بدأ مسلسل محو ​غابة الصنوبر​ في رومية منذ عام مضى عندما انهمرت المشاريع على تلك البقعة الخضراء التي لا زالت حتى اليوم تقاوم محاولات القضاء عليها، إلا أنّ مشروع إنشاء "New Roumieh village-golf" المعروف بمشروع ملعب الغولف استطاع أن يشق طريقه باتجاه التنفيذ الذي ما يزال ينقصه موافقة وزارة البيئة على تقرير تقييم الأثر البيئي المقدَّم من قبل الشركة صاحبة المشروع "انترا"، والمُعَدّ كما أغلب تقارير تقييم الاثر البيئي من قبل شركة "خطيب وعلمي". ومن هنا تبدأ الحكاية.

قرّرت وزارة البيئة في تشرين الأول من العام الماضي أي خلال عهد الوزير السابق ناظم الخوري، إنشاء لجنة تقنية لمراجعة تقرير تقييم الاثر البيئي العائد لمشروع إنشاء مجمع سكني في رومية، إلا أنّ هذا المشروع تبدّل ليصبح هدفه إنشاء ملعب للغولف في نفس المكان، فاعتبرت اللجنة أنّ في هذا الموضوع مخالفة للقانون، بحيث يحظر عرض المشروع أمام الادارات الرسمية المختصة على مراحل، الأمر الذي يجعل من تقرير تقييم الاثر البيئي المقدم لمشروع مجزأ باطلةً. ومع تبدل المشروع كان لا بدّ من تعديل الدراسة وإعادة درسها مجدّدًا.

تألفت اللجنة التقنية من أربعة أعضاء أحدهم المهندس الزراعي غارو هاروتيونيان، المتخصصة بمجال المياه حلا المنجد، الجيولوجي رالف سلامة وأخيرًا جورج عقل، رئيس دائرة حماية الموارد الطبيعية، كرئيس للجنة.

بعد دراسة التقرير وزيارة الموقع في غابة صنوبر رومية، قدّمت اللجنة تقريرها موقّعًا من قبل ثلاثة أعضاء فقط نتيجة عدم توقيع رئيس اللجنة واكتفائه بتقديم التقرير للوزير، حسبما يكشف مصدر مطلع لـ"النشرة"، مشيرًا إلى أنّ اللجنة اعتبرت في تقريرها أنّ "لا امكانية للموافقة على مشروع انشاء ملعب غولف في ذلك الموقع".

بعد أن قدّم رئيس اللجنة جورج عقل التقرير دون التوقيع عليه قرّر وزير البيئة ​محمد المشنوق​ الطلب من القائمين على المشروع توضيح الكثير من النقاط لتتمكن وزارة البيئة من أن تعطي موافقتها. وفي هذا السياق تشير المصادر إلى أنّ شركة "انترا" استطاعت الرد على النقاط الكثيرة المطلوب توضيحها في مدة شهر واحد فقط، وهذا الأمر يثير الاستغراب إذ إنه من المعلوم أنّ مثل هذه الأمور تستغرق وقتا طويلا جدًا، إلا أنّ الأمر الذي يدعو للدهشة بحسب المصادر نفسها هو قيام وزير البيئة بتعيين لجنة تقنية جديدة لدراسة التوضيحات والاضافات على تقرير تقييم الاثر البيئي لمشروع ملعب الغولف في رومية. والسؤال هنا، لماذا يقدم الوزير على مثل هذه التغييرات في هذا الوقت بالتحديد خصوصًا بعد رفض اللجنة الاولى لتقرير الاثر البيئي وبالتالي لتنفيذ المشروع؟ ولماذا يقدم على تعيين أعضاء جدد غير متابعين للمسار الذي سلكته الامور منذ بدايتها، بدل أعضاء ملمّين بالمشروع وحيثياته على أرض الواقع كما من خلال التقارير المكتوبة؟

وتضيف المصادر: "في الثاني من ايلول عيّن وزير البيئة محمد المشنوق لجنة تقنية جديدة لمراجعة تقرير تقييم الاثر البيئي العائدة لمشروع انشاء ملعب الغولف في رومية، وتألفت اللجنة هذه المرة من ثلاثة أعضاء هم المهندس المدني حسن حطيط رئيسا، المهندس جورج عقل الذي كان رئيس اللجنة السابقة، والاخصائي البيئي نجيب ابي شديد عضوا".

وفي الاول من تشرين الاول انتهت مهلة الثلاثين يوما المحددة للجنة الجديدة لإنجازعملها، وعلى وزارة البيئة ان تُصدر تقريرها النهائي قبل السابع والعشرين من الشهر نفسه، فهل سترضخ الوزارة لسلطة شركة "انترا" المعروفة بقوتها على الساحة اللبنانية ولمصرف لبنان الذي هو الجهة الفاعلة في مجلس ادارتها أم أنها ستتمكن من الصمود وستعمل جاهدة للحفاظ على غابة الصنوبر الوحيدة المتبقية بالقرب من العاصمة بيروت، رغم كشف المصادر أنّ إعلان وزارة البيئة عن موافقتها على مشروع إنشاء ملعب الغولف في رومية سيبصر النور خلال الايام القليلة المقبلة؟ الجواب دائمًا برسم وزارة البيئة اللبنانية.