ذكرت "الاخبار" انه منذ دخوله الى مخيم عين الحلوة بعد أحداث عبرا الشهيرة في حزيران من عام 2013، و​فضل شاكر​ يحاول إيجاد تسوية لوضعه. داخل المخيم، عمل على ترتيب وضعية خاصة له، بما في ذلك إمكان التحرك من دون تخفٍّ. أما في الخارج، فقد انصبّت مساعيه على محاولة ترتيب أموره الخاصة، من وضعه العائلي الذي اهتزّ بعدما رفضت زوجته الانضمام اليه في فراره، الى وضعه المادي الذي صار أصعب مع نفاد "الكاش" الذي حمله معه، الى وضعه القانوني بعدما تبين له أن الحكومة ماضية في ملاحقة كل المجموعة التي حملت السلاح الى جانب الشيخ الفارّ أحمد الاسير وتسببت في قتل عدد من العسكريين والمدنيين. مع مرور الوقت، تبين لشاكر أن غالبية من يعرفهم في الخارج تخلوا عنه، فبات أكثر توتراً وأطلق مواقف عكست مضيّه في خياره. لكن الامر تطور مع اضطرار القوى النافذة في المخيم الى الضغط عليه لاحترام ما يشبه "التفاهم" الذي أبرم معه يوم لجأ اليهم، بألا يغادر منزله، وأن يتوقف عن الإدلاء بمواقف أو تصريحات. ومع مرور الوقت كانت أمور "الفنان التائب" تزداد تعقيداً، خصوصاً بعدما هجرته زوجته ومعها أولادها، ويبدو أنها تولت أيضاً إدارة أمواله، فصار مضطراً الى التفاهم معها من أجل الحصول على بعض المال، وهو الامر الذي شهد حلحلة مؤخراً، بعدما تعهد لها بأنه سيقوم بخطوات لترتيب أوضاعه وإعلان تخليه عن مواقفه وهويته المتشددة.

وذكرت انه قبل بضعة أسابيع، وبعدما أُحبط جراء رفض غالبية الاصدقاء التجاوب معه، بحث شاكر مع أصدقاء آخرين في تأمين التواصل من جديد مع قائد الجيش العماد جان قهوجي الذي كانت تربطه به علاقة سابقة جيدة. وهو حاول، من دون نتيجة، التحدث مع مدير مكتب القائد العميد محمد الحسيني، الى أن جاء من نصحه بالتواصل مع شخصية لها تأثيرها ونفوذها. ولفتت الى ان شاكر كان قد كلف متعهد الحفلات الشهير عماد قانصو بإجراء اتصالات داخل لبنان وخارجه لمساعدته. وللأخير علاقات واسعة بسبب نشاطه الفني، وقد عمل خلال فترة غير قصيرة على التواصل مع شخصيات من خارج لبنان، أبرزها الامير السعودي ​الوليد بن طلال​ المتضامن مع شاكر لأسباب "دينية وسياسية"، على ما يقول المطلعون، وهو ما شجع الوزيرة السابقة ​ليلى الصلح حمادة​ على التواصل مع قيادة الجيش لهذا الغرض. وكل ذلك على أساس أن شاكر لم يطلق النار في أي وقت على الجيش، ولم يكن شريكاً في الاشتباكات التي جرت في عبرا، وأنه مستعد للقيام بكل ما يلزم من خطوات للخروج من هذه الازمة. وفيما كان شاكر يحاول إشاعة أجواء إيجابية عن العلاقة مع النائبة بهية الحريري، كانت الأخيرة ترفض التدخل في الامر، إلى حدّ أنه تحدث هاتفياً، قبل فترة قصيرة، مع نجلها أحمد الحريري، متهماً إياه بعرقلة أي تسوية لوضعه.

اضافت "تبين لاحقاً أن من أسباب حماسة الصلح لخوض الوساطة تسجيل نقطة ضد نائبة صيدا، علماً بأن هناك من أوحى لها، قبل أيام، باحتمال حصول صفقة تخرج شاكر من المخيم، فلم تبد أي معارضة، قائلة إنها لن تتدخل في عمل القضاء". المعطيات تفيد بأن الصلح تواصلت مع قائد الجيش، وأقنعته بأن شاكر "يريد أن يتوب ويريد تسوية وضعه"، وأنه "مستعد لفعل أي شيء يثبت أنه قد تغير". بعدها، كرّت الاتصالات، خصوصاً عندما أبلغت مديرية الاستخبارات في الجيش العماد قهوجي أن ملف شاكر صار في المحكمة العسكرية، وأنه في حال سلّم نفسه في صيدا، فإن الجيش سينقله مباشرة الى المحكمة العسكرية التي تقرر مكان الاحتفاظ به تمهيداً لمحاكمته. مع التشديد، هنا، على أن مرجعاً قضائياً معنياً أكد أن لا مجال لتسوية تمنع المحاكمة عن شاكر. لكن المرجع رفض الحديث عن اتصالات بهدف إيجاد مخرج. وهو الامر العالق حتى الآن، إذ إن "الفنان التائب" يريد قبل تسليم نفسه أن يعرف المدة الزمنية التي سيقضيها في السجن، وإذا كان هناك إمكانية لإطلاق سراحه.

وفي سياق إشاعة المناخات الايجابية، طلب الى شاكر الاستعداد لخطوات عدة، أبرزها: وقف التصريحات السياسية ضد الجيش وضد أي طرف في لبنان. والاعلان عن مراجعة أجراها، والتأكيد أنه قطع صلته بالأسير، وأن هناك خلافاً بينهما منذ مدة طويلة. واختيار محام يمكن أن يساعده على إضفاء أجواء إيجابية. وهو اختار، لهذه الغاية، المحامية مي الخنساء التي يشار إليها بأنها قريبة من أجواء المقاومة، علماً بأن الخنساء أفادت بأن موافقتها على تولّي القضية أتت بعدما أقسم لها أنه غير متورط في إسالة أي نقطة دم، وطلب منها التخلي عن القضية فور ثبوت العكس.

وبناءً عليه، تم التفاهم على خطوة إعلامية. تم اختيار المؤسسة اللبنانية للإرسال للقيام بهذه المهمة، علماً بأنه تم إخفاء صلة ليلى الصلح والوليد بن طلال عن رئيس المؤسسة بيار الضاهر، وإن كان بعض المصادر يؤكد أن الضاهر وافق على ذلك، على أمل أن تسمح هذه "الخدمة" باستعادة التواصل بينه وبين الوليد لمعالجة الملفات المالية العالقة بينهما. وافق شاكر، قبل أكثر من عشرة أيام، على إجراء مقابلة مع المؤسسة اللبنانية للإرسال. وعبر أصدقاء له خارج المخيم، تلقى الأسئلة وبدأ يتدرب على الإجابات. استشار الناصحين، وهذّب هندامه وحلق ذقنه ورتب منزله وتناول عوده. ويوم الجمعة الفائت، سُجّلت المقابلة المرئية للمرة الأولى. من دون أي جهد مهني، حيث بدا كأنه صاعد إلى المسرح لتأدية وصلة غنائية. تبرّأ من ماضيه واستبدل مواقف سابقة من الجيش والحريري بأخرى متناقضة تماماً.

مصادر مواكبة للملف أكدت لـ"الأخبار" أن خروج شاكر من حي التعمير في عين الحلوة، حيث يقيم، باتت وشيكة، وأنه يعيش هذه الأيام مناخ "إخلاء سبيل وسفر". هكذا وكأن شيئاً لم يكن، علماً بأن المعترضين على الخطوة من داخل مؤسسات الدولة يؤكدون أن ما ارتكبه شاكر "لم يكن أسوأ ممّا ارتكبه الشيخ بلال دقماق الذي لم يمكث أكثر من يومين في السجن. كذلك فإنه لم يشارك في القتال كما فعل عدد من مناصري الأسير الذين تخلي المحكمة العسكرية سبيلهم واحداً تلو الآخر، رغم ثبوت وجودهم في ساحة المعركة بحسب اعترافاتهم". فما هي العصا السحرية التي تسوّي الملف الذي كان خطاً أحمر تبرّأ منه الجميع؟