السبت , 09/05/2015

الأرشيف

al-binaa on Facebook

al-binaa on Twitter

al-binaa on google+

Latest News

» الرياض ـ واشنطن في قبضة اليمن الجديد!

» السفير الصيني في فلسطين لـ«البناء»: دعمنا لسورية ثابت والعدوان السعودي على اليمن غير شرعي وغير مسؤول

» خيارنا واحد: الصراع لتحيا سورية

» السعودية تتلقى أولى الرسائل… فهل تتعظ؟

» الإرهاب… إنجازات في المواقع الإلكترونية وسقوط في المواقع الميدانية

» مهمة عزّام الأحمد الصعبة: نتائج إيجابية تنتظر الترجمة

» «حصر إرث» استراتيجي في الخليج

» المعجزة السورية

» نعم هي الحرب الفاصلة

» برلماني كويتي يقلق المملكة

عام مضى على إطلاق «المبادرة الفلسطينية لحماية الوجود الفلسطيني في لبنان»، والتي حظيت بمواكبة لصيقة من قبل مرجعيات سياسية وأمنية لبنانية في الإطارين الرسمي والحزبي. ساهمت هذه المواكبة في إخراج المبادرة إلى نور الإعلان عنها، وتحديداً من مخيم عين الحلوة. وقد لاقت هذه المبادرة في حينه ترحيباً واسعاً من قبل الجمهور الفلسطيني في المخيمات، والجهات الرسمية في الدولة اللبنانية، وكذلك من قبل الأحزاب والقوى اللبنانية على مختلف تلاوينها ومشاربها السياسية من قوى 8 آذار 14 وآذار. ومردّ هذا الترحيب الواسع أنها المرة الأولى التي تتمكن فيها الفصائل والقوى الفلسطينية من صوغ رؤية موحدة من أجل حماية الوجود الفلسطيني في لبنان، وعدم تمكين القوى المتربصة في هذا الوجود من توظيف واستغلال الفلسطينيين في الداخل اللبناني بما يهدّد أمنه واستقراره وسلمه الأهلي.

وبعد عام على هذه المبادرة، السؤال المشروع الذي يطرحه الكثيرون، ما الذي تحقق من هذه المبادرة؟ وهل تمكنت من طمأنة الفلسطينيين قبل اللبنانيين على المستوى الشعبي والرسمي؟ ومؤكد أنّ هناك أسئلة كثيرة على ألسنة الفلسطينيين واللبنانيين في آن، حول المبادرة وماذا حققت في عام.

قبل الإجابة على السؤالين، لا بدّ من التطرق إلى التحديات التي واجهت الفصائل والقوى الفلسطينية، جراء قبولها فكرة تبنّي صوغ المبادرة، ومن ثم إقرارها والموافقة عليها:

ـ أولاً: وضعت الفصائل والقوى الفلسطينية نفسها وجهاً لوجه أمام تحمّل مسؤولياتها، من موقع أنها الضامن والمسؤول عن تنفيذ هذه المبادرة والسهر على تطبيقها.

ـ ثانياً: وضعت الفصائل والقوى الفلسطينية نفسها أمام التحدّي الصعب في التأكيد على أنها المرجعية السياسية والوطنية للشعب الفلسطيني في لبنان أمام الدولة اللبنانية بأجهزتها ومؤسساتها من جهة، وأمام مؤسسات المجتمع المدني والأهلي في المخيمات وجوارها من جهة ثانية، من خلال قدرتها على تنفيذ ما ورد من نقاط في أهداف هذه المبادرة والتي بلغت 19 هدفاً.

ـ ثالثاً: وضعت الفصائل والقوى الفلسطينية أمام التحدّي الأصعب، من خلال قدرتها على مواجهة الجهات أو المجموعات التي تخرق المبادرة، خصوصاً تلك المجموعات الموقّعة على المبادرة من خارج الفصائل والقوى الفلسطينية. وتحديداً في مخيم عين الحلوة حيث تواجدها، وكيفية التعاطي مع خروقاتها.

أما في الإجابة على الأسئلة، فعلى الرغم من تمكّن الفصائل والقوى الفلسطينية من تشكيل القوة الأمنية، ومباشرة عملها في مخيم عين الحلوة، والتي بدأت بـ150 عنصر وضابط، ليصل عديدها الآن إلى أكثر من 250 عنصر وضابط، ونجاح القوة الأمنية في فرض هيبتها، وتمكّنها من توقيف عدد من المطلوبين في قضايا مختلفة. ولكن للأسف فإنّ هذه الهيبة بدأت بالتآكل مع أول عملية قتل داخل مخيم عين الحلوة، لتبدأ بالتلاشي التدريجي مع استمرار هذا المسلسل الدموي، والذي ليس آخره وإنْ كنا نتمنى، كان اغتيال المواطن الفلسطيني مجاهد بلعوس قبل أيام، وقبله المواطن اللبناني مروان عيسى الذي تمّ استدراجه بهدف قتله.

وعليه فإنّ القوة الأمنية التي جاءت ترجمة عملية للمبادرة الفلسطينية، لم تنجز شيئاً نستطيع الركون إليه سوى تشكيل القوة الأمنية، التي من الواضح في ظلّ ما يشهده مخيم عين الحلوة، أنّ حضورها وفعاليتها دون المستوى المطلوب والمأمول منها، إنْ على مستوى ضبط الأوضاع الأمنية في المخيم، أو وقف مسلسل القتل المُدان والمستنكر. ناهينا عن اتهام المخيم بأنه يأوي مطلوبين للعدالة اللبنانية. وهذا يقودنا مباشرة إلى نتيجة أنّ الجمهور الفلسطيني واللبناني في جوار مخيم عين الحلوة غير مطمئن على الإطلاق لما يجري. وهو لا يستطيع الركون إلى أنّ الفصائل والقوى الفلسطينية التي وقفت خلف المبادرة. وهذا ما تعكسه حالة الاستياء شبه العامة داخل المخيم بسبب عجز الفصائل وقوتها الأمنية عن الإمساك بزمام الأوضاع داخل المخيم. وهذا ما يسبّب حالة الإحراج التي تعيشها الفصائل أمام جمهورها والحراكات الشعبية والجماهيرية التي بدأت ومنذ مدة في رفع صوتها لوقف هذا المسلسل الدموي. وأمام الدولة ومرجعياتها وأجهزتها وإداراتها التي وفرت ولو بالقدر المتاح ما يُعطي القوة الأمنية القدرة على التحرك والمبادرة.

إنّ استمرار هذا السياق على النحو الذي يعيشه مخيم عين الحلوة يُنذر بما هو أسوأ. الأمر الذي سيترك من المخاطر والتداعيات الشيء الكثير، إنْ كان على المستوى السياسي أو الوطني أو الأمني أو الاجتماعي وحتى الإنساني، بما يُدخل حق العودة في مأزق خطر للغاية، لما يمثله مخيم عين الحلوة من ثقل سياسي ووطني واجتماعي، وعلى أنه عاصمة الشتات الفلسطيني. ومن دونه تكون قضية اللاجئين قد دخلت عملياً في دائرة التصفية الجدية. الأمر الذي لا بدّ من التنبه من أخطاره علينا جميعاً كفلسطينيين، فصائل وقوى وجمهورها في المخيمات وخارجها، خصوصاً أنّ هناك من يتربّص بنا نحن الفلسطينيين ويعمل جاهداً للوصول إلى تحقيق هذا الهدف، والجميع من فصائل وقوى يدركون حقيقة السعي «الإسرائيلي» مدعوماً من الإدارة الأمريكية، الهادف إلى إسقاط حق العودة بشكل نهائي. والمشاريع والرؤى حول ذلك تملأ أدبيات الفصائل والقوى الفلسطينية وخطابها السياسي.

بعد مرور عام على مبادرة الفصائل حول حماية الوجود الفلسطيني وتحييد المخيمات، المطلوب أن تقف الفصائل والقوى الفلسطينية في لبنان أمام ما حققته هذه المبادرة، وتقييم تجربة عام من عمل القوة الأمنية، واستخلاص الدروس والعبر. شريطة أن تتحلى قيادات الفصائل والقوى بقدر وافر من الشفافية والموضوعية في تقييمها لهذه التجربة، التي كانت متعثرة في بعض الأحيان، ومعطلة في أحيان أخرى. وفي المحصلة أنها تجربة لم تؤدي الغرض المطلوب منها.