لفتت صحيفة "الوطن" القطرية الى انه "بعد الاتفاق النووي بين أميركا وإيران، لم يبقَ من الشالات الحمراء والبيضاء التي التفّت طويلاً على أعناق قياديي "ثورة الأرز"، بعد اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، سوى صور فولكلورية يحتفظ بها "ثوّار الأرز" في مكاتبهم، وفي صالونات منازلهم، أمّا "حزب الله" حليف طهران الرئيسي، فيرقص فرحاً احتفالاً بإبرام الاتفاق، رغم أنّ الرقص مرفوض في أدبياته".

واضافت:"فعلى الرغم من أنّ الاتفاق النووي وقّع بين دولتين بعيدتين جغرافياً عن لبنان، ثمّة من يتلقّى التهاني به في بيروت، وثمّة في المقابل من يفتح بيت عزاء".

ورأت انه "عملياً، لا خيار فعلياً لدى غالبية الأحزاب المنضوية تحت لواء 14 آذار، فقد راهنت جميعها على أنّ المفاوضين الدوليين لن يخضعوا لشروط إيران، كما افترضت المثيل فيما خصّ طهران، فجاء الاتفاق الذي وقّع في 14 تموز مفاجئاً لها".

واشارت الى ان "رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب ​وليد جنبلاط​ الذي عبّر عن مكنونات صدره، يعيش حالياً أزمة وجودية، بسبب سير السفن السياسية دولياً عكس ما اشتهت رياح مواقفه، ورفيقه السابق في "ثورة الأرز" رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، يعيش في منفى اختياري، وتياره محرج أساساً شعبياً ومالياً وسياسياً، أمّا حليفه رئيس حزب "القوات" سمير جعجع، فقد اضطرته حرائق المنطقة وهزائم الداخل لوضع يده في يد خصمه اللدود رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون، بينما الرئيس الأسبق أمين الجميل الذي كان في صلب "ثورة الأرز" وعلى رأس ثوّارها، فيجهد حالياً لجلب الأنظار إليه، بعدما انطفأ نجمه".

ولفتت الى ان "في الضفة الأخرى، يظهر "حزب الله" بمظهر الرابح الأكبر من الاتفاق الأميركي- الإيراني الذي هو اتفاق إستراتيجي وإن كان عنوانه نووياً، وما صورة الرئيس الأميركي باراك أوباما البليغة يوم توقيع الاتفاق على شاشة "المنار" في ظلّ أجواء احتفالية، إلاّ توطئة لقراءة المتغيرات المتوقعة في المرحلة المقبلة".

واضافت:"الكلّ يتوقّع أن يُحدث اتفاق فيينا تحولاً جذرياً في الخرائط السياسية للشرق الأوسط بأسره، وليس سراً أنّ ساعد "حزب الله" يقوى كلّما قوي ساعد إيران في المنطقة، وأنّ ساعده يضعف إذا ضعف ساعدها في المنطقة، ولذلك كلّ الأنظار تتّجه في هذه الأيام إلى "حزب الله"، وكلّ تحرك يقوم به يُعطى تفسيرات جمّة، وثمّة من يربط تعطيل الحكومة اللبنانية من قبل العماد ميشال عون وحليفه "حزب الله" بتبلور خريطة تقاسم النفوذ الأميركي– الإيراني في المنطقة".

ورأت ان "السفير الأميركي في بيروت لن يبرّد القلوب الملتهبة بعد الآن، والأكيد هو أنّ "حزب الله" يشعر بفائض قوة منذ توقيع الاتفاق بين إيران والغرب يُضاف إلى فائض القوة الذي يشعر به نتيجة امتلاكه السلاح، ولكن الأكيد أيضاً هو أنّ لبنان يعيش حالياً حالة انتظار لا تقوده للانفجار، ولكن قد تقوده إلى مزيد من شدّ الحبال".

واشارت الى ان "الوضع الرئاسي بحسب ما هو ظاهر سيبقى على ما هو عليه، إذ لا توحي المعطيات الواردة من واشنطن وطهران بأنّ أي جديد سيطرأ على المشهد اللبناني العام، ويُحكى عن تفاهم أميركي– إيراني غير مباشر حول الإبقاء على الستاتيكو اللبناني في السياسة والأمن حتّى رسم حدود الفضاء الإقليمي الجديد وتقسيم الحصص والنفوذ، وهذا يعني أنّ لبنان دخل في مرحلة جديدة أساسها تمديد حالة الستاتيكو السابقة، وسقف تحرّك "حزب الله" سيكون فرط الحكومة وتحويلها حكومة تصريف أعمال".