في الأيام القليلة المقبلة، ستعمل السلطات السعودية على معالجة ذيول حادثة ​القطيف​ بأسرع وقت ممكن، نتيجة تداعياتها الخطيرة الممكنة على الأوضاع الداخلية في الرياض، التي تشهد توترات على أكثر من صعيد، لا تبدأ بالصراعات الداخلية على الحكم ولا تنتهي بنمو التيار المتطرف على نحو كبير، لكنها حكماً لا تنفصل عن سياستها الخارجية بالمنطقة التي ساهمت في بروز النزاعات الطائفية في أماكن متعددة.

عنوان الحرب التي تقوم بها المملكة في اليمن، يساهم في نمو الجماعات الإرهابية، محاربة النفوذ الإيراني والتحريض على جماعة "أنصار الله" بسبب إنتمائها المذهبي، وفتح المجال أمام وسائل الإعلام التي تدور في فلكها من أجل تظهير الصراع في الشرق الأوسط، من العراق إلى سوريا، بمظهر مذهبي يساعد أيضاً، فبعد كل ذلك لا يمكن إستغراب قيام مواطن سعودي بعملية إرهابية تستهدف أبناء المناطق الشرقية.

وعلى الرغم من إحتمال تورط بعض الجهات السعودية بالتفجير الإنتحاري في مسجد الإمام علي بن أبي طالب في منطقة​القطيف​، لا يمكن الجزم بأن ليس هناك داخل الأسرة الحاكمة من لا يدرك تداعياته، سيما بالنسبة إلى أهالي المنطقة الشرقية التي تعتقل شخصياتها الدينية من قبل السلطات الرسمية لأسباب معروفة، وبالتالي هي لا تصب حكماً في مصلحة الجناح الحاكم، الذي يرفع راية المصالح الأمنية منذ وصوله إلى السلطة.

هذه الحادثة الخطيرة، التي سبقتها أحداث أقل منها من حيث الأهمية، قد تكون مقدمة لإنفجار الأوضاع داخل المملكة، التي تشهد اضطرابًا نتيجة الحرب على اليمن، كونها لم تنجح حتى الساعة في تحقيق الأهداف ذات السقف العالي التي وضعت في بداياتها، حيث من الممكن أن يقدم الأهالي على إشعال تحركات لا تهدأ في وقت قريب، وبالتالي إشغال السعودية في أحداث داخلية لن تنجح في إنهائها سريعاً.

في بعض الأروقة المعنية، العديد من السيناريوهات التي وضعت على بساط البحث، منها قيام جماعات إرهابية متطرفة بهذه العملية نتيجة التحريض الواسع القائم منذ أشهر طويلة، والذي لا تخلو مواقع التواصل الإجتماعي منه، ومنها أيضاً قيام أحد المتضررين من العهد الجديد بها، بهدف إحراج المسؤولين الأمنيين الجدد، بعد أن عملوا على إقصاء خصومهم، من خلال إستخدام هذه الورقة الخطيرة، والحديث عن إحتمال بروز صراعات داخلية في السعودية ليس بجديد على الإطلاق.

بالإضافة إلى ذلك، يأتي إحتمال أن يكون التفجير الإنتحاري عبارة عن عملية أمنية، قام بها جهاز أمني خارجي بغية تحقيق أهداف سياسية محددة، منها على سبيل المثال إجبار الرياض على الدخول في مرحلة التسويات التي يجري الإعداد لها على مستوى المنطقة، وهنا تبرز التحذيرات التي وجهها الرئيس الأميركي ​باراك أوباما​ من الأوضاع الداخلية في الدول الخليجية، عندما كانت تعارض هذه الدول الإتفاق النووي مع إيران، وتسعى إلى عرقلته بأي وسيلة ممكنة، ولا يمكن إغفال حجم التأييد الذي تحظى به الجماعات المتطرفة، من "القاعدة" إلى "داعش" و"النصرة" داخل المملكة، ولا حتى التبرعات حيث كانت الأموال الطائلة تأتي على شكل تبرعات من الدول الخليجية.

من حيث المبدأ، لا يمكن لأي جهة حالياً توقع مسار الأمور في المستقبل القريب، لكن الأكيد أن حادثة القطيف من حيث الأهداف خطيرة جداً، وهي تصب في سياق حملة الجنون التي تجتاح المنطقة، وتداعياتها الأساسية ستكون على الأوضاع الداخلية في السعودية، وربما تدفعها إلى إعادة النظر في بعض الخطوات التي قامت بها على مدى السنوات الأخيرة، لكن الأكيد أن الفشل في التعاطي مع ذيولها سوف يؤدي إلى دخول الرياض في صراع داخلي طويل جداً، خصوصاً إذا ما ربط بالأحداث المتوترة في كل من البحرين واليمن.