قبل يومين من عودة الرئيس سعد الحريري إلى بيروت، وبينما كانت التكهنات في ذروتها بين أن يعود ليشارك في الذكرى العاشرة لإغتيال والده الرئيس الشهيد أو يلقي كلمة متلفزة عبر شاشةٍ عملاقة، كان الدكتور غطاس خوري يزور الرابية ويوجِّه الدعوة إلى رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، لتناول العشاء في بيت الوسط، مع الرئيس الحريري مساء الأربعاء الثامن عشر من شباط، أي بعد أربعة أيام على العودة.

شكر العماد عون للدكتور خوري الدعوة وحفظ سرَّ العودة، كيف لا وهو العسكري الذي تعلَّم في المدرسة الحربية قاعدَتَي الإنضباط وحفظ الأسرار.

يوم الإحتفال تمثَّل التيار الوطني الحر بوفدٍ رفيع شكّل أقوى رسالة إيجابية إلى تيار المستقبل، المعاون السياسي للعماد ميشال عون، والرجل الثاني في التيار الوطني الحر، الوزير جبران باسيل يشارك في احتفال البيال، بالإضافة إلى عددٍ لا بأس به من نواب التكتل.

يوم الثامن عشر من شباط، وهو يوم ميلاد العماد عون، ويُفتَرض أن يمضيه مع عائلته، تعدَّل البرنامج ليكون العشاء في بيت الوسط ويحضره إلى العماد عون والرئيس الحريري، الوزير جبران باسيل والدكتور غطاس خوري وانضمَّ إليهم المعاون السياسي للرئيس الحريري السيد نادر الحريري، العائد من جلسة الحوار مع حزب الله في عين التينة، والمستشار الإعلامي هاني حمود.

هل هو الإنشراح السياسي الذي يمهِّد للبننة الإستحقاق الرئاسي؟

العماد عون، آتٍ من نهارٍ من التغريدات مع الدكتور سمير جعجع الذي هنَّأه بعيد ميلاده عبر تويتر فبادله التحية عبر تويتر أيضاً.

السيد نادر الحريري، آتٍ من جلسة الحوار مع حزب الله والتي أدَّت حتى الآن إلى تنفيس الإحتقانات في الشارع. والرئيس سعد الحريري خارجٌ من إجتماعات متلاحقة دبلوماسية وسياسية وحزبية لتحصين الساحة الداخلية. ولكن ماذا بعد؟

وكيف يمكن ترجمة كل هذه الأجواء الإيجابية؟

بالتأكيد لا يمكن الإكتفاء بالبيان المقتضب الذي صدر عن المكتب الإعلامي للرئيس الحريري والذي ورد فيه أنَّه تخلل الإجتماع عرضٌ لمجمل الأوضاع السياسية في البلاد وآخر التطورات الإقليمية واستكمل البحث إلى مائدة عشاءٍ أقامها الرئيس الحريري على شرف العماد عون.

فحضور الوزير باسيل والسيد نادر الحريري هو إشارة بالغة الأهمية، فالرجلان سبق أن قادا حواراً بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر بدءاً من روما وصولاً إلى الرابية، ويتذكَّر المعنيون أنَّ منزل الوزير باسيل في الربوة شهد أكثر من عشاء عملٍ بينه وبين السيد نادر الحريري، ومنذ ذلك الحين لم ينقطع التواصل بينهما.

هل هي مصادفةٌ أن ينعقد عشاء العمل بعيد الجلسة التاسعة عشرة لإنتخاب رئيسٍ جديدٍ للجمهورية؟

وهل هي مصادفة أن تُحدَّد الجلسة العشرين في الحادي عشر من آذار، أي بين 8 و14؟

إنَّها مجرَّد أرقام، ولكن هل تؤشِّر إلى شيء؟

لقد تحرَّكت السياسة الداخلية، والفضل في ذلك يعود إلى الرئيس سعد الحريري فهل يحمل في جعبته كلمة السرّ؟

وهل ينتظر نضوج الظروف لتتحوَّل من كلمة سرٍّ إلى ورقة الإقتراع؟