تزاديت وتيرة الاقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى المبارك في مدينة القدس المحتلة في الفترة الأخيرة بهدف تنفيذ مخططات إسرائيلية يقول مسؤولون ومتابعون إنها تهدف إلى فرض السيطرة الكاملة على المدينة المقدسة، وذلك في ظلّ صمت عربي ودولي وإسلامي.

وبشكل شبه يومي، يقتحم عشرات المستوطنين اليهود باحات ​المسجد الأقصى​ على شكل مجموعات يزيد عدد أفرادها عن 50 مستوطناً وحاخامات ومسؤولين إسرائيليين، ووفود من المتطرفين على مستوى المؤسسات الدينية الإسرائيلية، بحماية وحراسة أمنية مشددة من الشرطة الإسرائيلية، وينفذون شعائرهم الدينية في محاولة لترسيخ هذا الأسلوب وكأن ما يحدث حق وملك لهم.

لكن في المقابل، يواجه المقدسيون هذه الاقتحامات بقوة من خلال منعها والاشتباك المباشر مع الاحتلال الإسرائيلي، في وقتٍ يبقى الدور الفلسطيني على المستوى السياسي مهماً رغم أنه لم يرتقِ لحد إصدار بيانات الإدانة والاستنكار وفقاً للبعض.

مخطط يُراد تنفيذه

صحيح أنّ الاقتحامات للمسجد الأقصى المبارك ليست بجديدة، وكانت محدودة خلال السنوات الماضية، لكنها تزايدت بشكل كبير جداً وأصبح هناك نوع من التأكيد على أن هناك مخططاً يُراد تنفيذه في فترة زمنية محددة، وفقاً لمحافظ القدس ​عدنان الحسيني​.

ويؤكد الحسيني، في حديث لـ"النشرة"، أنّ هناك أعمالاً استفزازية ينفذها المستوطنون اليهود في الأقصى، لافتاً إلى أنهم "يسعون لإيجاد فراغ زمني كي يتحركوا بحرية في الاقصى وكما يريدون، وقد يكون هناك مخطط أو سياسة أكبر مما يحدث الآن، وهذه البداية".

مواجهة..

هذه الاقتحامات كما يقول الحسيني لا يقبلها الفلسطينيون، وهناك رفض واضح وكبير لها، ويلفت إلى أننا "لا نقبل باستمرار هذا الوضع وعلى الاحتلال الإسرائيلي أن يغير سياسته لأننا في النهاية لا نريد أن يستدرجونا إلى حرب دينية".

ويوضح المحافظ الحسيني أنّ مدينة القدس المحتلة أصبحت الآن محاصرة بجدار يفصلها عن الجسم الفلسطيني بالكامل، فالدخول والخروج منها أصبح صعبًا للغاية، مشيراً إلى أن إسرائيل تحاول أن تضع يدها في كل شيء بالقدس، وهي وضعت يدها الآن على التعليم وفرضت قيودا على العيادات الصحية وغيرها، مشدداً على أن كل هذه المحاولات تهدف للاستيلاء على المدينة بالكامل.

ويتابع: "إسرائيل تريد أن تعامل كل الفلسطينيين بسياسة الأمر الواقع، وعلى الفلسطيني أن يطيع هذه الأوامر والقرارات الإسرائيلية، وإذا رفض، هدموا بيته وطردوه من المدينة المقدسة".

ويصف الحسيني ما يحدث بالتخبط والفشل في سياسة الاحتلال الإسرائيلية، مشدداً على أن "أصحاب الأرض سيبقون فيها ويحافظون عليها رغم كل ما يحدث".

تغيير الواقع الموجود

"الاحتلال يخطط لاقتحامات في الأيام المقبلة أكبر من التي مرّت"، هذا ما يؤكده المتحدث باسم مؤسسة الأقصى للوقف والتراث بالقدس المحتلة محمود أبو عطا، لافتاً إلى وجود قرار سياسي اسرائيلي عالي المستوى بزيادة استهداف المسجد الأقصى المبارك.

وفي حديثه لـ"النشرة"، يوضح أبو العطا أن هناك توجهًا مستمرًا في تغيير الفتاوي الدينية من قبل الحاخامات اليهود، بالسماح لكافة شرائح المجتمع الإسرائيلي باقتحام الأقصى، وهذا أدى إلى توسيع رقعة الاقتحامات فعلياً.

ويشير أبو العطا، إلى أن مخابرات الاحتلال هي من تقوم بالدفع بالمستوطنين وتحريضهم على تصعيد اقتحاماتهم، لافتاً إلى أن هنالك جهازًا إعلاميًا وقضائيًا يساند ويدعم هذه الاقتحامات، التي تحاول تغيير الواقع الموجود في الأقصى عنوانه، فرض التقسيم الزماني والمكاني.

تقصير

من جهة ثانية، يتهم أبو العطا السلطة الفلسطينية بالتقصير تجاه ما يحدث للمسجد الأقصى، مشيراً إلى أن عملها لم يرتقِ إلى أدنى المستوى المطلوب لمواجهة المخطط الكبير الذي يمر فيه المسجد الأقصى المبارك على حد قوله.

ويلفت أبو العطا إلى أنّ السلطة لا تهتم بشؤون المسجد الأقصى وما يحدث له، وتكتفي بإصدار البيانات التي يصفها بالخجولة جداً، مشدداً على أنها مشغولة في مشروع العودة للمفاوضات مع الاحتلال.

ويرى المتحدث باسم مؤسسة الأقصى أن السلطة يمكن أن تفعّل دورها بشكل كبير، وعليها أن تضع ملف القدس والمسجد الأقصى في أولوياتها، إذ أنه صلب الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

أخيراً، تبقى الدعوات الفلسطينية لسكان القدس والداخل المحتلة والضفة الغربية المحتلة بشد الرحال للمسجد الأقصى والرباط فيه من أجل حمايته في الواجهة، رغم كل المواقف الفلسطينية الخجولة تجاه ما يتعرض له الأقصى من اقتحامات يتضح من خلالها وجود مخطط إسرائيلي ينتهي بالسيطرة الكاملة على القدس المحتلة.