اكد منسق نشاطات الامم المتحدة في لبنان ​روس ماونتن​ انه "كان في لبنان اواخر التسعينات، وكان هناك رئيس للجمهورية. الجيش السوري كان في البلاد، فيما كان الاسرائيليون في الجنوب، ثم تركوا"، موضحاً انه "لم تكن في تلك الفترة أزمة رئاسية، كذلك لم يكن لدينا تدفق للاجئين من سوريا على غرار ما هي الحال اليوم"، معتبراً انه "وعلى رغم كل شيء، يبقى لبنان صاحب مناعة. احدى نقاط الجذب فيه هو ان الحياة في بعض البلاد تسير وكأن لا شيء آخر يحصل".

وراى ماونتن في حديث لصحيفة "النهار" انه "من الصعب القول ما اذا كانت الامور تسير نحو الافضل او الاسوأ. اذ شهدت البلاد نهاية التسعينات، مرحلة اعادة اعمار"، لافتاًَ الى ان "الوضع السياسي الداخلي يبدو اليوم اكثر تعقيدا. سابقا، حصلت انتخابات وتغيرت الحكومة. اليوم، ثمة قلق نتيجة غياب رئيس للجمهورية، والضغط الهائل على رئيس الحكومة تمام سلام، في ظل العمل المذهل الذي يقوم به من اجل عدم المس بآخر المؤسسات الحكومية في لبنان وابقائها قادرة على العمل لمصلحة البلاد"، مضيفاً: "كان موقف الحكومة اوضح سابقاً. اليوم وفي ظل المسائل الراهنة، يبدو التوصل الى توافق حيال المواقف والاعمال اكثر تعقيدا بين وزراء ينتمون الى احزاب مختلفة".

ونفى ماونتن "مواجهة الامم المتحدة لازمة تؤثر على القروض الممنوحة لها كوضع لبنان الحالي، الا انه من المؤكد ان عملانية الحكومة تؤثر على الجميع. من المهم ان يصار الى ايجاد وسائل تضمن وصول كل الموارد"، معتبراً انه "من المأسوي في هذه الفترة، انه وعندما تظهر الحاجة الى تمويلات اضافية، يبدو كأن لبنان سيخسرها نتيجة النقص في الحصول على موافقات بيروقراطية".

واردف: "كانت لبرنامج الامم المتحدة الانمائي تجربة ناجحة الى حد ما في هذا الصدد، في العمل مع الحكومة وبلدية صيدا. المسألة ككل تدور اليوم حول توافر مكب، أقله على المدى القصير. ربما حصلت اختراقات".

وعن اتهام وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين بخرق النظم والقوانين اللبنانية في تسجيل ولادات اللاجئين السوريين، اسيبتعد ماونتن ذلك"، معللاً "هم يعملون مع وزارة الشؤون الاجتماعية، وكما قال الوزير، فهو مخول القيام بذلك. انها مسألة تتعلق بالاولاد الذين يولدون هنا ومن اهل لاجئين. من مصلحة لبنان ان يصار الى التأكد من ان هؤلاء الاولاد ليسوا عديمي الجنسية "STATELESS" وان هناك اعترافا بهم بطريقة أو بأخرى، بأنهم لاجئون وسوريون. عندما يحين الوقت، يعودون الى وطنهم. من المؤكد ان لا نية لدى مفوضية الامم المتحدة او الامم المتحدة او اي جانب آخر في توطين الناس هنا. نحن واعون جداً لدقة الوضع والقلق في هذا المجال"، مؤكداً "يبدو لبنان مذهلاً في تحمله السكان. لبنان يتحمل نسبة لاجئين أكبر من اي دولة في العالم. يجب الاقرار بذلك ودعم البلاد في هذه المهمة. من المعلوم ان منح الجنسية يمر باجراءات مختلفة ولا يمكن نيلها الا من خلال والد لبناني. لذا لا اعتقد ان المسألة مطروحة. نتفهم الانشغالات والقلق في هذا المجال نتيجة الاعداد الكبيرة. واعتقد ان الجميع يتمنى ان يعودوا غداً، لكن للأسف لا يبدو الأمر منطقياً اليوم".

وعن توقع وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس ان تساهم اقامة تركيا "منطقة آمنة" في سوريا بعودة اللاجئين الى بلدهم، اوضح ماونتن "اتفهم الرغبة في رؤية خيارات تتعلق بعودة السوريين الى بلدهم، وكأمم متحدة، لم تكن لدينا أفضل التجارب مع "المناطق الآمنة". نحتاج الى حظر للطيران "NO FLY ZONE" وكذلك الى موافقة افرقاء النزاع على منطقة حظر طيران. وبغير ذلك، يمكن ان تتحول "المنطقة" هدفاً"، مضيفاً: "لنرَ كيف ستتطور الأمور. نتفهم رغبة اللبنانيين والسوريين في العودة الى بلدهم. واعترف ليس فقط بقدرة البلاد على تحمل هذا العبء، ولكن أيضاً بتفهمها في اعتبار ارغام الناس على العودة خياراً غير مطروح. يحتاج لبنان الى دعم أكبر"، كاشفاً "تلقينا عبر "خطة الاستجابة" التي اطلقتها الحكومة اللبنانية وبالتعاون مع الامم المتحدة نحو 30 في المئة مما طلبناه. وهذا أفضل من العام الماضي، الا ان الطريق ما زال طويلاً".

واعرب ماونتن عن "قلق الامم المتحدة حيال خفض التمويل المتعلق ببطاقات الطعام، وكذلك بالنسبة الى الفلسطينيين. ثمة قلق على المستوى الانساني وعلى الاستقرار"، مشيراً الى ان "خطة الاستجابة" تغطي الأمور الانسانية واللاجئين وكذلك نسبة من اللبنانيين الفقراء ونشاطات تتعلق بالتنمية، غير ان المقاربة ككل تتعلق بما يمكن ان نفعله لابقاء لبنان مستقرا في ظل الضغط الهائل الذي يواجهه. واذا نظرنا الى هذا البعد، يبدو من الحيوي ان يكون اللاجئون على امتداد البلاد، وعلى رغم انهم يتركزون جنبا الى جنب في مناطق تحتضن اللبنانيين الفقراء اي في 250 موقعاً، الا انه من المهم ان يتمكنوا من الحصول على طعام"، مضيفاً: "بحسب تقديرنا، فان الحد الادنى المطلوب لعائلة لاجئة هو 435 دولاراً اميركياً. حصة الطعام منها هي 150 دولاراً، فيما تحصل عائلة من 5 افراد اليوم على 65 دولاراً فقط شهرياً. من هنا، لاحظنا ان نسبة الاستدانة بين السكان باتت عالية. حتى قبل الخفض الأخير، لدينا مؤشرات تدل على ان اكثر من نصف اللاجئين هم تحت خط الفقر. وعندما يكونون في وضع مزرٍ يلجأون، لتغطية الفجوة، الى الاستدانة. لسوء الحظ نرى ان بعضهم يرسل الاولاد الى العمل. نحن قلقون حيال ما يمكن ان يحصل وخصوصا اننا نرى ارتفاعا في الزواج القسري، والاستغلال الجنسي. كما اننا نلاحظ في المنطقة ككل، ارتفاعا في الاعمال المعادية للمجتمع، على رغم ان المسألة لم تتحول قضية كبيرة في لبنان. من المهم ايجاد طريقة للتعاطي مع هذه الفجوة".

واذا أبدى ماونتن خشيته على الاستقرار اللبناني"، مؤكداً "لذا شددنا، وضمن الخطة، على القيام بالمزيد بالنسبة الى المجتمعات المضيفة، ولا سيما في المناطق حيث يتنافس اللاجئون واللبنانيون الفقراء على خدمات الصحة والتعليم والعمل وغيرها. انا مسرور لان البرنامج توسع الى حد ما. ثمة جهات مانحة باتت تتجاوز فكرة ان لبنان هو بلد ذو دخل متوسط الى مرتفع. عمل السوريون في لبنان لفترة طويلة في الزراعة وتجارة البناء، وهذه أعمال لا يقوم بها اللبنانيون. من هنا لا منافسة فيها، كما ان هناك اعتقاداً مفاده ان هؤلاء الناس يتلقون مالاً كبيراً من المجتمع الدولي ويمكن ان ينافسوا في العمل، لكن الأمر ليس كذلك. من المهم رؤية كيف تتم ادارة الموارد لمصلحة لبنان".