اعرب الموفد البابوي الكاردينال دومينيك ​مومبرتي​ بعد لقاء للقادة الروحيين دعا اليه البطريارك الماروني الكاردينال ​مار بشارة بطرس الراعي​ في بكركي عن "شكره للراعي على الكلمة الترحيبية الحارة التي وجهتموها الينا، وعلى دعوتكم لنا لزيارة لبنان لكي نتشارك فرحة تعييني كاردينالا واستلامي مهمتي الجديدة كرئيس لمحكمة التوقيع الرسولية العليا"، مؤكداً "لقد سررت بلقاء المسؤولين في المحاكم هنا، وفي هذا المكان ايضا في بكركي، حيث عبرت لهم باسم البابا عن اهمية هذا القطاع بالنسبة إلى الكنيسة. كما سررت بالإحتفال بختام الشهر المريمي الأحد الماضي في بازيليك سيدة لبنان. ولقد اتحدت بالصلاة مع جميع اللبنانيين لكي يحمي الله بشفاعة العذراء مريم هذا البلد وساكنيه دائما، ويحمي هذه الصيغة اللبنانية التي اتاحت للجميع وعلى مر القرون امكانية عيش وتطوير هذه الثقافة الإستثنائية التي هي وبحسب قول البابا فرنسيس ثقافة التلاقي. انه نموذج حاضر وليس من الماضي وهو صيغة حياة لا تزال سارية وصالحة، وهي ما اختصرها البابا يوحنا بولس الثاني بقوله ان لبنان هو اكثر من بلد إنه رسالة".

أضاف: "أنا سعيد أيضا، وتحديدا في هذا الإطار الذي نلتقي فيه، بتوجيه التحية ليس فقط إلى أساقفة ورؤساء عامين ورئيسات عامات الجماعة الكاثوليكية، وإنما أيضا للقاء الجماعات المسيحية الاخرى والجماعات المسلمة. وأقدر لكم تلبيتكم هذه الدعوة والحضور الى هذا اللقاء اليوم الذي هو بمثابة شهادة معبرة عن الرغبة في أن تتمكن ثقافة التلاقي من أن تكون مشتركة بين الجميع في هذا الوطن، وبين مختلف الجماعات، وبهكذا تكون الضمانة الأقوى ليستمر اللبنانيون معا في بناء السلام".

ولفت مومبرتي الى ان "البابا فرنسيس عبر مرارا وتحديدا في الآونة الأخيرة عن قلقه من الوضع في الشرق الاوسط. وفي الواقع، أعتقد أن هذا القلق يتقاسمه الكثيرون لأن معاناة الشعوب تثير عطف الناس أجمعين. فهذا التهديد لا يطال شعوب هذه المنطقة فقط، وانما الامر ابعد من ذلك بكثير، لهذا فمن الضروري أن يتوقف العنف وتعلو المصالحة فوق كل شيء. وفي هذا المجال، فإن الجماعات المسيحية تتحمل مسؤولية خاصة. وطبعا، الجماعة المسيحية لديها دعوة خاصة، كما قال البابا دعوة للشهادة في بلدان المنطقة وإحداث تأثير في الجماعات التي يعيشون معها، وعليها ان تبث المصالحة وتكون فاعلة سلام"، مبدياً "اسفه لانه في ظروف وحالات عدة نرى أن المسيحيين ليسوا وحدهم بالتأكيد ضحايا للعنف والإضطهاد الذي يدفعهم الى ترك ارضهم. ومرة جديدة، أقول إن هذا الامر لا يطال المسيحيين فقط، وإنما شعوب العالم أيضا تعاني من العنف والإعدامات، ولكن بما أن المسيحيين هم اقلية في هذه البلدان فهم يشعرون بوزر ثقيل. وفي اطار هذه المنطقة حيث الكثير من الصعوبات والحروب، فان لبنان يظهر، مرة جديدة، كجزيرة تواجد وعيش مشترك وإيمان بالمستقبل"، لافتاً الى ان "هذا ما اراد البابا مني أن أنقله الى اللبنانيين. وبالنسبة إلينا هذه الصيغة اللبنانية سارية دائما، وهي اليوم كما في الأمس، طريقة للعيش معا، وهي مثمرة لأنه يمكنها أن تحمل السلام والإزدهار. ويجب علينا كما يجب عليكم وبأي ثمن ان نقوم بكل ما اوتينا من قدرة لتتمكن هذه الصيغة اللبنانية من الإستمرار والعمل أيضا من اجل السلام، كما تعمل حتى الآن".

واكد مومبرتي اننا "نعتمد عليكم جميعا وعلى جماعاتكم في هذا الشأن. ومن جهتنا، تأكدوا من أنه يمكنكم الإعتماد على دعم الكرسي الرسولي لكم، إنه دعم على المستوى الدولي. وتأكدوا أيضا ان الكرسي الرسولي في مداخلاته وتصريحاته الصادرة عن البابا وعن ممثلين عنه وأيضا عن ممثلين من الأمم المتحدة، تؤكد أن الوضع في الشرق الأوسط هو من اكثر الأمور التي نعيرها الإهتمام. كما اننا نشدد على اهمية لبنان بالنسبة الينا، ولكن على الصعيد الوطني ايضا تأكدوا أن عيوننا مركزة على لبنان والبابا يتابع الوضع بعناية كبيرة، وهو قريب من اللبنانيين ويتمنى بقوة أن يساهم الجميع بكل ما لديهم من قدرات لتأمين الإستقرار لهذا البلد"، مضيفاً "في هذا الإطار، نعبر عن قلقنا تجاه مدة الجمود المؤسساتي، الذي منذ عام تشل العمل الطبيعي للمؤسسات الرسمية والسياسية اللبنانية. لذلك، بعد سنة من الوضع الصعب الذي تمر فيه البلاد، نعتقد أنه حان الوقت لكي بواسطة الحوار والبحث عن حلول مشتركة، تعود المؤسسات إلى عملها الطبيعي من خلال انتخاب رئيس للجمهورية"، موضحاً "لهذا جئت الى لبنان، ناقلا هذه الرسالة إلى الجميع، وأكرر أننا قريبون من اللبنانيين، والكرسي الرسولي قريب منهم أيضا، والبابا ينتظر من اللبنانيين التضامن والوحدة التي تتيح لهم الإستمرار لكي يكونوا نموذجا لبلاد المنطقة. ونتمنى من كل قلبنا ان يكون في الإمكان اعطاء مثل عن الإستقرار أيضا في المجال المؤسساتي".

وذكر مومبرتي ان "هناك الكثيرون ممن ينظرون اليكم وتحديدا الجماعات المسيحية في المنطقة، فمسيحيو لبنان بالنسبة اليهم يمثلون مرجعا مهما، وهم ينتظرون أن يبقى هذا البلد مثالا عن العيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين، هذا العيش الذي ميز لبنان دائما. إن الجماعة اللبنانية غالية على قلب الكثيرين، وتحديدا على قلب البابا. لذلك، أود مرة جديدة أن اشكركم كجماعة مسيحية ومسلمة حضرت اليوم لتؤكد من جديد شهادة الوحدة بين الزعماء الروحيين، والتي هي مهمة جدا ونموذجية في لبنان".