ذكرت "الاخبار" ان "الأنموذج الموحّد للوصفة الطبية، الذي يتيح للصيدلي (بشروط) تخيير المريض بين دواء باسم تجاري (patented) وآخر مطابق باسم علمي، أي جنيسي (generic)، هو اجراء اصلاحي، ولو جزئيا، اقرّ قانونا في عام 2010. يساهم هذا الاجراء في خفض فاتورة استهلاك الدواء الباهظة جدا على الاسر والمؤسسات الضامنة والدولة. يضرّ بمصالح المحتكرين المسيطرين على اليات استيراد الادوية".

واشار مصدر مسؤول في وزارة الصحة لـ"الأخبار" أن اعتراض نقابة الأطباء على أي خطوة اصلاحية تحاول أي جهة رسمية القيام بها ليس جديدا. في السنوات السابقة طرح المكتب الوطني للدواء مشروع "ترشيد استخدام الدواء"، لكن الضغط الذي مارسته شركات مستوردي الادوية ونقابة الاطباء دفع الوزارة لالغاء المشروع من أساسه، علما أن هذا المشروع كان يمكن أن يخفض 30% من القيمة الاجمالية لكلفة الدواء في لبنان، عن طريق التدخل المباشر من وزارة الصحة في اختيار مصادر الاستيراد. والنجاح الوحيد الذي حققته الوزارة في هذا المجال، كان عبر برنامج تحسين كلفة (بعض) الأدوية المزمنة والمستعصية، بدعم من بعض المنظمات العالمية (منها منظمة الصحة العالمية) التي تقدم للدولة اللبنانية أسعار مقبولة لبعض أصناف هذه الأدوية".

بحسب رئيس جمعية المستهلك الطبيب ​زهير برو​، فان مصدر الخوف الرئيس هو على الصفقات التي يعقدها اطباء مع شركات الأدوية. فالقطاع الصحي برمته "ترعاه شبكة من المفسدين، تريد بيع الدواء التجاري المرتفع الثمن”. يشرح برو لـ"الأخبار" أن الأشكال المعتمدة للافساد تشمل "المعدات الطبية للمستشفيات أو الأطباء"، كما تتضمن عقود الأطباء مع شركات الدواء "اذ يتقاضون نسبا مئوية من بيع الدواء التجاري الخاص بالشركة، اضافة إلى دعوات لحضور مؤتمرات علمية وسفريات الى دول عدة ومساطر طبية وعينات الدواء المجانية التي يدفع المواطن ثمنها وغيرها".

يوجّه برو نداءً "إلى الأطباء الزملاء لاستيعاب الأهمية الاقتصادية والاجتماعية للوصفة الطبية التي تمثل مدخلا مهما وجزءًا اساسيا في المعركة ضد الفساد في القطاع الصحي"، مشيرا إلى أنّ ادخال الوصفة الطبية في هذه المهاترات يرمي إلى تخريب هذه الخطوة، لكن الأطباء ليسوا كلّهم متفقين مع زميلهم الناشط في مجال حقوق المستهلك، زهير برو. يسأل احدهم عن مدى سلامة اعتماد الدواء الجنيسي generique، "في ظل منظومة الفساد والبناء المصدي في البلاد، وفي ظل عدم وجود مختبر مركزي يفحص هذه الأدوية"، طبيب أخر لمّح الى امكانية تزوير الأدوية، "فلا شيء يضاهي الأدوية المزورة في تأثيرها في صحة المواطنين، لا سلامة الغذاء ولا غيره". زميل له يحاول أن يدعم موقفه من اعتماد الوصفة الطبية، يقول "نوعية الدواء أهم من مسألة التسعير وخفض الفاتورة على المواطنين". ويسأل طبيب "لماذا نسمح للصيدلي بأن يركّب الدواء الجنيسي؟ لما لا يتولى الطبيب ذلك بنفسه؟".

يؤكد برو أن الدواء الجنيسي يحمل التركيبة نفسها للدواء التجاري، وبالتالي له الفاعلية نفسها. 92 % من الدواء المستخدم في أوروبا جنيسي، والصيدلي هناك يحوّل الى الدواء البديل، الا اذا أصر المواطن على شراء الدواء التجاري، وهذا لا يحصل الا نادرا، طالما أن الدواء الجنيسي أرخص بنحو 50% من الدواء التجاري. فحتى الدول الأوروبية توقفت عن تصنيع الأدوية، وبدأت باستيرادها من الهند (الأولى عالميا في توريد الأدوية الجنيسة)، تليها البرازيل ثم الصين. وتركّز الدول الأوروبية على تصنيع أدوية الأمراض السرطانية وغيرها من الأدوية التي تعالج الأمراض الخطيرة. "لا حاجة إلى اختراع أي الية جديدة لتطبيق الدواء الجنيسي في لبنان، فلنعتمد التجربة الأوروبية" وفق برو، مشددا على ضرورة أن يكون هناك رقابة جدية من مصدر التوريد، وانشاء مختبر مركزي يتولى مراقبة الأدوية عبر تحليلها وضبط السوق.

يشير برو إلى أن في لبنان قطاع دواء موازيا للقطاع الشرعي، اذ هناك كميات من الأدوية تدخل إلى لبنان دون أن تجري جمركتها، لأنها تصنف في خانة العروض أو تدخل تحت مسميات التجريب وغيرها، وتباع للمستهلك اللبناني.

مندوب احدى شركات الأدوية، يروي لـ"الأخبار" أن عددا كبيرا من الأدوية التي تستورد لا تباع في بلد المنشأ، مثل فيتامين fresh v الذي يباع في لبنان بثمن مرتفع جدا، علما بأن هناك فيتامينات أخرى تصنع محليا بالجودة والتركيبة نفسيهما ولكن بأسعار أقل بكثير.