تجلس الفلسطينية هديّة النجار على ركام منزلها المدمّر في بلدة خزاعة شرق مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، هي وزوجها وأبناؤها الأربعة عشر، وقد نصبت خيمة صغيرة بجانبه تقول إنها تتوقع أن تعيش فيها لسنوات في ظل عدم وجود أفق سياسي للبدء في إعادة إعمار قطاع غزة المدمر.

النجار، التي بدت على وجهها ملامح البؤس والحسرة على فقدان منزلها الذي كان يأويها هي وجميع أفراد أسرتها والمكون من ثلاثة طوابق وهي تشاهد كيف تحول إلى ركام ساوته الطائرات الإسرائيلية بالأرض، تتذكر شكله الهندسي وألوانه الزاهية وغرفه الواسعة وأدق تفاصيل حياتهم داخله منذ سنوات.

المنزل أصبح ذكريات..

وفي حديث إلى "النشرة"، تقول النجار (45 عاماً): "كنّا نسكن في منزل وننعم بمساحته الواسعة ولونه وتفاصيله الجميلة واليوم أصبحنا نسكن في خيمة وبلا مأوى، علمًا أنها لا تتسع لنا كلنا وبالكاد نجلس فيها في وقت الضرورة بسبب شدة ارتفاع الحرارة فيها إذ أنها مصنوعة من النايلون".

وتضيف: "دمروا منزلنا وفقدنا كل شيء فيه، لم نستطع أن نأخذ معنا شيئاً من حاجياتنا حتى ملابسنا بعد أن شردنا الاحتلال عندما بدأ مرحلة الاجتياح البري للمناطق الشرقية لقطاع غزة".

وتبدو الفلسطينية النجار غير متفائلة بالبدء في إعمار قطاع غزة "إذ أننا على أبواب فصل الشتاء ولم يتحقق فتح المعابر الإسرائيلية ولم نلحظ الاجراءات الميدانية وإدخال مواد البناء والاسمنت، للبدء في إعادة الإعمار، أو حتى إزالة ركام منازلنا المدمّرة".

وتتابع: "نحن قدمنا وضحينا بكل ما نملك، ومن غير المعقول ألا يحدث شيء حتى الآن في إعادة الإعمار".

ودمّرت قوات الاحتلال الإسرائيلي حوالي عشرة آلاف وحدة سكنية بشكل كامل، وقرابة ثمانية آلاف وحدة أخرى بشكل جزئي لتصبح غير قابلة للسكن، بالإضافة إلى المدارس والمستشفيات والمساجد والمصانع والمراكز المختلفة والمنشآت الاقتصادية الحيوية.

آمال بإعادة الإعمار..

حال النجار لا يختلف عن حال كثير من العائلات في قطاع غزة، التي أصبحت مشردة وبلا مأوى، إذ لا يزال ما يقارب 52 ألف شخص موجودين داخل مراكز الإيواء التي فتحتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا".

"دمروا حياتنا وأرضنا وسلبوا كل ما نملك"، هكذا وصف الفلسطيني جهاد فرج (43 عاماً) الحال وهو يتحدث لـ"النشرة" من فوق أنقاض منزله الذي دمرته قوات الاحتلال الإسرائيلي في منطقة "الشعف" شرق حي الشجاعية شرق مدينة غزة، والذي يبعد فقط عن الحدود الإسرائيلية اثنين كيلو متر، لكنه عبّر عن أمله في أن تشهد الأيام القادمة بدءًا حقيقياً في مشروع إعادة إعمار قطاع غزة.

ويقول فرج: "أنا متفائل بإعادة إعمار منزلي، ونتمنى ألا يتركونا هكذا بلا مأوى، فأنا استأجرت إحدى الشقق داخل مدينة غزة بمبلغ باهظ، وهي أيضاً غير صالحة تماماً للسكن لكنني مضطر، فأنا أقطن على الحدود الشرقية التي دائماً تتعرض للقصف وإطلاق النار والاحتلال يمكن أن يرتكب أي حماقة بحقنا رغم اتفاق وقف إطلاق النار".

ويتذكر "أبو أحمد" الذي أصيب بكسر في قدمه خلال العدوان أرضه التي كانت تزهو بأشجار الزيتون والليمون بجانب منزله المدمر بعد أن استهدفتها بصاروخين وقامت الجرافات بتجريفها بالكامل، وكان يعيش من خيراتها هو وأطفاله السبعة، ويقول: "الآن أصبحنا لا نملك شيئاً، حتى منازل أخوالي وأبنائهم وأراضيهم الواسعة دمرها الاحتلال، قضوا على حياتنا وعلى كل شيء".

وتبقى أمال الفلسطينيين معلقة في إعادة إعمار منازلهم التي دمرها الاحتلال خلال عدوانه على قطاع غزة الذي استمر لـ52 يوماً، رغم غياب الآليات الواضحة لإعادة الإعمار في غزة، والتي لم ترتق حتى الآن إلى إجراءات حقيقية وفاعلة على الأرض، في انتظار عقد مؤتمر المانحين لإعادة إعمار قطاع غزة المقرر عقده في العاصمة المصرية القاهرة الشهر المقبل.

للاطلاع على صور المنازل المدمرة في حي الشجاعية اضغطهنا