تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي ترسيخ مشروع إقرار "دولة إسرائيل اليهودية" باعتبارها دولة قومية لليهود على أراضي فلسطين المحتلة، وهو ما يستوجب استكمال العناصر الأساسية لتثبيت ذلك على أرض الواقع، من خلال القوانين في الكنيست الإسرائيلي، والعمل على تهويد الأراضي الفلسطينية، وجعل المناطق المحتلة أراضيَ خالية من الفلسطينيين مع استجلاب يهود من خارجها...

ويعني ذلك أنّ الفلسطينيين الذين ما زالوا في الأراضي المحتلة منذ العام 1948، سيكونون عرضة للمزيد من القوانين المُجحِفة والممارسات التعسّفية، والإجراءات القمعية، بهدف إجبارهم على الرحيل والهجرة، وتحويل مَنْ تبقّى منهم إلى أقلية ترضى بشروط الاحتلال الإسرائيلي...

وهذا يؤكد أنّ أكثر من 1.6 مليون فلسطيني سيكونون أمام مطرقة هذا القانون المُجحِف، بإبعاد مَنْ تبقّى من أبناء فلسطين - مسلمين ومسيحيين - عن أرضهم التي احتلها العدو الصهيوني، واستقدم إليها اليهود من بلدان عربية وإسلامية ومن الاتحاد السوفياتي، ويبحث الآن عن استجلاب المزيد من الدول الأوروبية وأميركا...

ومن أجل تنفيذ هذا المخطّط، يقوم الاحتلال بتنفيذ مؤامراته من خلال إحداث فتن بين المسلمين والمسيحيين والدروز، بهدف تصفية القضية الفلسطينية، في ظل المشروع الشرق أوسطي الجديد، بتجزئة المجزأ من "اتفاقية سايكس- بيكو" (الموقعة في العام 1916 بتقسيم الهلال الخصيب، والتي استنفدت مدّتها المحدّدة بـ 100 عام)...

ولافشال هذا المخطط، يبرز دور الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فهل يبادر إلى عقد مؤتمر اسلامي مسيحي درزي، لتحصين الوحدة الداخلية، وافشال المؤامرة الصهيونية؟...

وفي اطار تنفيذ المخطط الصهيوني، برز في الآونة الأخيرة تهديدات بإسم "داعش" عبر بيانين منفصلين وُزِّعَا في عدّة أحياء من مدينة القدس المحتلة بداية شهر تموز 2015، يتضمّنان تحريضاً واضحاً على قتل المسيحيين وتهديدهم بـ "ذبحهم قبل عيد الفطر المجيد في حال عدم رحيلهم من المدينة"...

البيانان اللذان وُقِّعَا بإسم "إمارة بيت المقدس"، لقيا شجباً واستنكاراً واسعين من قِبل الفلسطينيين مسلمين ومسيحيين، حيث أجمعوا على أنّ هناك مجموعات من "الطابور الخامس" تقف خلف هذين البيانين، بهدف إشعال فتنة في المدينة المقدّسة، وأنّ ذلك يتم ببصمات إسرائيلية، لأنّهما وُزِّعا في منطقة خاضعة لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي...

لكن ستبقى المحاولات الصهيونية "فقاقيع صابون" لأنّ فلسطين ستبقى للفلسطينيين والعرب والمسلمين والمسيحيين والأحرار، وتحريرها هو وعد ربّاني، وهي نموذج للتعايش الطبيعي، حيث تلتقي مآذن المساجد وأجراس الكنائس، وهذا التلاقي الذي يهدّد الكيان الصهيوني...

ليس مصادفة أنْ يتم توزيع البيانين، وما تضمّناه من تهديد ضد المسيحيين، في هذا الظرف الدقيق والحسّاس، والانشغال العربي والعالمي بالقضايا الداخلية، ومردُّ ذلك إلى أنّ الاحتلال يسعى إلى تنفيذ مشروعه التهويدي، ولذلك فإنّ توقيت توزيع البيانين ليس بريئاً، لأنّه جاء بعد:

- الإنجاز الفلسطيني التاريخي باعتراف الفاتيكان بدولة فلسطين (16 أيار 2015) مع ترسيم البابا فرنسيس للراهبتين الفلسطينيتين مريم بواردي حدّاد وماري ألفونسين أو سلطانة دانيال غطّاس قديستين، وتتويج الاعتراف بتوقيع اتفاق شامل بين دولة فلسطين والفاتيكان (26 حزيران 2015).

- محاولة بث الرعب والهلع في أوساط المسيحيين، الذين يزورون الأراضي المقدّسة للحج، والإيحاء بأنّ سلامتهم غير مضمونة، في ضوء احتمال تزايد أعداد المسيحيين الراغبين بزيارة الأراضي الفلسطينية المحتلة.

- حرق كنيسة التابغة "كنيسة الخبز والسمكتين" على الضفاف الشمالية لبحيرة طبريا.

- مواصلة المستوطنين الصهاينة استباحة باحات المسجد الأقصى والتضييق على المقدسيين بقرارات تهدف إلى تفريغ المدينة من أبنائها والسيطرة عليها.

- الحديث عن وجود 4 أسرى إسرائيليين لدى حركة "حماس"، اثنين على قيد الحياة وجثتين، وما يعني ذلك من مطالبة ذويهما سلطات الاحتلال بالإسراع باستعادة الأسرى.

- كسر المجاهد الشيخ خضر عدنان موسى عنجهية الاحتلال، بإجباره على إطلاق سراحه (12 تموز 2015) قبل ليلة القدر - كما أراد - بعدما نفّذ إضراباً عن الطعام في "معركة الأمعاء الخاوية" لمدّة 55 يوماً.

المراقب للتطوّرات في المنطقة يمكنه أنْ يلاحظ أنّ الظروف الراهنة، هي من الأفضل لسلطات الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذ مؤامراتها ومخطّطاتها لتحقيق قيام "دولة إسرائيل اليهودية"، بما يعني ذلك أنّها الدولة القومية للشعب اليهودي، والذي صادقت عليه اللجنة الوزارية الإسرائيلية لشؤون التشريع (12 تموز 2015) تمهيداً لعرضه على الكنيست الإسرائيلي، وهي الخطوة التي يرفض الفلسطينيون الاعتراف بها، وكانت سبباً رئيسياً في توقّف المفاوضات بين الطرفين.

الشرط الإسرائيلي على الفلسطينيين الاعتراف بيهودية الدولة، قوبل برفض فلسطيني لأنّه يؤدي بشكل كبير إلى تهجير الفلسطينيين من الأراضي المحتلة في العام 1948، ويهمّش حياتهم، ويُنهي بشكل كبير حق اللاجئين الفلسطينيين في الشتات من العودة إلى أراضيهم التي هُجِّروا منها إثر نكبة العام 1948.

مطالب تحقّق أهداف الاحتلال

تتعدّد أدوات تنفيذ مخطط الاحتلال الإسرائيلي، وتشمل:

- العمل على تغذية النعرات بين المسلمين والمسيحيين والدروز في مناطق العام 1948، لتحقيق المبتغى الصهيوني بـ "فرّق تسد"، وهو ما أُفشِلَ بفعل الوعي لمخاطر المؤامرة الصهيونية.

- إصدار قوانين وتشريعات وقرارات تستهدف الفلسطينيين، وهو ما تجلّى في انتخابات الكنيست الماضي (17 آذار 2015)، والذي تمثّل بإقرار قانون يستهدف شرذمة الفلسطينيين المتواجدين داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1948، بإقرار اقتراح قانون كان قد تقدّم به أفغيدور ليبرمان إلى حكومة الاحتلال برفع نسبة الحسم من 2% إلى 3.25%، وهو ما أقرّته الحكومة الإسرائيلية قبل استقالتها (2 كانون الأول 2014) في استهداف مباشر للأصوات الفلسطينية، للحؤول دون تمكّنها من الفوز بمقاعد في الكنيست، ولكن كان الرد الفلسطيني بتشكيل "القائمة العربية المشتركة" برئاسة أيمن عودة، والتي ضمّت أحزاباً مسيحية وإسلامية وعلمانية ووطنية، وتمكّنت من الفوز بـ 13 مقعداً من أصل 120 تتشكّل منها الكنيست، ما أسفر عن صدمة لبنيامين نتنياهو وحلفائه في اليمين المتطرّف.

- استهداف سلطات الاحتلال في عدوانها على قطاع غزّة (7 تموز 2014 - 26 آب من العام ذاته) مساجد وكنائس ومقابر إسلامية ومسيحية، في وقت تتعرّض المساجد والمقامات الإسلامية والكنائس والمعابد المسيحية في سوريا والعراق لتدمير ممنهج على أيدي الجماعات المتطرّفة.

"مجموعة السيوف الصوارم"!

لذلك، ليس مصادفة أنْ يصدر بيانان منفصلان بإسم "داعش" - "إمارة بيت المقدس"، وُزِّعَا في مناطق مختلفة من القدس المحتلة، كالبلدة القديمة وبيت حنينا وغيرها.

وجاء في البيان: "إنّ الدولة الإسلامية تعرف أين يسكن معظم النصارى، وتم رصد بعضهم، وستعمل "مجموعة السيوف الصوارم" على تطهير الأحياء الإسلامية من هؤلاء خلال شهر رمضان المبارك، كي يأتي عيد الفطر لتصبح الأحياء نظيفة تماماً".

وحدّد البيان المناطق التي سيجري "تطهيرها"، وهي: "بيت حنينا وشعفاط وصولاً لباقي الأحياء كالبلدة القديمة وكنيسة القيامة".

هذان البيانان يبيّنان ركاكة الصياغة والمغالطات الكثيرة حتى في اللغة العربية التي ظهرت بشكل ضعيف، والبعيدة عن اللغة والأسلوب اللذين يستخدمهما "داعش" في بياناته، خاصة التي تصدر عبر المواقع في سوريا والعراق.

جهات مشبوهة

وهذا يشير إلى أنّ جهات مشبوهة تقف خلف إصدارهما، في محاولة لإيجاد فتن وضرب علاقات المسلمين والمسيحيين، والمعطيات تؤكد أنّ أجهزة المخابرات الإسرائيلية هي التي تقف خلفهما، لأنّ المناطق التي وُزِّعَ فيها البيانان خاضعة لسيطرة الاحتلال وباستطاعة أجهزته أنْ تتابع كل شاردة وواردة.

وفضلاً عن هدف إثارة الفتنة، هناك أيضاً محاولة لتهجير مَنْ بقي من الفلسطينيين المسيحيين في القدس الشرقية، بعدما جرى تهجيرهم من القدس الغربية إثر احتلالها في حزيران 1967، وبث الرعب في أوساط المسيحيين داخل الأراضي الفلسطينية منذ العام 1948، وذلك ضمن سلسلة مترابطة من أساليب محاولات التخويف، التي لن يكون آخرها الاعتداء على كنيسة "الخبز والسمكتين" - شمالي بحيرة طبريا (منتصف حزيران 2015)، وإنْ حاولت سلطات الاحتلال الإشارة إلى أنّ جماعات يهودية، هي التي أقدمت على هذا الحرق والاعتداء!... لكن ذلك لا يتم دون إيعاز وتغطية من سلطات الاحتلال، والتجارب السابقة في أكثر من قضية خير شاهد.

رد على اعتراف الفاتيكان بالدولة الفلسطينية

من الطبيعي أنْ يكون هناك رد صهيوني على الإخفاقات المتوالية على المستوى الدولي، في ظل وجود حكومة يمينية متطرّفة، فيما يراكم الفلسطينيون الإنجازات، وفي الصدارة منها الإنجاز التاريخي باعتراف الفاتيكان بالدولة الفلسطينية - والتي يتبع لها أكثر من ملياري مسيحي في العالم - ما يعني أنّ إعطاء عمق مسيحي بعد العمق الإسلامي للقضية الفلسطينية، وما تضمّنه ذلك من رسالة بعدالة القضية الفلسطينية، وأنْ الكيان الإسرائيلي هو كيان محتل، وأنّ فلسطين ما زالت مهد الرسالات السماوية، وما يعنيه ذلك من أنّ هذه الخطوة ستؤدي إلى ضغط الكنائس المسيحية في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية على حكوماتها للاعتراف بالدولة الفلسطينية، ما يساهم في تعزيز المكانة الدولية لفلسطين، والتي يمكن أنْ تعطي ثمارها اعترافاً من قِبل المزيد من دول العالم بالدولة الفلسطينية، ودعم ترسيخ الاعتراف الدولي في "هيئة الأمم المتحدة" لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

أيضاً فتح المجال أمام زيارة المسيحيين للحج في مهد الديانة المسيحية، ما يساهم بتثبيت الوجود المسيحي في فلسطين، ويُفشِل المخطّط الصهيوني الهادف إلى ترحيلهم، ليس عن الأراضي الفلسطينية بل من منطقة الشرق الأوسط.

مَنْ تتسنّى له زيارة الأراضي الفلسطينية، يلمس مدى الانسجام بين الفلسطينيين المسلمين والمسيحيين، حيث لا يمكن معرفة الانتماء الديني للفلسطيني إلا حين التوجّه إلى المسجد أو الكنيسة، أو من بعض اللباس والقلادات، لكن تتداخل الأسماء في ما بينهم، فلا تغذية للنعرات الطائفية المذهبية، وهي غير موجودة في القاموس الفلسطيني، منذ أمد التاريخ، واستمر هذا التفاهم تحت الاحتلال الإسرائيلي، الذي لا يفرّق بين المسلمين والمسيحيين في ممارساته القمعية والتعسّفية.

الفلسطيني المسلم توّاق لزيارة المسجد الأقصى والصلاة فيه، حيث إسراء النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) من مكة المكرّمة، والمعراج من الأقصى إلى السموات العُلى، حيث تحول ظروف عديدة دون تحقيق حلمه.

والمسيحي أينما كان في العالم، يودُّ الحج في الأراضي الفلسطينية، بين كنيسة المهد، حيث وُلِدَ السيد المسيح (ع)، وفي القدس المحتلة، حيث سار على طريق الجلجلة، وبين التاريخين كانت الأراضي الفلسطينية ليسوع الناصري الذي تعمّد بماء النهر، وحقّق المعجزات في الجليل.

وتشكّل القدس رمزاً للتعايش الإسلامي - المسيحي، ويتجسّد ذلك من تعانق المساجد والكنائس، وتلاصق الأماكن الدينية، فهي للمسلمين، أولى القبلتين وثالث الحرمين؛ وللمسيحيين، الإنجيل الخامس، حيث تنتصب كنيسة القيامة وكنيسة حبس المسيح، والجسمانية ودير مار يعقوب، وعلى دروبها سار السيد المسيح (ع) حاملاً صليبه على درب الجلجلة، وهو ما يؤكد أنّ أرض الرسالات السماوية تجمع ولا تفرّق، وأنّ الصهيونية تستهدف المسيحيين والمسلمين سواسية.

هذا يعني أنّ المسيحيين جزءٌ من الشعب الفلسطيني، وإنْ كانت دائرة الإحصاء المركزية في الكيان الإسرائيلي تعطي أرقاماً غير دقيقة عن أعدادهم داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، في محاولة لتهميشهم، حيث تشير إلى أنّ عدد المسيحيين داخل الأراضي العام 1948 يبلغ 154.5 ألف، فيما يلامس عدد مسيحيي الضفة الغربية حوالى 50 ألفاً وفي قطاع غزّة 5 آلاف.

2 مليون مسيحي فلسطيني

لكن الحقيقة مغايرة كلياً إذ إنّ عدد المسيحيين الفلسطينيين يبلغ 2 مليون وليس 200 ألف كما يدّعي الاحتلال، لأنّ المسيحي الفلسطيني هو مَنْ يولد لأب فلسطيني مسيحي، كما المسلم الذي يولد لأب فلسطيني مسلم، وليس كاليهود الذي يولد لأم يهودية.

والهدف من سياسة الاحتلال بتقليل أعداد المسيحيين، هو نهب أراضيهم، وخير دليل على ذلك أنّه مع قيام الكيان الصهيوني، جرى نهب أراضي الكنيسة وأوّلها قطعة الأرض التي يُقام عليها الكنيست الإسرائيلي، والسيطرة على الأديرة والكنائس، فضلاً عن الأراضي وتزوير الصكوك، لأنّه إذا ما أقفرت فلسطين، أرض المسيحية الأولى ومهد السيد المسيح (ع)، فإنّ ذلك يعني تحقيق الحلم الصهيوني بتهجيرهم من الشرق.

هذا فضلاً عن أنّ أعداداً كبيرة من الفلسطينيين المسيحيين اضطروا للهجرة منذ بداية القرن الماضي، نظراً إلى مستوى العلم والثقافة، فضلاً عن الوضع الاقتصادي، فهم في غالبيتهم من المهنيين والحرفيين والطبقة المتوسّطة، وكانت وجهتهم إلى تشيلي التي يتواجد فيها نحو 350 ألف فلسطيني، والبرازيل التي يتواجد فيها 200 ألف، والدومينيكان نحو 70 ألفاً، والسلفادور نحو 60 ألف فلسطيني.

وإذا كانت الإحصاءات تشير إلى أنّ عدد الفلسطينيين وصل إلى حوالى 12.5 مليون نسمة، فإنّه للمرّة الأولى يتجاوز عدد الصامدين داخل الأراضي الفلسطينية، اللاجئين المشتّتين في أصقاع المعمورة، وهو ما يشكّل قنبلة "ديموغرافية" تهدّد الكيان الإسرائيلي.

يتوزّع المسيحيون الفلسطينيون على 4 طوائف أساسية، هي: الكنائس الأرثوذكسية الخلقيدونية، الكنائس الأرثوذكسية غير الخلقيدونية، الكنائس الرومانية الكاثوليكية والكنائس البروتستانتية، وهم جزء رئيسي وفاعل من فلسطين التاريخية، وقدّموا التضحيات من أجل القضية الفلسطينية وحلم العودة إلى أرض الوطن.

وليست جديدة مواقفهم الوطنية، حيث كان 3 مسؤولين مسيحيين فلسطينيين قد وجهوا نداءً إلى أوروبا (تشرين الأول 2014) من أجل "الاعتراف بدولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية".

ووقّع النداء بطريرك اللاتين السابق في القدس ميشال صباح، ورئيس أساقفة القدس للروم الأرثوذكس عطالله حنا، ورئيس الكنيسة اللوثرية في فلسطين والأردن الأسقف منيب يونان، وجاء فيه "لا نستطيع التوجّه إلى كنائسنا بسبب سلطة أجنبية، وتعرّض شعبنا لإذلال متواصل من احتلال غير مرغوب فيه".. وأكد النداء أنّ "مقاومة الاحتلال الإسرائيلي واجب على المسيحيين".

شواهد على وحدة النضال الفلسطيني

على مرّ التاريخ، كان المسيحيون الفلسطينيون إلى جانب المسلمين يدافعون ويستشهدون، وكانت لهم مكانة وحماية، ومن الأدلة على ذلك:

- عندما فتح الخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) بيت المقدس في العام 638م، وتسلّم مفاتيحها من بطريرك القدس صفرونيوس، كتب لهم كتاباً بشروط الصلح، عُرِفَ بـ "العهدة العمرية" للمسيحيين، وهو كتاب كتبه لأهل إيلياء (القدس) أمّنهم فيه على كنائسهم وممتلكاتهم، حيث اعتُبِرَتْ العهدة العمرية واحدة من أهم الوثائق في تاريخ القدس وفلسطين، وأقدم الوثائق في تنظيم العلاقة بين الأديان.

- عندما حارب السلطان صلاح الدين الأيوبي الصليبيين وحرّر فلسطين في "معركة حطين" الشهيرة في العام 1187م ، كان في جيشه مسيحيون فلسطينيون.

- ومن الشواهد على عدم التفرقة بين المسلمين والمسيحيين، أنّه خلال العدوان الصهيوني في حزيران 1967، سقط شهداء ومنهم أردنيون، بينهم 8 في منطقة اليامون - جنين كانوا طاقم مدفعية تعرّضوا لقصف من طائرات العدو، ودفن أهل البلدة جثامينهم في مقبرة البلدة، وبعد التدقيق بالأسماء عُرِفَ من بينهم الشهيد المسيحي سالم سليمان نمر بطارسة، ولا يزال يرقد مع إخوانه في ذات المقبرة.

- وفي القدس القديمة استشهد 3 جنود أردنيين في منطقة الكنيسة اللاتينية، المؤدي إلى الحرم الشريف، وجرى نقل جثامين الشهداء الـ 3 ودفنهم في فناء الكنيسة، وتبيّن أنّ اثنين منهم مسلمان، أما الثالث فهو مسيحي ويدعى توما سلامة خليل الحجازين.

- في الثورة الفلسطينية تبوأ العديد من القيادات الفلسطينية مراكز قيادية، وفي طليعتهم: الدكتور جورج حبش، الدكتور وديع حداد، نايف حواتمة، الدكتورة حنان عشراوي والدكتور رمزي خوري...

- فضلاً عن شخصيات فلسطينية مسيحية كانت لها بصمات في الاقتصاد والأعمال والثقافة وفي طليعتهم: حسيب صباغ، سعيد خوري، خليل بيدس، يوسف بيدس، إدوار سعيد، رياض البندك، توفيق وأنيس وفايز صايغ، المطران هيلاريون كبوجي والمطران عطالله حنا...