دوافع وخلفيات نقل رفاة ​سليمان شاه​ جد مؤسس الامبراطورية العثمانية من شمال سوريا الى الداخل التركي ومن ثم اعادته الى مكانه ريثما تصبح المنطقة آمنة لا زالت تتفاعل على مختلف المستويات حتى وان كانت عبارة عن مسمار جحا.

ان الاتفاق الذي ابرم بين قوات الانتداب الفرنسي والدولة العثمانية عام 1921 افضى لاعطاء انقرة حق اعتبار المرقد اراض تركية نظرا لرمزية صاحب المرقد جد مؤسس الدوله العثمانية. آنذاك، كانت حلب عبارة عن ولاية اسوة بولاية الشام، ولم يكن هناك دولة اسمها الدولة السورية.

اذا من الناحية القانونية فان انقرة بنقلها رفاة سليمان شاه من مكانه تكون الاتفاقية اصبحت لاغية وان انقرة استغنت عمّا اعتبرت اراض تركية بالداخل السوري ولا يحق لها اعادة الرفاة للداخل السوري الا باتفاق جديد مع الحكومة والنظام السوري.

واذا بحثنا عن الدافع الرئيسي لاقدام حكومة رجب طيب اردوغان للقيام بمثل هذا الاعتداء والاجتياح العسكري السافر على اراض ذات سيادة سورية بعد ان كانت حكومة انقرة تقوم بحراسة المرقد وبواسطة جنود وضباط اتراك لاكثر من ثلاث سنوات متتالية مع تبديل جنود الحراسة الاتراك مره كل شهر، نجد تسلسل الامور على الشكل التالي:

- خلافا لما صرحت به انقرة بانها لم تستشر احدا او طلبت مساعدة من اي جهه لنقل رفاة سليمان مؤسس الامبراطورية التركية من الاراضي السورية الى الداخل التركي، فان حكومة رجب طيب اردوغان ممثلة بالخارجية التركية اتصلت بالقنصلية السورية في تركيا وابلغتها نية الحكومة التركية بعملية نقل الرفاة لكن الاتراك لم ينتظروا الرد السوري الرسمي على طلب انقرة، وهذا ان دل على شيء فهو يؤشر إلى اعتراف صريح وواضح بالحكومة والسلطة والنظام السوري وسقوط الاعتراف بما يسمى معارضة سورية.

- في الاشهر الاربعة الاخيرة حوصر الجنود الاتراك المكلفون حماية قبر سليمان شاه، فما كان من "داعش" الا القيام بتزويد الجنود الاتراك بالاغذية وبالادوات الطبية وتامين كل ما يلزم لحمايتهم.

- ان حكومة رجب طيب اردوغان كشفت عن عمق الروابط والتعاون بين الحكومة التركية و"داعش" خصوصا ان داعش لم تترك قبرا او مقاما او مزارا او مرقدا عائدا لانبياء او صحابة او حتى شعراء الا ونسفته او قامت بهدمه الا قبر سليمان شاه ناهيك عن قيام "داعش" بالافراج عن الطاقم الدبلوماسي التركي الذي اختطفته "داعش" بمنطقة الموصل من دون ان يتعرض اي من الطاقم التركي لاي اذى.

ويبقى السؤال لماذا الان وبهذا الوقت بالذات اتخذت انقرة قرارا بنقل رفاة سليمان الى الداخل التركي مؤقتا ريثما تصبح المنطقه آمنة؟

- حكومة رجب طيب اردوغان التي انغمست باسوأ دور في الأزمة السورية منذ البداية بدأت تستشعر خطر انقلاب الصورة العسكرية لصالح الجيش العربي السوري خصوصا بشمال سوريا وريف حلب حيث يقع قبر سليمان شاه.

- ان تقدم الاكراد واحرازهم المزيد من التمدد لتحرير معظم مناطق كوباني، وهي لن تكتفي بذلك الا بتحرير منطقة الرقة التي تسيطر عليها "داعش" والقريبة من الضريح.

- لن تتحمل حكومة انقرة مثل هذا الحدث الذي سيكون له تداعيات وخيمة وخاصة بالداخل التركي، ناهيك عن تاثير الامر على شكل لا يطيقه حزب رجب طيب اردوغان ولا قدرة له على تحمل نتائجه الوخيمة بالداخل التركي.

- حكومة ​رجب طيب أردوغان​ لم تستطع تامين ما سمي بمنطقة عازلة شمال سوريا وبالتالي فانها لن تجد الغطاء الدولي او الاوربي اوحتى العربي لتدخل احادي باتجاه الشمال السوري حتى لو كان تحت مسمى حماية قبر سليمان شاه الا في حالة واحدة، وهي بحجة وقف تمدد الاكراد تمهيدا لاعلان الحكم الذاتي.

من هنا، فإنّ حكومة اردوغان قامت بعملية نقل الرفاة اما تمهيدا لتدخل عسكري مستقبلي في شمال سوريا ضد الاكراد ومنعا لتمددهم بدون ضغوط على سليمان شاه وقبره، واما اعترافا واعلانا ضمنيا بان الحلم التركي في سوريا اصبح عبارة عن رميم، وفي كلتا الحالتين فان سياسة اردوغان ورئيس حكومته أحمد داود اوغلو تبدلت من تصفير المشاكل وتصفية الامور لتسمى سياسة حفر القبور.