احتدمت معركة ​المحطات التلفزيونية​ اللبنانية مع اصحاب شبكات "الكابل" في لبنان، ودب الخلاف بينهما مما اسفر عن توقيف بث محطتين لبنانيتين هما "الجديد" و"المؤسسة اللبنانية للارسال"، وتطورت القضية لتصل الى المحاكم بعد ان قام وكيل المحطات اللبنانية الثمانية وسيم منصوري بتقديم شكوى امام القضاء، ولجوء المحطات نحو الوزارات المعنية طلبا للدعم والمساعدة. القضيّة هي في البدل الّذي تريده المحطات اللبنانية (مبلغ ستة الاف ليرة لبنانية) عن كل مشترك لدى موزعي "الكابل"، الامر الذي جوبه برفض شديد من قبل الموزعين، أما اليوم فنحن امام هدنة اتفق عليها بين الطرفين تمهيدا لحوار بينهما على أمل التوصل من خلاله الى نتائج ايجابية. ولكن أين المواطن اللبناني وهو المعني الابرز بحال تقرر زيادة اشتراكه الشهري، من كل ما يجري؟

جالت "النشرة" في بيروت مستطلعة آراء اللبنانيين بشأن "دفع الاموال لمشاهدة المحطات التلفزيونية اللبنانية"، فكان التوجه للاكثرية الساحقة من المواطنين برفض دفع اي مبلغ لمشاهدة ما يعتبرونه حقاً لهم. وهنا يقول احد المواطنين: "اسم هذه المحطات هو محطات لبنانية وبالتالي هل اصبح لزاما على المواطن في لبنان ان يدفع لمشاهدة هذه المحطات!"، مشيرا الى انه يرفض رفضا قاطعا اي زيادة على قيمة الاشتراك الشهري، خاصة ان كان لمحطات لبنانية. ويعبّر آخر عن رأيه بقوله "لماذا علينا ان ندفع لمشاهدة محطات لا تقدم لنا سوى التوتّر والطائفية والمذهبية"، لافتا الى ان مشاهدته للتلفاز تقتصر على بعض الافلام الاجنبية والمباريات الرياضية.

كما كان لافتا خلال الجولة ان عددا من اللبنانيين قرر "توقيف" اشتراك "الكابل" وشراء صحن لاقط والجهاز التابع له. فيقول احد الذين التقت بهم "النشرة": "قررت شراء جهاز خاص بي اشاهد عبره ما أشاء اذ انه لا يمكنني القبول بفكرة دفع المال لمشاهدة المحطات الارضية اللبنانية".

هذا من جهة المواطنين، اما من جهة طرفي النزاع فإن اتفاقا مبدئيا قد وُقع أمس، وقد حصلت "النشرة" على نسخة منه وهو يتضمن ما يلي: "تجميد كافة الدعاوى والملاحقات القانونية كما وانهاء الحملات الاعلامية ووقف التصريحات، اعادة بث كامل القنوات التلفزيونية فورا، التأكيد على العمل لايجاد حلول عادلة لكلا الفريقين بحيث لا يكون الحل على حساب اي من الفريقين، تحديد جدول زمني مدته اربعة اسابيع يتم خلالها تحديد بنود الاتفاق النهائي من النواحي الفنية والمالية والتجارية، واخيرا التعاون ما بين كافة الفرقاء وفق مبادىء حسن النية.

اذا نحن امام هدنة لاربعة اسابيع قد تمدد بالتراضي حسبما يؤكد ممثل تجمع اصحاب شبكات الكابل في لبنان ​محمد خالد​ في حديث لـ"النشرة". ويضيف: "الاتفاق المبدئي هو بمثابة اتفاق حسن نية، ونأمل خلال هذه الفترة ان نصل الى حلول ترضي الجميع والاهم ان لا يتحمل الموزع والمواطن اللبناني اعباء كبيرة"، مشيرا الى ان الموزعين يمثلون المواطن في هذه القضية اذ ان علاقتهم ببعضهم البعض هي علاقة مباشرة.

ويردف: "لا يمكن لاصحاب المحطات ان يقرروا تغيير الواقع الذي كان سائدا منذ 60 عاما تقريبا، خلال مدة شهر، لذلك يجب الجلوس والبحث عن خطط فاعلة". ويضيف: "لا قدرة للموزع ان يدفع مبلغ 6000 ليرة لبنانية عن كل مشترك لأن هذا المبلغ هو ثلث الفاتورة الشهرية وهذه النسبة تمثل ربح الموزع، بمعنى آخر تريد المحطات ان يدفع الموزع ربحه لأجلها، كذلك لا يمكن زيادة فاتورة المشترك بنسبة 30 و35 بالمئة بفترة زمنية قصيرة".

يقول احد المطلعين على هذا الملف بعيدا عن الكاميرا، بأن اشتراك الكابل يوفر على اللبناني مبالغ طائلة، فهو يؤمن له مشاهدة المحطات العالمية المشفرة بمبلغ 20 الف ليرة شهريا، كما أمّن له سابقا مشاهدة مباريات كأس العالم لكرة القدم على شاشة تلفزيون لبنان بعدما تخلى من هم في السلطة عن مسؤوليتهم، معتبرا ان ما يجري اليوم هو محاولة اضعاف هذا القطاع للسيطرة عليه من قبل المسؤولين، الذين لم يتركوا في لبنان قطاعا خارج جيوبهم، ولذلك فهم يمارسون ضغوطهم. في نفس السياق يكشف خالد للمرة الاولى عبر "النشرة" ان شبكات "الفايبر اوبتيك" لموزعي الكابل في لبنان مرتبطة بعضها ببعض، وهذا يدل على التطور الهائل الذي وصل اليه هؤلاء، خصوصا بعد ان نعلم بأن مشروع "الفايبر اوبتيك" ان ارادت الدولة اللبنانية المباشرة فيه اليوم فانها تحتاج سنوات من العمل ومبالغ مالية تصل الى مليار دولار اميركي. وهنا يؤكد خالد عبر "النشرة" ان كل موزعي الكابل في لبنان مستعدون لتنظيم هذا القطاع بطريقة علميّة ليصبح قطاعا منتجا للدولة اللبنانية.

في الخلاصة، تجدر الاشارة الى أن البند الثالث من الاتفاق المبدئي الذي حصل، يجزم ان الحلول "العادلة" لن تكون على حساب اي من الفريقين، وهنا لم يأت الاتفاق على ذكر الطرف الثالث اي المشترك، لذلك يبقى التساؤل هنا مشروعا، هل سيكون الاتفاق على حساب المواطن؟

تصوير تلفزيوني علاء كنعان

.