لا «عاصفة الحزم» التي تخوضها السعودية في اليمن وتداعياتها على إعادة التوازن في المنطقة وتأثيراتها حتى على الداخل اللبناني ولا المواقف الضاغطة للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي المستندة الى قناعاته بعدم إمكانية انتخابه يدفعان برئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب العماد ميشال عون للتعديل في قراره الرئاسي لناحية إعتباره العودة الى قصر بعبدا كرئيس للجمهورية أمر مستحيل بل إن الأحداث الإقليمية والتجاذب السني الشيعي على مدى الإقليم العربي يدفع بالعماد عون أكثر للتمسك بقوة بقرار عدم الإنسحاب لاعتباره بأن التصادم السني الشيعي في 7 ايار من العام 2008 والمواجهة بين تيار المستقبل وبين الثنائي الشيعي دفعت نحو توافق هذه الفرقاء على رئيس تسوية أي الرئيس السابق ميشال سليمان ما أدى الى تغييب دور رئاسة الجمهورية وذوبان الحضور المسيحي في هذه المعادلة ودخول البلاد بعد نهاية العهد في فراغ على غرار العام 2007 وهو حاليا يناظر تفاهم اسلامي على رئيس مسيحي ضعيف ليتم تجاذبه بحيث يميل حسب الواقع السياسي والإقليمي.

ولذلك فإن الواقع الإقليمي الحالي بحسب اوساط متابعة، لن يدفع عون لإعتباره أن إستعادة السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي للمبادرة في الإقليم العربي والحد من النفوذ الإيراني من شأنه أن يضعف حظوظه أو إن «تضعضع» محور الممانعة في كل من اليمن وسوريا يفرض عليه الإنسحاب لصالح مرشح توافقي إذ إن الخلاف السني الشيعي بمداه الإقليمي والمحلي قد يدفعا مجدداً نحو إنتخاب رئيس ضعيف، وفي المقابل ان إحتمال تفاهم هذه المحاور السياسية-المذهبية برعاية دولية على عزل لبنان عن أزمة المنطقة بإنتخاب رئيس جديد من شأنه أيضاً أن يوصل رئيساً ضعيفاً ولا يمثل المسيحيين على غرار ما هو عليه من حضور شعبي نيابي وهو الأمر الذي يدفع عون لعدم مغادرة الساحة الرئاسية لرفضه أن يتكبد المسيحيون مجددا تداعيات التفاهم أو الخلاف الذي يؤدي إلى مصادرة موقع وقرار رئيس الجمهورية.

وفي منطق عون بحسب الأوساط، بأنه قادر على أن يكون صلة وصل بين كافة الفرقاء على ما دلت عليه حركته الحوارية مع معظم القوى السياسية على غرار تيار المستقبل، القوات اللبنانية وحزب التقدمي الإشتراكي لا بل الموافقة الأخيرة على تعيين الأمين العام لمجلس الوزراء المهندس فؤاد الفليفل إشارة تطمين لتيار المستقبل بأنه سيحافظ على التوازنات الإدارية والسياسية في البلد ولن ينقض على سياسية أي جانب وذلك بعيداً عما ستصل إليه الأمور في ما خص التعيينات الأمنية التي سيتم التعاطي معها في وقتها دون تراجعه عن رفضه التمديد للقادة العسكريين والأمنيين.

وتتابع الأوساط بأن لا عائق او طرح او مبادرة ممكن أن يقنعوا العماد عون بالتراجع عن قراره بالترشيح والإنسحاب فلو تمكن رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع أن يجد مرشح ثالث قوي مثلهما ويطمئن العماد عون لكان الأخير وافق منذ طرح رئيس القوات لهذه الفكرة ولكان ايضا وافق على ذلك.إلا أن ما يضعه جعجع من عوائق سياسية لا يمكن اعتبارها مقنعة إذا ما كان راغباً في إعادة هيبة رئاسة الجمهورية لأن إبعاد عون سيؤدي إلى ترسيخ معادلة الرئيس الضعيف وهو الذي حتى حينه لن يقبل به رئيس التيار الوطني الحر ولن يخرج عن الحلبة على أساس أن جعجع كان يطالب بلبننة الإستحقاق وقناعات عون أنه بالإمكان إبقاء التأثيرات الخارجية بعيدة عن هذه المحطة والتفاهم بخلفية لبنانية مسيحية على رئيس من نتاج القوى المسيحية.

أما لدى جانب القوات اللبنانية حسب المعلومات فإن عملية «عاصفة الحزم» عززت أكثر فأكثر قناعة جعجع بأن لا أمل للعماد عون بالوصول إلى بعبدا بعد التوازن الجديد الذي فرضته دول التعاون الخليجي من خلال عملية «عاصفة الحزم» ثم أن القلق الذي يبديه عون من التفاهم أو الخلاف السني الشيعي بامتداداته الإقليمية وتداعياته على الإستحقاق الرئاسي لناحية المجيء برئيس ضعيف يمكن استدراكه بالتفاهم الثنائي بينهما على رئيس للبلاد محصن بدعم القوى السياسية الأساسية في محوري 8 و 14 آذار وبذلك يتبدد الخوف الذي هو عليه رئيس التيار الوطني الحر، لان هذا التفاهم يتعزز بموافقة كل الفرقاء السياسيين في البلاد.

وإذ كان جعجع لم يعدل حتى حينه في موقفه الرئاسي العلني بعد الواقع العسكري الجديد في المنطقة ولا يزال يتعاطى بوتيرة ثابتة مع عون على خلفية الحوار ألقائم بينهما، فإن الموقف السياسي للعماد عون هو العامل الذي يبعد بينهما لكون المنافسة تنطلق من هذه الخلفية فهو أعد برنامجاً رئاسياً عرض في طياته لنظرته حيال تفاعله حيال رؤيته الرئاسية من قصر بعبدا في حال فاز بهذا الموقع في حين يمتلك العماد منذ توقيعه «ورقة التفاهم» مع حزب الله مشروعا سياسيا مناقضا لكل مسار قوى 14 اذار، في عدة مواضيع ولكن ذلك لا يلغي احتمال التوافق مع العماد عون على ملفات ذات طابع مشترك على ما ضمت بنود ورقة النوايا بينهما.