طمأن السفير البريطاني ​توم فليتشر​ إلى أنّ "المظلة الدولية لحماية لبنان لا تزال موجودة، ولكن على اللبنانيين أنفسهم انتخاب رئيس للجمهورية وعدم انتظار الاستحقاقات الإقليمية الواحد تلوَ الآخر، والمقلِق أنّ دوَل المنطقة كلّها تمرّ بمرحلة انتقالية، وإذا حصلت تغييرات، وحدها ريشة شعوبها قادرة على رسم "سايكس- بيكو" جديد"، مضيفاً "لطالما قيل إنّ هناك مؤامرة دولية ضدّ لبنان، حيث يقوم جميع الجهات بمعاركهم على أرضه، أنا أقول لكم هناك مؤامرة من أجل مصلحة لبنان"، مذكّراً "باجتماع سفراء الدوَل الخمس الكبرى في مجلس الأمن مع الرئيس السابق ميشال سليمان عقبَ اغتيال رئيس شعبة المعلومات اللواء وسام الحسن عام 2012".

ولفت الى انن "نحن نقف إلى جانب لبنان، الأسرة الدولية لن تتخلّى عنه ولن تديرَ ظهرها له، خصوصاً في ظلّ الأوقات الصعبة التي يمرّ بها. وبريطانيا على وجه التحديد ضاعفَت حجم دعمها للبنان، وخصوصاً للجيش، فضلاً عن تقديمها مساعدات ضخمة إلى اللاجئين السوريين"، لافتاً الى ان "القادة اللبنانيون دائماً يطلبون رأيَنا، وقد انجرينا إلى هذه الدائرة، بحيث بتنا مدمِنين على تقديم آرائنا"، مضيفاً "أيها اللبنانيون جِدوا طريقكم ونحن سندعمكم، والحل يجب ان يكون منكم، وعلى الناس أن يدركوا أنّ الإستقرار في لبنان لا يمكن اعتباره من المسلمات، الأوضاع هشّة جدّاً. هناك جماعات تريد تقسيمَ البلد لمصالحها الخاصة، مقابل فئة من الناس يتمسّكون بالتعايش ويحاولون إسكاتَ هذه المحاولات بمتابعة أعمالهم وتعليم أطفالهم".

وقال "اللبنانيون محبطون من النظام السياسي، فهم يشعرون بأن لا صوت لهم، لكن إذا عدنا عشر سنوات إلى الوراء عندما خرَجوا لإخراج الجيش السوري، نرى الفارقَ من قوّة وطاقة تلك التحركات. اليوم هم عاجزون عن تحديد من هو العدو أو على من يقع الّلوم، وعندما تكون هناك تظاهرات، نِصفي الأول يعتقد أنها تضر بالاستقرار ونِصفي الآخر يقول إنّ التحركات الشعبية إيجابية، حرّية التعبير عن آرائكم أمرٌ إيجابي. لا شكّ في أنّ هناك معضلة التوفيق بين الإصلاح والإستقرار، ولكن على رغم كلّ الإحباط السائد، هناك لبنانيون لديهم أفكار خلّاقة وجديدة، الشعب اللبناني يمكنه الانخراط بشكل أفعل لحلّ مشاكله السياسية والإقتصادية".

وأكد ان "تعديل النظام الدستوري هو سؤال برسم اللبنانيين، وليس على أي سفير تقديم رأيه في هذا الخصوص، فلو أراد اللبنانيون ذلك، لمواجهة التحديات، فليكن وفق رؤيتهم الخاصة للنظام ومناقشة طريقةٍ لعمل المؤسسات الدستورية بشكل فاعل"، مضيفاً "تعلمت في مهنتي ومن خلال ديبلوماسيّ مخضرَم أنّه يجب أن أحافظ على الحيادية، وأن لا أنجر إلى الانقسامات السياسية في لبنان، فبعض زملائي غرقَ وبات يصنّف في خانة "8 و14 آذار"، أردت أن أكون على مسافة واحدة من الجميع".

ورفض فليتشر التعاون مع سوريا في قضية أبراج المراقبة البريطانية للحدود مع سوريا، مؤكداً انه "لن يكون هناك أي تعاون وتنسيق مع رجل البراميل المتفجّرة الذي يقتل شعبَه منذ أربع سنوات، حتى في خطابه الأخير لا نية له بالتغير، نحن لا نغيّر تحالفاتنا في المنطقة، أعداؤنا هم أعداؤنا"، مضيفاً "لم نترك سوريا، الاستجابة الإنسانية كانت الأعلى، وقدّمنا مساعدات ضخمة إلى اللاجئين، كنّا نساعد الضحايا، لكن علينا التواصل مع زملائنا في مجلس الأمن لإيجاد دينامية لإنهاء هذه الأزمة». ويذكّر بجهود سَلفِه السفيرة فرانسيس غاي التي كانت المبعوث الخاص للتشاور مع المعارضة السورية المعتدلة ودعمها، وجون ويلكس من بعدها، لدعم حلٍّ سياسي ورفضِ نظام البراميل ووحشية "داعش".

واوضح اننا "حاولنا مساعدة المعارضة في "جنيف 1" و"جنيف 2"، لكن لا نية جدّية لدى الأسد للتفاوض، نحن ندعم جهود المبعوث الأممي ستيفان دو ميستورا، وعلينا مواصلة التكلم مع زملائنا في مجلس الأمن"، مضيفاً "منذ فترة قصيرة، وضَع رئيس الوزرء ديفيد كاميرون استراتيجية جديدة لمواجهة التطرف واقترح توسيع عمليتنا ضد داعش، لكن أحد الدروس التي تعلمناها من العراق أنه علينا التخطيط بعناية، ومعرفة نتائج وتبعات هذا التدخّل مسبقاً، وأي تدخّل عسكري بطبيعة الحال يجب أن يَحظى بموافقة البرلمان"، نافياً "ما يقال عن عدم اكتراث الحكومة البريطانية بالمهاجرين المسلِمين وعدم إيلائهم الاهتمامَ الكافي"، قائلاً "أنا لا اوفق على ذلك، المسلمون هم جزء من مكوّنات المجتمع البريطاني، وبالتالي لا يمكن حلّ الأزمة من دون مشاورات معهم. لا يمكن مواجهة الإرهاب من دون الشراكة مع الإسلام المعتدل".

في الملف النووي الإيراني، جدد فليتشر تأكيده أن "الاتفاق جيد وأفضل الخيارات المتاحة، لكنه يفضل التريث وعدم التنبؤ بما إذا كان سيؤدي إلى تعزيز الاستقرار في الشرق الأوسط، وأن تنسحب أجواء الحَلحلة على الأزمتين السورية واللبنانية والحرب اليمنية"، مضيفاً "لا ندري إن كان سيجلب الاستقرار، الأمر يتوقف على إيران، هل ستُغيّر موقفها؟ نحن نراقب بحَذر سلوكَها"، موضحاً "لم يكن اتفاقاً يشمل قضايا المنطقة، بل تركز على نووي إيران، والخلافات كبرى مع إيران حيال قضايا المنطقة، لكنّه سيساعدنا لفهم بعضِنا بشكل أفضل، وعلينا أن نستفيد من الاتفاق لحوار أفضل، لبنانياً، هل يمكن أن يسَرّع في انتخاب رئيس؟".

واوضح انه "منذ 9 أشهرعندما كنا نحض السياسيين اللبنانيين على انتخاب رئيس، كانت حجتهم ننتظر الاتفاق النووي. اليوم تمّ الاتفاق ولا تقدم على صعيد انتخاب رئيس، هذا عذر خارجي لعدم القيام بواجبهم، وتارةً يتحججون بالأزمة السورية، عليهم التحرّك وإنهاء الفراغ للحفاظ على مصلحة اللبنانيين".