في قراءة متابعين لخطاب كل من رئيس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري وكلمة أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله يتبين ان القاسم المشترك بين الرجلين لا يتعدى كونه ان الحوار القائم بينهما محطة لا بد منها، لكن ذلك لا يلغي الاختلاف الجوهري في الرؤية والاستراتيجيات لدى كل منهما.

اذ بعيدا عما تبع موقف الرئيس الحريري بداية من شكر للقيادة السعودية وملكها على دعمها للبنان من انتقادات، في مقدمة مدروسة واراد منها ان يوصل رسالة الى خادم الحرمين الشريفين بان ثمة عاصمة عربية وهي بيروت لم تسقط بعد في أيدي طهران في رد مباشر على ما اعلن اكثر من مسؤول إيراني، لذلك هي ليست في خانة غير عواصم أسوة بكل من دمشق، بغداد وصنعاء بل ان في بيروت تيارا سياسيا عربيا قادراً ان يعلن عن مواقفه طالما السعودية داعمة له، وهو الى ذلك كزعيم لقوى 14 اذار معني بما يحدث في دول المنطقة العربية والأفريقية مخرجا ذاته من الإطار اللبناني وتفاعلاته رافضا تحويلها الى جبهات في حرب دون نتيجة لمن ارادها.

لكن في ما خص الجانب اللبناني كان التباين جد واضح حيال موقع لبنان في الصراع الإقليمي بحيث دعا الحريري القوى السياسية اللبنانية الى ترتيب البيت الداخلي مؤكدا على تمسكه باتفاق وصيغة الطائف مكررا رفضه قتال حزب الله في سوريا ومدركا هذه الخطوة في سياق الخلاف الجوهري مع الحزب، كان رد السيد نصرالله بدعوته اللبنانيين الى القتال معه في سوريا وفي «ما بعد» سوريا اي العراق ليس فقط لقتال الإرهابيين بل لان من يتواجد على خط صراع المنطقة قادر ان يكون مؤثرا في الحل اللبناني لاحقا وصولا الى حد فرض التعديل في النظام اللبناني الذي لا يزال حزب الله غير موافق عليه منذ إرسائه على ما دلت دعوة السيد نصرالله الى عقد مؤتمر تأسيسي لهذه الغاية لاعتباره ان حيزا من الخلاف الداخلي له صلة بالتموضع العادل في التركيبة اللبنانية.

وفي مقابل اعتبار الحريري ان الحوار القائم مع حزب الله برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري هو جد ضروري لتطويق الفتنة التي تقضي الحكمة بالحد من تناميها عدا ان الحوار هو حاجة وطنية على قاعدة انها من نتاج ردة الفعل غير المبررة على قتال حزب الله في سوريا، جاء كلام السيد نصرالله ليوسع ساحات المواجهة على مدى الإقليم بعد ان ان كان طالب سابقا بنقل الصراع الى سوريا وكانت من نتائجه العمليات الإرهابية التي حصدت الضحايا في اكثر من منطقة لبنانية، وبذلك ان توسيع حزب الله نطاق عملياته العسكرية على كامل ارض الإقليم سيفرض ردات ارهابية باتت مواجهتها فقط على عاتق تيار المستقبل نظرا الى موقعه في التركيبة الحكومية - الوزارية - الامنية التي حولته رأس حلبة حربة في مواجهة «داعش» و«النصرة» وأخواتهما ...

لذلك فان الحريري أكد عبر ربط النزاع مع حزب الله على أربع نقاط انه بات من المفترض معالجتها لتطويق الاحتقان السياسي والمذهبي مع علمه ان بعضا من هذه النقاط هي نتاج القرار المركزي في محور الممانعة بامتداداته وتشعباته الامنية والعسكرية في معظم دول المنطقة، لانه حسب المتابعين لا يستطيع عدم التغاضي عنها رغم الحوار الجاري بينهما لكون عدد من الممارسات المدرجة في هذه النقاط ولدت ردة الفعل في العراق وكذلك في اليمن نتيجة الاخلال بتوازنات المجتمعات في هذه الدول ناهيك بأساليب قمعية وفساد أدت الى إسقاط الجيش العراقي وتسليمه تلك البلاد الى «داعش».

وحيال ملف الاستحقاق الرئاسي وإخراج البلاد من حالة الشغور لم يخفِ الحريري انتقاده الحاد للقوى المعطلة لانتخاب رئيس للجمهورية مشيرا الى ان هذا الموضوع ستتم مناقشته لاحقا على جدول اعمال الحوار مع حزب الله الى جانب مواضيع ربط النزاع بينهما التي لم يعالجا أي واحدة منها حتى اليوم، لكنه كلام يدل على ان هذا الموضوع يعني جميع القوى السياسية وبينها تيار المستقبل مؤشرا بذلك الى ان إنجاز هذا الاستحقاق يكون نتاج توافق القوى والطوائف كافة، في حين حصر أمين عام حزب الله إنجاز الاستحقاق بالتوجه لانتخاب «المرشح المعروف» والمدعوم من حزب الله وهو رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب العماد ميشال عون في وقت يترشح رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع في المقابل مدعوما من قوى 14 اذار بحيث ابعد السيد نصرالله التوافق على رئيس من سلم المواضيع اذا ما بقي عون مرشحا، في حين ان نقاط النزاع الأربع هي التي تخيم على مسار الاستحقاق وتتشابك مع تطورات المنطقة وتنعكس عرقلة لهذا الاستحقاق الذي لن يرى النور في المدى المنظور.