تنمي الاحداث التي تشهدها المنطقة العربية، وبنوع خاص منذ انطلاقة الربيع العربي وتحوله الي ازمات عسكرية في عدد من الدول وما تبعه من تطورات على غرار ولادة منظمات اسلامية متطرفة وارهابية اسوة بالنصرة وداعش، تنمي هذه الوقائع القناعة لدى مرجع روحي مسيحي، بان الولايات المتحدة الاميركية، لها اليد الطولى في ما آلت اليه الامور، من خلال عدم تدخلها ابان مرحلة تحول الثورة السورية الى عسكرية وبروز المنظمات الارهابية ام من خلال تلكئها حاليا في حسم هذه الظاهرة التكفيرية التي تهدد العالم اجمع، وتمكنت حتى حينه من تنفيذ عمليات في عدة دول اوروبية. والتعاطي من جانب الرئيس الاميركي باراك اوباما مع انتشار داعش في سائر المنطقة يجده المرجع كتطبيع للواقع معها، قياسا الى الاجراءات «الخفيفة» التي تطبقها واشنطن لمكافحتها من خلال التحالف الدولي الذي لم يحقق بعد نحو ستة اشهر على تشكيله اي نتائج عملية في وقت يستمر ذبح الاقليات في المنطقة على ايدي داعش، كما حصل مع الايزيديين في العراق وكذلك الاكراد، عدا ما يطال المسيحيين في هذه المناطق العربية وغيرها من الافريقية.

واذ يعود المرجع بالذاكرة الى اسلوب المواجهة الذي اعتمده الرئيس الاميركي السابق جورج بوش في التعاطي مع احداث المنطقة وقادة دولها، وما رتب الامر من فوضى في العراق وبداية انطلاق شرارة الفتنة المذهبية بين السنة وبين الشيعة، يعتبر في الوقت ذاته ان مساوئ تردد اوباما في القضاء على داعش هو تكملة لاسلوب بوش الانقضاضي. لا سيما ان «الدولة الاسلامية في العراق والشام» مكشوفة المقومات امام القدرات العسكرية الاميركية والدول المنضوية في هذا التحالف، وبالامكان القضاء عليها وتعطيل تحركاتها ولكن واشنطن تمضي في سياسة الترقب حتى حينه في وقت بامكانها تحضير قوات من كل الدول لدخول مناطق داعش والقضاء عليها. واشار المرجع الى انه زمن دخول الرئيس بوش الى العراق للقضاء على رئيسه صدام حسين، عارضه كل من الفاتيكان، روسيا وفرنسا وعدة دول ومضى بوش في قراره رغم ان صدام لم يكن يشكل تهديدا للعالم كله وجميع ابنائه وحضاراته وعلى ما هو عليه اليوم تنظيم داعش الذي تحول الى خطر داهم لكل ابناء المنطقة من سنة وشيعة لكن المسيحيين هم الاكثر تضررا من «وحشيته» قتلا وتهجيرا.

وفي قناعة المرجع ان اللقاء الذي عقده بطاركة الشرق مع اوباما في البيت الابيض، عزز الانطباع لديهم بان رئيس الولايات المتحدة الاميركية. لا يعير الجانب المسيحي في ازمة المنطقة اي اهتمام ولو من جانبه الانساني، ما ادى الى زيادة نسبة الخيبة من الرهان على واشنطن، والاتكال على الغرب ككل.

ويدرج المرجع الروحي الصراعات الاقليمية التي جعلت المنطقة امام محورين شيعي وسني في اساس مأساة المسيحيين الذين يدفعون ثمن هذا الصراع الديني - الاسلامي الذي حولهم ضحية الى جانب ابناء المنطقة من اخوانهم الذين يدفعون ضريبة الحرب - المؤامرة هذه ايضا.

ولا يبدي المرجع تفاؤله من تمكن ما تبقى من المسيحيين في عدة دول تشهد نزاعات من الحفاظ على حضورهم في ظل التهديدات التي ترافقهم وتخيم عليهم في كل لحظة، كما ان واقعهم في لبنان لا يدل على انهم سيكونون في حال افضل، اذا ما استمروا في سياسة الخلافات بامداداتها الاقليمية و«ازلاما» لدى الاخرين. اضافة الى ان قواهم السياسية هي اكثر تقصيرا من كنائسهم في تأمين مقومات وجود واستمرارية. اذ ان المسؤولين المسيحيين غائبون كليا عن معالجة الهم المسيحي بابعاده الاجتماعية. وان المطلوب في هكذا حالة ان يوحد المسيحيون موقفهم واستيضاح الطوائف اللبنانية الاخرى ما الذي تريده من المسيحيين واي دور لهم في هذا الوطن، اذا ما كان بد من دراسة واقع جديد كتموضع الطوائف كافة في المعادلة اللبنانية على وقع توازنات ديموغرافية وعسكرية واقليمية. عل «الاجوبة» تعطي انطباعا اوليا حيال كيفية تفاعل المسيحيين مع المستجدات للتواجد داخلها، لكن على قاعدة وجود قوى سياسية لهم مترفعة عن مصالحها العائلية والخاصة على حساب متاجرتها بهم..