في 5 حزيران 2015 تنتهي ولاية الأعضاء العشرة في المجلس الدستوري، وهي محددة بست سنوات اعتباراً من تاريخ قسمهم اليمين جميعاً امام رئيس الجمهورية (وقد حصل ذلك بتاريخ 5 حزيران 2009)، وهي مدة غير قابلة للتجديد او الاختصار. رئيس المجلس عصام سليمان أرسل كتابين الى الامانة العامة لمجلس النواب والحكومة أبلغهما بموجبه ببدء مهلة الترشيح وتاريخ انتهاء الولاية، وذلك على سبيل أخذ العلم، وخصوصاً انهما معنيان بأعضاء المجلس العشرة، اذ يعين مجلس النواب نصف هؤلاء الاعضاء بالاكثرية المطلقة من عدد النواب الذين يتألف منهم المجلس قانوناً في الدورة الاولى، وبالاكثرية النسبية من اصوات المقترعين في الدورة الثانية، واذا تساوت الاصوات يعتبر الاكبر سناً منتخباً، ويعيّن مجلس الوزراء النصف الآخر بأكثرية ثلثي عدد اعضاء (بحسب المادة 2 من القانون 250/1993). ومعلوم ان الأعضاء الجدد لا يمارسون مهماتهم قبل أداء اليمين الدستورية امام رئيس الجمهورية.

وعلى من يرغب في أن يكون عضواً في المجلس الدستوري وتتوافر فيه شروط العضوية ان يقدم ترشيحه بموجب تصريح، مرفقاً بسيرته الذاتية لدى قلم المجلس الدستوري، وفرضت الفقرة "د" من المادة 3 الجديدة مهلة لتقديم الترشيح تبدأ 90 يوماً قبل انتهاء ولاية أحد أعضاء المجلس وتنتهي بعد 30 يوماً من بدئها.

لكن ماذا يحصل على مشارف انتهاء الولاية، وخصوصاً ان المشكلة المطروحة اليوم تتعلق بقسم اليمين امام رئيس الجمهورية في ظل خلو سدة الرئاسة؟ اذ ان التعيين ممكن نظرياً: فالمجلس النيابي قادر على الاجتماع وكذلك مجلس الوزراء. وتنص المادة الرابعة من النظام الداخلي للمجلس الصادر بالقانون رقم 243 تاريخ 7 آب 2000، على الآتي: "عند انتهاء الولاية، يستمر الأعضاء الذين انتهت ولايتهم في ممارسة أعمالهم الى حين تعيين بدلاء عنهم وحلفهم اليمين. يجري تعيين البدلاء لمدة ست سنوات من قبل المرجع نفسه الذي عيّن الأعضاء الذين انتهت ولايتهم، وبالطريقة نفسها التي تم بها تعيين هؤلاء".

وفق احد المدافعين عن "تمديد" عمل أعضاء المجلس الدستوري الحاليين الى حين انتخاب رئيس للجمهورية وقسم اليمين الدستورية أمامه، ان وضع المجلس قانوني مئة في المئة والترشيحات مستمرة وفق النظام. "بقي المجلس الدستوري المؤسسة الوحيدة التي تعمل في شكل صحيح وبعكس ما يعتقد الكثيرون". لا يمكن ان يحصل فراغ لأن المادة الرابعة من قانون المجلس الدستوري تنص على الاستمرارية في ممارسة مهماته لناحية تعيين جديد، "وهذا يعني أن لا تمديد للمجلس الدستوري كما يشاع، ولا يعمل وفق الامر الواقع بل وفق القانون، وكذلك لا فراغ، لأن المجلس الدستوري مؤتمن على الدستور وقام بكل واجباته". حتى في موضوع الطعن الذي قدم ضد التمديد لمجلس النواب، يؤكد ان المجلس رفض الطعن تفادياً للاستمرار في الفراغ لكن حيثيات القرار كانت ضد التمديد.

من جهة أخرى، ووفق مرجع دستوري، ان المجلس أصلاً معطل، "منذ عام 2005 قصدوا تعطيله كي لا ينظر في الطعون الانتخابية، وعدلوا القانون فأصبح حصصاً على غرار الحصص في الحكومة، كل طرف يريد حصته وإلا التعطيل. وتكررت عملية التعطيل في بت تمديد ولاية مجلس النواب اخيراً". اذاً، يضيف المرجع الدستوري "ان المجلس لم يعد صالحاً للنظر في الأمور التي انشئ لأجلها، فهذا الامر يعتبر بمثابة استمرارية المرافق العامة والاطراف السياسية يعملون على تطبيق هذه النظرية وتثبيتها. عملياً يصبح المجلس غير شرعي اي غير صالح لبت أمور كبيرة، وخصوصاً انه مختص بمراقبة دستورية القوانين والمراسيم والطعون النيابية والرئاسية، وهي كلها قضايا كبرى".

في رأيه، إنها محاولة لتفريغ المؤسسات منذ عام 1992، ويملأون الفراغ بالفراغ.

اذاً، ما ستكون طبيعة عمل المجلس؟ وهل يعتبر الأمر تمديداً وبالتالي فراغاً، اضافة الى الفراغ الذي يصيب مؤسسات الدولة؟

في رأي عضو المجلس الدستوري السابق سليم جريصاتي "ان ثمة اشكاليتين في التعيين، وطابعهما سياسي: مجلس النواب الذي لا يجتمع في جلسات عامة، حتى لتشريع الضرورة، بحجّة خلو سدّة الرئاسة، ومجلس الوزراء المنقسم على نفسه والذي يعمل وفق قاعدة التوافق عند اتخاذ القرار". وثمة اشكالية اخرى، في ما لو عيّن هؤلاء الاعضاء، وهي انهم لن يتمكنوا، قبل مباشرة مهماتهم، من ان يقسموا جميعاً اليمين امام رئيس الجمهورية خلال مهلة اقصاها 15 يوماً من تاريخ اكتمال تعيينهم، وذلك في حال استمرار خلو سدّة الرئاسة، مما يعني انه لن يبدأ احتساب مدة ولايتهم وانهم لن يجدوا الى بدءعملهم سبيلاً، بوجود نص قانوني صريح يربط بدءالولاية والمهمات بقسم اليمين. اما في حال عدم تعيين الاعضاء الجدد العشرة قبل انتهاء الولاية، "فيستمر الاعضاء الذين انتهت ولايتهم في ممارسة اعمالهم الى حين تعيين بدلاء منهم وحلفهم اليمين"، مما يعني انهم سوف يستمرون بقوة القانون.