يستحق المواطن اللبناني الظلم اللاحق به في بلاده، والافاعيل التي ترتكب بحقه، وتجاهل مسؤوليه لحقوقه، ما دام لا يحرك ساكنا للدفاع عن ابسط حقوقه في وطنه.

اللبناني بطل معجزات القرن الحالي، فهو محلل سياسي بارع ومنظر للسياسات والازمات حول العالم، يعطي رأيه في التقارب الاميركي الكوبي، والاميركي الايراني، يثني على الاداء الروسي حيال الازمة مع جورجيا، ويتمحص في موضوع اسعار النفط وانعكاساتها على منظمة اوبك، ويتناول مشكلات الدول الافريقية والنزاعات الحدودية بين البيرو وتشيلي، وبكل تأكيد لا يتجاهل الحروب في دول الجوار، وعندما يصل الحديث الى بلاده يبلع لسانه، ويصم اذانه، ويلعب دور النعامة فيدفن رأسه في رمال الصمت.

عندما يصبح موضوع حقوق وواجبات المواطن مطروحا على الطاولة، ينحاز اللبناني لزعيمه ولطائفته، وكأن الجور والظلم يلحق بالزعيم لا بالانسان العادي، وبالطائفة لا بالوطن، والأكثر سوءا أن الأغلبية مسيسة، تقترع على أساس غرائزي لا عقلي، فهل يعقل مثلا أن لا تتم مطالبة المرشحين ببرنامج انتخابي او بالمشاريع المحققة في الحقبات الماضية، بما أن الطبقة السياسية لم تتغير منذ عقود.

وفي غمرة البؤس، يراهن البعض على ما يسمى بالأغلبية الصامتة، واقتراب موعد انتفاضتها، ولكن هذه الاغلبية تختلف عن الاخرين بأنها تعمل بصمت من اجل اعمالها الخاصة، ولا تعير انتباهها لما يجري حولها، لا تتدخل في نمو الاقتصاد الصيني ولا تأبه لارتفاع مستوى البطالة في الداخل.

في الأيام الاخيرة، نظم التيار الوطني الحر مسيرات واعتصامات من اجل استرداد حقوق المسيحيين في الدولة، الامر الذي طرح سؤالا مهما متى يتحرك الشعب الذي يدفع من قوت ابنائه الضرائب الباهظة المفروضة على كاهله، وهل من المعقول ان لا ينبس بشفة حيال الارتفاع الجنوني للاسعار وتضخم معدلات البطالة والتراجع الرهيب للمؤسسات، وغياب الخدمات فلا ماء ولا كهرباء ولا من يحزنون.

بظل المعطيات الحالية، من يراهن على تحرك شعبي من اجل الحقوق البديهية كمن يراهن على ينابيع المياه في الصحارى القاحلة، فاللبناني يستطيع ايجاد حلول لمشاكل العالم وعندما يصل الموضوع الى مشاكله يختبئ خلف زعيمه، لأنه الاقدر على حل الازمات رغم كل التجارب المريرة، ولهذا سيبقى الوضع على ما هو عليه، لان الله لا يغير ما في قوم حتى يغيروا ما في انفسهم.