الى موعد سيحدده رئيس المجلس النيابي نبيه بري في الساعات المقبلة، ارجئت النقاشات في سلسلة الرتب والرواتب، بينما كانت التوقعات تقول إن الجلسة التي كانت محددة امس لن تنعقد، بعد الاعلان المسبق من قبل كتلة المستقبل وحلفائها بالامتناع عن الحضور.

في الواقع، فمن يتابع الجلسات العامة، المشتركة او الفرعية، المخصصة لسلسلة الرتب والرواتب، يخرج بانطباع مفاده أنه في كل مرة يحضر فيها هذا الملف للنقاش، يخرج رئيس كتلة المستقبل النائب فؤاد السنيورة من قبعته حجّة جديدة، مرة تحت شعار المواءمة بين الارقام، وأخرى على خلفية تقنية، ومرة لمزيد من الدراسة، او لأن الظروف الاقتصادية لا تسمح.

امس، وبعدما دعا رئيس المجلس النيابي نبيه بري اللجان الى الانعقاد، لمتابعة البحث في السلسلة، وجد السنيورة الظرف مناسباً لرمي عصا جديدة في مسار المشروع الذي احيل في عهد حكومة نجيب ميقاتي، ليطرح سحب المشروع واعادة طرحه بربطه بمشروع الموازنة. وهي خطوة فهم منها المطّلعون رغبة قديمة-جديدة في الحصول على براءة ذمّة عن الفترة الماضية، التي كانت فيها الادارة المالية للدولة اللبنانية في يد السنيورة نفسه، لاسيما أن اقرار الموازنة يحتاج الى انجاز الحسابات المالية التي اثبتت نقاشات لجنة المال والموازنة منذ العام 2010، وتقارير ديوان المحاسبة، الخلل فيها.

اذا، اراد وزير المال السابق ضرب عصفورين بحجر واحد: تأخير السلسلة من جهة، وتبييض سجلاته من جهة أخرى. لكن مجريات الجلسة سارت بشكل معاكس، فتأمّن النصاب، وسط حضور نواب من التغيير والاصلاح والوفاء للمقاومة والتنمية والتحرير، وجبهة النضال الوطني، فضلاً عن النائب سامي الجميل، فيما غاب نواب القوات اللبنانية، وحضر النائب جمال الجراح منفرداً ليعبّر عن رأي كتلة المستقبل. فشارك الجراح في قسم من الجلسة، معترضاً على ترؤس كنعان لها، ليخرج ويعلن التالي: باسم كتلة المستقبل طالبت برفع الجلسة، كما اطالب الحكومة باحالة الموازنة فوراً الى المجلس النيابي وانعقاد اللجنة الفرعية لدراسة المواضيع العالقة..,.ونحن مستعدون للسهر ليلاً ونهاراً لاقرار السلسلة".

هنا، رأى المتابعون في هذه الخطوة امراً مستجداً يهدف الى تعقيد مسار اقرار السلسلة. اما النائب كنعان فاعتبر أن الطرح غير نظامي " لأن ما اللجان المشتركة في صدده هو المشروع المحال من الحكومة والذي يتعلّق بالسلاسل والتمويل"، قائلا "لقد أحالت الحكومة الينا مشروعين، الاول هو سلسلة الرواتب والثاني تمويلها، وقد درسناهما على مدى سنتين، فإذا كان المطلوب بالاساس أن ترتبط السلسلة بالموازنة، فكان الأجدى ألا نعذب الناس على مدى سنتين لنعود ونذكر بأننا نريد الموازنة العامة، علما أننا لسنا ضد إنجازها، ولكن لا يجوز أن نرهن السلسلة ونربط العمل التشريعي البرلماني القائم والذي استمر سنتين بالموازنة" .

اختلاف وجهات النظر بين المستقبل وحزب الله انسحب بدوره على السلسلة، فخرج النائب علي فياض، الذي وقف مستمعاً الى المؤتمر الصحافي لزميلة الجراح، ليعلن أن "الحل لا يكون بالعودة الى الوراء، بل بابقاء جلسات اللجان المشتركة مفتوحة الى حين بت ملف السلسلة واحالته الى المجلس النيابي ليكون البند الاول على جدول اعمال الجلسة التشريعية المرتقبة الشهر المقبل" .

الأكيد انه وبعد ستة اشهر من الجمود في هذا الملف، اعيد فتح الباب امام النقاشات، عسا أن تفضي الى خطوة اضافية نحو انجاز السلسلة. وبنتيجة النقاشات، تم التوافق على التالي:

1- الجلسة الحالية هي استكمال للجلسات السابقة مما يجيز لمقررها ان يترأس الجلسات في غياب الرئيس.

2- طالب النواب بأن تكون جلسات اللجان المشتركة بخصوص السلسلة متواصلة واعتبارها الجهة الصالحة والوحيدة لاقرار هذه السلسلة في المرحلة الحالية لا وجود للجنة فرعية.

3- البت بمسألة وحدة التشريع بين القطاعين العام والخاص في ما يتعلّق بالاساتذة، علماً انه سجّل اجماع عليها خلال الجلسة.

4-التوافق على متابعة الاجتماعات مع الاسلاك العسكرية من خلال وزير الدفاع، قبل جلسة اللجان المقبلة.

بعيد الجلسة، اعاد وزير المال تأكيد جهوزية الوزارة من الناحية التقنية منذ اشهر لاقرار مشروعي السلسلة، متطرّقاً الى ربط المستقبل بين الموازنة والسلسلة داعياً الى عدم خلق اشكالية من الموضوع " فالمشروع الذي كان يناقش في الهيئة العامة يتضمن الواردات والتكلفة، نستطيع ان نقره ونضعه في الموازنة ونستطيع اقراره بشكل مستقل، فلا يجب ان نطرح الموضوعين من جانب اشكالي".

اما قبيل الجلسة، فشهدت قاعة لجنة المال في الطابق الاول من المبنى المخصص للنواب اجتماعاً بين كنعان ووفد من هيئة التنسيق النقابية محدد منذ الاسبوع الماضي، فيما التقى وزير التربية في احد مقاهي وسط بيروت قسماً من الهيئة، الامر الذي حاول البعض وضعه في سياق الانقسام بين اعضاء الهيئة، او داخل البيت الواحد، فما كان من كنعان الاّ أن اجاب المتسائلين "الاجتماع، سواء كان مع الوزير بو صعب أو معي، هو حال واحد، ومن طلب الاجتماع معي فقد اجتمع معي، ومن طلب الاجتماع مع وزير التربية فقد اجتمع معه، وفي النهاية هيئة التنسيق النقابية وحدت مطالبها سواء في الجلسة او معي او مع وزير التربية، وهدفنا جميعا إقرار السلسلة واجراء التعديلات اللازمة على المشروع، لا أن نبقى واقفين عند الشكليات".

وبين هذا وذاك، لم يدخل عضو هيئة مكتب المجلس النيابي النائب سيرج طورسركيسيان الى الجلسة، لكنه حضر الى القاعة المخصصة للاعلاميين ليعلن التقدّم باقتراح تخفيض الغرامات في قانون السير الى النصف، لعدم تماشيها مع الحد الأدنى للاجور، واستخدام النسبة الاكبر منها لتمويل السلسلة.