فيما تتصاعد التطورات العسكرية على أرض اليمن، وقد تسارعت وتيرتها أكثر بعد الاتفاق النووي، تشتد نيران "الحرب الاعلامية" بين "تيار المستقبل" و"حزب الله". واستجدت جملة من العوامل الخارجية على المسرح الداخلي في لبنان يتم استخدامها بقوة أدت الى تأجيج المواقف أكثر بين الفريقين. وجاءت عاصفة اليمن لتساهم في إظهار هذه الحساسية بينهما، على رغم جولات الحوار المتتالية في عين التينة، حتى لو بلغت المئة. وبعد التدخل العسكري للرياض في اليمن وقيام سلاح الجو لديها بتنفيذ سلسلة من الغارات التي تستهدف "أنصار الله" ومواقعهم ووحدات الجيش الموالية لهم، رفع "حزب الله" الصوت بلسان أمينه العام السيد حسن نصرالله. ويرى هذا الفريق أن السعودية لم تقع في أزمة فحسب، بل في "مأزق" لا يمكنها تجاوزه الا بالحوار والاصغاء الى مكونات اليمن وعدم استثناء الحوثيين من هذه المعادلة، نظراً الى ما يمثلون من حضور على الأرض. ومنذ اليوم الأول لـ"عاصفة الحزم" يردد سياسيون في الحزب أن سلاح الطيران لن ينفع والأمثلة واضحة للعيان في أفغانستان والعراق. وأن المخرج الأفضل للانسحاب من مستنقع اليمن يكون بالحوار.

والى أين يؤدي السجال الداخلي اللبناني حيال اليمن؟ يشدد الحزب على انه في "موقع رد الفعل" ولا يحبذ الخوض في سجالات مفتوحة.

وفي معلومات لـ"النهار" أن القيادة طلبت في تعميم توزعه عادة على النواب والمسؤولين عدم توسعة "شعاع الردود". وأن ثمة مسائل لا يمكن السكوت عنها والاكتفاء برد واحد من صاحبه، على غرار ما فعله النائب حسن فضل الله حيال السفير السعودي علي عواض عسيري ورد النائب علي فياض على وزير العدل أشرف ريفي، بمعنى أن الردود هنا تكون "منتقاة". وأن الأسباب التي دفعت الحزب الى هذا الخيار هو أن المملكة أعلنت – بحسب من يسألهم – حرباً مفتوحة عليه أدت الى هذه الموجة من التصعيد. في المقابل، ومع صدور كل موقف من الطرفين، تتجه الأنظار الى ما سيحدث في جلسات الحكومة في السرايا وحوارات عين التينة التي يحرسها جيداً رئيس مجلس النواب نبيه بري، وهو يعمل ليل نهار على صد سهام التصريحات والاطلالات التي تهدد مناقشات هذا اللقاء. وتنتهي الأمور في الحكومة والحوار بالمتابعة، مهما طال سفر الحوار الى صنعاء الجريحة.

وفي زحمة تأثيرات اليمن على لبنان، يتحدث قياديون في "حزب الله" باطمئنان عن الحوار، على رغم كل ما يعترضه. ويظهرون إيمانهم وتمسكهم به. وأن مسؤولية أي تراجع عن هذا الطريق يردونها الى الفريق الآخر. وكان الحزب قد تلقى أكثر من إشارة من الأميركيين والأوروبيين، ولو بطريقة غير مباشرة، عن تأييدهم لهذا الحوار القائم، وهذا ما أظهره الفرنسيون في أكثر من محطة أمام بري، فضلاً عن نائب وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن. وتشمل هذه المواقف مظلة دولية للحوار، وما على المعنيين إلا الاستفادة منها "وليس هناك من خيارات بديلة". ويخشى الحزب بعض أصوات أيدت الحوار مكرهة وعلى مضض، وحلّت الأحداث اليمنية وما يرافقها من تطورات لاستغلال هذا المناخ والتصويب على الانجاز الداخلي الذي حقق نجاحات ومكاسب على أكثر من مستوى. وستظهر طلائعها في تنفيذ الخطة الأمنية في بيروت والضاحية الجنوبية قبل نهاية نيسان الجاري.

وفي غضون ترقب الاشتباك بين الحزب و"المستقبل"، ثمة من بدأ يحذّر من آثار "الحرب الاعلامية" بينهما التي قد تنسف الحوار أو تعطله. وسيمرّان في أكثر من امتحان في جلسات الحوار المقبلة، وخصوصاً اذا تطورت الحرب في اليمن. من جهة أخرى، يتوقف الحزب عند "اشعاعات" الاتفاق النووي الإيراني على مواقف بعض الأطراف، وكان قد تلقى بارتياح كلام عضو كتلة "القوات اللبنانية" النائب جورج عدوان حيال ما حصل. ووصلته أصداء إيجابية من حزب الكتائب، الأمر الذي يساعد الحكومة اللبنانية على قبول هبة السلاح المقدمة من إيران للجيش اللبناني، بعد انتفاء الحظر على طهران وانعدام العقبات القانونية. وسيقول الحزب كلمته في هذه الهبة ومصير التعامل معها على طاولة مجلس الوزراء.

وأين الاستحقاق الرئاسي بعد التطور النووي الإيراني، يجيب قيادي في الحزب بأنه "أصبح في امكان المرشح العماد ميشال عون أن يشد قدميه أكثر".