تشرين الثاني من العام الفين، دخل سهيل بوجي الى السراي الحكومي للمرة الأولى، اميناً عاماً لمجلس الوزراء، بعدما سمّاه لهذا الموقع رئيس الحكومة في ذلك الحين رفيق الحريري. كثيرون لم يكونوا على معرفة مسبقة بالقاضي الذي انتدب من مجلس شورى الدولة لهذه المهمة، التي تحددها المادة 16 من نظام مجلس الشورى بست سنوات، فاذا به يستمر فيها حتى اليوم.

هو من مواليد بيروت في العام 1947، مجاز في الحقوق وحائز على دكتوراه في القانون العام من جامعة باريس في العام 1977. يومها هنأته اللجنة الفاحصة على اطروحته، وحاز طوال سنوات جلوسه على طاولة مجلس الوزراء، كأمينها العام، على تهاني المقربين، وملاحظات وحملات ومحاولات خصوم تيار المستقبل لعزله، من دون ان ينجحوا في ذلك حتى الآن. اما هو، فيصف نفسه برجل الدولة والاداري بامتياز، وهو صاحب 14 مؤلف ودراسة ومحاضرة.

من سجلات الأحداث الكثيرة على طاولة مجلس الوزراء، يستعيد احد الوزراء السابقين قوله مرة لرئيس الحكومة في ذلك الحين فؤاد السنيورة قوله "اعطونا سهيل بوجي...وسنحكم الجمهورية".

يشبهه بعض من جلس على طاولة مجلس الوزراء وعرف خفاياها، برجل كل العصور، او الحاكم بأمره او الحكومة في رجل، او السوبر وزير والحاكم الفعلي للسراي. اذ تتغيّر وجوه رؤساء الحكومة، من الحريري الاب الى الابن، مروراً بنجيب ميقاتي والسنيورة وصولاً الى تمام سلام، ويبقى وجه واحد وشخص واحد لا يتبدّل، هو سهيل بوجي. تسأل عن السبب، فيقال "إنه العصب الحكومي لدويلة تيار المستقبل"، والفنان في صياغة القرارات الحكومية. ففرضت الحاجة اليه، الاّ يتحوّل رئيس جمعية قدامى الكشاف المسلم، الى احد قدامى موظفي الدولة.

في نيسان المقبل، تبدو الفرصة سانحة "للتخلّص" من الرجل الذي عجزت عن ازاحته السياسة، بعدما انتدب قبل 15 عاماً، لمهمته بالمرسوم رقم 4340. فهو سيبلغ الثامنة والستين، وهي السن القانونية لتقاعد القضاة في ​لبنان​.

فرضت الظروف السياسية اطالة عمر الحكومة السلامية من ثلاثة اشهر، الى حين انتخاب رئيس للجمهورية، الى امد غير محدد. فهي وإن حازت على تاريخ التشكيل في الخامس عشر من شباط 2014، الاّ انها لم تحمل موعد انتهاء الصلاحية، الامر الذي يحتّم اكثر من اي وقت مضى، بالنسبة الى المستقبل تحديداً، اطالة بقاء بوجي.

من هنا، فإن احالته الى التقاعد لا تعني انتهاء دوره. اذ تشير المعلومات الى أن رئيس كتلة المستقبل النائب فؤاد السنيورة يعدّ خليفة له، على أن يبقى بوجي لفترة "حاكم الظل" بتحوّله الى مستشار لرئيس الحكومة، ما يؤمّن بحسب اصحاب هذا التوجه، حضوره لجلسات مجلس الوزراء.

لا تبدو هذه الخطوة بعيدة من "الهرطقة" بحسب وصف الوزير السابق سليم جريصاتي ل"البلد"، "اذ لا يمكن ان يتم حضور المستشار جلسات مجلس الوزراء في شكل منهجي ومستمر، فنحن في مجلس الوزراء، وليس في المجلس الاعلى للدفاع، الذي يتيح لرئيس الجمهورية دعوة من يشاء ساعة يشاء".

في اول جلسة شارك فيها لمجلس الوزراء، على اثر تعيينه وزيراً، خلفاً للوزير المستقيل في ذلك الحين شربل نحاس، دوّن جريصاتي في محضر الجلسة تحفظين: الاول بالأساس، يتعلّق بحضور بوجي الجلسة، على رغم انتهاء مدة انتدابة، ما يمنعه بالتالي من ان يكون اميناً عاماً لمجلس الوزراء، وحضوره للجلسة على رغم ذلك يعرّض قرارات المجلس للابطال، والثاني، يتعلّق بتعيين خالد قباني رئيساً لمجلس الخدمة المدنية، الذي انتدب لهذا الموقع وهو رئيس غرفة في مجلس شورى الدولة، مع ما يحمله ذلك من مخالفة.

اكتفى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في حينه بأخذ علم بملاحظة جريصاتي المدوّنة في المحضر. ومرّت الايام، وبقي الوضع على حاله، فلم يبادر رئيس الحكومة الى اقتراح تعيين بديل، ولم يتصرّف رئيس الجمهورية، القاسم يمين الاخلاص لدستور الامة وقوانينها، في حق المخالفة القائمة...صورة مصدّقة ولو مصغّرة عن كيفية التعاطي اللامسؤول مع التجاوزات...بغطاء سياسي وطائفي.

المديرية العامة لمجلس الوزراء cadre

المديرية العامة لرئاسة مجلس الوزراء جهاز يعاون الرئاسة في تأدية مهامها. ولمدير عام رئاسة مجلس الوزراء، بصفته هذه، الصلاحيات التي يمارسها في الوزارات، المديرون العامون، بمقتضى القوانين والانظمة.

ولمدير عام رئاسة مجلس الوزراء، بحكم وظيفته، صفة امين عام مجلس الوزراء وهو يتولى بهذه الصفة المهام التالية: حضور جلسات مجلس الوزراء، ويمكن في حال غيابه، ان ينوب عنه في حضور الجلسات، مدير عام رئاسة الجمهورية او الموظف الاعلى رتبة في امانة السر العامة. السهر على تنفيذ مقررات مجلس الوزراء، وعلى مختلف الادارات العامة ان تبلغه، من اجل ذلك، التدابير التي اتخذتها تطبيقا لهذه المقررات. يتولى المدير العام لرئاسة مجلس الوزراء الامانة العامة للمجالس الوزارية، ويمكن في حال غيابه، ان ينوب عنه، من الموظفين التابعين له اكبرهم رتبة.