يعتبر عيد الاستقلال من اهم المناسبات الوطنية في دول العالم، فهو يرمز الى انتزاع السيادة ورحيل المستعمر والمحتل بفضل التضحيات التي بُذلت.

تحتفل الولايات المتحدة الاميركية بعيد الاستقلال يوم الرابع من تموز من كل عام، وتعم البهجة والفرحة جميع الولايات، هنا لا تقتصر الاحتفالات على العروض العسكرية فقط، فالملايين من الاميركيين يندفعون بعفوية الى الشوارع والساحات العامة يتبادلون التهنئة، ويقيمون الحفلات، يشاهدون الالعاب النارية، فالمناسبة بالنسبة اليهم تعني المجد والقوة والافتخار، رغم ان قسما كبيرا منهم هم، من المهاجرين الذين ركبوا البحر تاركين اوطانهم من خلفهم وذلك من اجل البحث عن مستقبل افضل.

في لبنان للمناسبة (عيد الاستقلال) معان اخرى، ايضا الجميع ينتظر يوم الثاني والعشرين من شهر تشرين الثاني من كل عام، التلامذة من اجل يوم عطلة يزيح عن كاهلهم هم الدراسة، والموظفون الذين يعتبرونه فرصة للراحة من الروتين اليومي، والنموذجان اعلاه يصابان بالصراع وبنوبات من الغضب ان صادف يوم العيد نهاية عطلة الاسبوع فيخرجان من المولد بلا عطلة إضافية، ولكن الاسوأ يتمثل في الشريحة الساخرة من هذا العيد، والتي تتزايد اعدادها عاما بعد آخر.

هل يعقل ان يعتبر بعض ابناء البلد ان نيل الاستقلال هو نقطة سوداء في سجل حياتهم؟، فهم يضربون ويلطمون في كل عام حسرة على رحيل الانتداب، ووصل الحال ببعض السياسيين حد تسخيف هذه المناسبة، ويطرح هؤلاء امام الرأي العام امتيازات كانوا ليحصلوا عليها لولا نيل الاستقلال، وابرزها نيل جواز سفر فرنسي يفرض على سلطات دول العالم تقديم اسمى ايات الاحترام لحامله.

لماذا هذه النظرة السلبية لعيد الاستقلال في لبنان؟، المشكلة ليست في الشعب بل في النظام السياسي القائم الذي غيب روح المواطنة بين اللبنانيين، ما دفعهم الى اشهار انتمائهم الطائفي والعائلي على الوطني، وجعلهم يفتخرون بالحروب الداخلية التي وقعت بين اللبنانيين، وبات الاقتداء بأفعال قطاع الطرق والمجرمين والقاتلين من اهل الطوائف أهم من الافتخار بأي انجاز آخر، وذلك بفضل السياسات المتبعة والتي يأتي علر رأسها الستة والستة مكرر، وهذا كله يؤدي بطريقة او بأخرى لمشاريع التقسيم التي تقرع ابواب الوطن الصغير.

كلمة اخيرة، صحيح ان رجالات الانتداب والاستعمار والاحتلال رحلوا، ولكن الطبقات السياسية التي تتعاقب على حكم الوطن، والمرتهنة بأغلبها (إلا من رحم ربي) كانت اشد ايلاما على اللبنانيين، ولا يمكن حتى المقارنة بينها وبين التتار والمغول