هلل البعض في لبنان لا سيما فريق الرئيس السابق للجمهورية ​ميشال سليمان​ للهبة السعودية الهادفة الى تسليح ​الجيش اللبناني​ بقيمة ثلاثة مليارات دولار أميركي. ولأن المملكة هي مصدر هذه الهبة وكونها فوضت رئيس الحكومة السابق سعد الحريري متابعة إستثمارها في السياسة، لم يكن موقف تيار المستقبل من الهبة أقل حماسة من موقف سليمان وأوساطه. غير أن إعتبار هذين الفريقين أن الهبة تجعل الجيش قادراً على مواجهة التحديات التي تعصف بلبنان، لا سيما تلك الإرهابية منها، فيه الكثير من المبالغة بحسب مصادر عسكرية رفيعة المستوى.

وفي هذا السياق يقول أحد كبار الضابط، "إن تغطية حاجات الجيش اللبناني للأسلحة المتطورة، لا تكون بأقل من ثلاثين مليار دولار، وبالتالي فإن الهبة لا تغطي إلا نسبة مما تحتاجه المؤسسة العسكرية كي تصبح قادرة لمواجهة المشاريع الإرهابية وكي تمنع عشرات الإعتداءات الإسرائيلية اليومية داخل الحدود اللبنانية".

من الآليات القديمة التي بحوزة الجيش اليوم، ينطلق الضابط في مقاربته لعملية تسليح الجيش، معتبراً أن هبة المليارات الثلاثة، لا تسمح بشراء دبابات وطوافات جديدة غير مستعملة، ولا تسدّ الثغرات القتالية التي تعاني منها المؤسسة اليوم".

في الأساس ليس هناك من قرار سياسي جدّي بتسليح الجيش، تقول الأوساط المتابعة، وتعود بالذاكرة الى الظروف التي أعلن فيها عن الهبة السعودية ليتبيّن لها أن الأسباب الرئيسة التي دفعت الى تقديمها في ذلك الظرف لا تمتّ الى تسليح الجيش بصلة.

ومن ضمن هذه الأسباب، جرعة دعم لميشال سليمان تساعده في تمديد ولايته الرئاسية غير أن الظروف الإقليمية والدولية لم تكن مؤاتية، فباءت هذه المحاولة بالفشل. السبب الثاني، يفسّره المتابعون على الشكل التالي: خدمة من المملكة العربية السعودية الى فرنسا على إعتبار أن الأخيرة لا تزال الدولة المؤثرة الأكثر تصلباً في موقفها من الأحداث في سوريا وتحديداً من النظام السوري ورئيسه بشار الأسد. أما السبب الثالث، فتسليح الجيش جاء على خلفية تقويته بوجه حزب الله أكثر مما كان حباً به وحرصاً على دعمه لوجستياً.

بإستثناء محاولة الرئيس الراحل فؤاد شهاب اليتيمة الهادفة الى تسليح الجيش يوم كان قائداً له، لم يشهد لبنان مشروعاً حقيقياً لهذه الغاية، وكان الهدف دائماً ولا يزال بناء جيش على قياس مشاريع الطبقة الحاكمة، بعيداً كل البعد عن منطق الجيش القوي الذي يحمي الحدود ويدافع عنها بوجه كل المخاطر، والدليل على ذلك أن بناء الجيش القوي يبدأ بإستراتيجية حكومية ومؤسساتية يتم وضع مشروعها إنطلاقاً من دراسة معمقة عن الحاجات والمخاطر، لا بهبة من هنا وبتسوّلٍ من هناك.