة على المعابر الرئيسية للمجموعات المسلحة والتي بقيت حتى اللحظات الاخيرة معبرا لعبور المسلحين ذهابا وايابا منذ اندلاع الازمة السورية.

في أعالي الضنية، الجهوزية العسكرية للاهالي على أعلى مستوياتها وهي تصون أهمّ الممرات التي تربط ما بين جبال عكار وجبال الضنية والهرمل وتتناوب مجموعات من الاهالي على السهر في تلك الأمكنة بعد ورود معلومات عن احتمال تسلل مجموعات ارهابية والتغلغل في القرى الشمالية لتشكيل خلايا وعصابات من بينها عناصر نسائية مدربة جيدا لتنفيذ مهمات نوعية الامر الذي اقتضى تدابير رفيعة المستوى.

ويسود اعتقاد أنّ فشل المخطط الداعشي في عرسال أحبط المراحل التالية التي كانت تحمل خطط السيطرة على الشمال وإقامة الامارة الاسلامية، ولهذه الأسباب علت أصوات سياسية تدافع عن إرهابيي "داعش" و"النصرة" لأنّها وجدت فيها فرصة ترعب بهم الأخصام والحلفاء على حد سواء.