لطالما كانت النظرة الى "​النبعة​" على أساس أنها المنطقة التي يتجنب كثيرون دخولها والتي تعيش تهميشاً إنمائياً، وقد أضحت عنواناً للفقر والتعب واليأس ما أوجد مجتمعاً فوضوياً يغذيه الإهمال والحرمان معطوفين على البطالة المتفشية بقوة بين الأهالي. ومن رحم البؤس ولدت جمعية هدفها تخفيف معاناة سكان تلك البلدة وإشعار العائلة والأطفال بالفرح و"الأمان" المفقودين في ذلك المكان فكان..."​تجمع بيتنا​".

نوبل للسلام

أخذ التجمع على عاتقه الإهتمام بالفقراء في تلك المنطقة، ولأنّ نشاطاته مشهودٌ لها، فإنها باتت جزءًا من ملف جمعية "مكافحة البؤس-العالم الرابع" - "ATD quart monde" المرشحة لنيل جائزة نوبل للسلام، والتي كانت قد شاركت في نشاط مع أطفال النبعة. وفي هذا السياق تشرح رئيسة التجمع الأخت تريزيا عبر "النشرة" أن "علينا تقديم كتيب يتضمن خبرتنا والنشاطات التي قمنا وكيف تعاملنا مع الآخرين ليتم درسها"، وتعتبر أن "هذا الأمر هو بحدّ ذاته إنجاز كبير لنا وإعتراف بقيمة العمل الذي نقوم به دون مقابل وشهادة على نجاحنا".

اليوم العالمي لمكافحة الفقر

في السابع عشر من تشرين الأول من كل عام وهو اليوم الذي يحتفل فيه "باليوم العالمي للفقر" تنظم الجمعية مسيرة في شوارع النبعة تندد بالبؤس، الا أن الوضع هذا العام وبحسب الأخت تريزيا "مختلف عن السنوات السابقة فلا نستطيع إشغال الجيش بأمورنا في ظل ما يتخبط من هنا قررنا الاستعاضة عن المسيرة السنوية بنشاط نقيمه في إحدى المدارس اليسوعية في النبعة التي تفتح أبوابها للاجئين السوريين"، وتعتبر أن "المهم إيصال الرسالة بأي وسيلة كانت وإظهار أن هناك أشخاصاً يعانون من من البؤس ويصارعونه والتأكيد على أن حقوق الإنسان ليست فقط الحقوق السياسية والمناصب بل أن يكون له عائلة ويعيش مرتاحاً ويتمكن من العمل". وتضيف: "في كثير من العائلات الفقر مستشر وأنا أرى كيف تسعى الأم بكل جهدها لتقي عائلتها العوز ولتؤمّن لهم القوت اليومي". بدورها تلفت عضو الجمعية عبير رزق الى أن "الرسالة التي نسعى لإيصالها مهمة، فإن كان الشخص فقيراً لا يجب أن نضعه جانباً بل أن نسعى الى تحفيزه على تجاوز محنته والنظر الى الحسنات التي يملكها".

عندما تدخل ذلك المكان تشعر بدفئه الغريب، وعلى حائط إحدى الغرف لوحة تحمل صوراً لعائلات أفرادها ساعدوا في جمعية "بيتنا" ولم يعودوا موجودين، هم يحملون جنسيات مختلفة وقد عادوا الى بلادهم. تشير الأخت تريزيا بإصبعها الى إحدى الصور وفيها إمرأة توفيت، "هي لم تعد موجودة ولكن الملفت فيها أنها كانت غنية وتشعر في نفس الوقت بعوز الآخرين فإنضمت الى بيتنا". لا تقف الأخت تريزيا عند هذا الحدّ، فهي تسعى الى معرفة آخر الأخبار عن العائلات التي غادرت لبنان، وتلفت الى أنها "كلفت إحدى المتطوعات البحث عبر "الفايسبوك" لمعرفة أي معلومة عنهم تمكنها من الاطمئنان عليهم أو التواصل معهم من جديد".

لادخال الفرح الى حياة العائلات

تتحدث الأخت تريزيا بكثير من الشغف عن الجمعية وعن عملها، وتروي قصصًا عن عائلاتٍ ساعدتها الجمعية من كلّ قلبها، أما رزق فتشرح أن "لدى الجمعية نشاطات عديدة منها إنشاء تعاونية وفيها عدد من المؤن التي نشتريها بسعر الجملة"، وتضيف: "عوض أن تتبضع العائلات من المحال التي تبيع البضائع بأسعار غالية تقصد التعاونية "البسيطة" وتشتري منها المتوفر حسب حاجتها"، وتعتبر أن "العمل الذي تقوم به في الجمعية غيّر حياتها وساعدها على النظر الى الإنسان على أساس شخصه لا وضعه كما تعلمت كيفية مساعدة الآخر على الخروج من محنته و إدخال الفرح الى حياته عبر أمور بسيطة يمكن القيام بها".

يسعى سكان النبعة في السابع عشر من تشرين الأول الى تجديد التأكيد على رفضهم للفقر والحرمان الذي يعيشونه عبر التحرك الذي تنظمه "بيتنا" علّ المسؤولين يسمعون صرختهم ويساعدونهم على الخروج من البؤس الذي يعيشون فيه.

تقرير ​باسكال أبو نادر