رأى مفتي القدس وخطيب المسجد الأقصى، الشيخ ​محمد حسين​، ان "الوضع في القدس من أسوأ ما يكون ويسير من السيئ للأكثر سوءا في ظل تنامي الأطماع الإسرائيلية في مقدساتنا الإسلامية وفي أرضنا العربية وهم يستغلون انشغال العرب والمسلمين بداعش وغيرها من القضايا الداخلية لتنفيذ مآربهم في تهويد كامل التراب الفلسطيني"، موضحاً ان "من يتجول في القدس اليوم سيدرك أي مصير ينتظرها في المستقبل، حيث انتشرت المباني اليهودية التي تحمل المعالم اليهودية التقليدية وكثرت الإنشاءات الصهيونية حول المسجد الأقصى بالقرب من كل أبوابه دون استثناء والهدف هو طمس الهوية العربية والإسلامية والتأثير على المسجد الأقصى بحيث يتداعى من تلقاء نفسه ليبدؤوا على الفور في بناء الهيكل المزعوم"، معتبرا انه "لا بد أن يحذر الجميع من إسرائيل التي تسعى لفرض وجود يهودي في المسجد الأقصى بنفس طريقة المسجد الإبراهيمي ونحن نقول إنه لن يكون مثل هذا العمل في المسجد الأقصى المبارك الذي يرفض القسمة على اثنين لأنه جزء من عقيدة المسلمين وجزء من المساجد التي تشد إليها الرحال".

وأسف الشيخ حسين في حديث لصحيفة "الوطن" القطرية "لان العرب انشغلوا بظاهرة تنظيم "داعش"، لهذا فأنا أؤمن بأن من يحرك "داعش" هي أيادٍ صهيونية استهدفت إنبات هذا النبت الشيطاني وسط الأمة العربية والإسلامية بحيث ينشغل الجميع عن المخططات الإسرائيلية بمواجهة هذا النبت الغريب الذي بات يهدد كل المجتمعات العربية والإسلامية دون استثناء بالتقسيم"، مشيراً الى ان "الواقع يؤكد أن العرب كان لابد أن ينظموا صفوفهم قبل أن يواجهوا "داعش" ولكن بسبب نجاح القوى الدولية في تشتيت جهود العرب فقد نجحت "داعش" في إيجاد أرض مناسبة للعمل استخدمتها أفضل استخدام لتشويه الدين الإسلامي من ناحية ومن ناحية أخرى نشر الفرقة والتشرذم في شتى المجتمعات العربية ولابد أن يعي الجميع أن تنظيم "داعش" ينطبق عليهم القول "أنهم يزعمون أنهم يبحثون عن الحق وكل ما يفعلونه هو الخطأ"، فأحيانا كثيرة يطلب الحق ويظن صاحبه أنه على صواب، ولكنه يكون جانبه الصواب".

واعتبر الشيخ حسين ان "تخاذل العلماء هو السبب في استفحال أمر "داعش" بتلك الطريقة،وهذا التخاذل لم يحدث إلا بسبب الإعلام الذي فتح صفحاته وفضائياته لكل من "هب ودب" لكي يفتي في شؤون الدين وهو ما أدى لتراجع دور العلماء الكبار والمرجعيات الدينية المعتبرة وعندما أفاق الإعلام من سباته كان أشباه العلماء هم من يسيطرون على الساحة الدينية ونشروا الفتاوى التكفيرية التي كفرت كل الناس لدرجة أن من لم يكفر الناس اليوم يصبح كافرا من وجهة نظر مفتيي الإرهاب".

واعتبر الشيخ حسين ان "داعش" تستنزف اليوم قوة الشعوب العربية والإسلامية بعد أن أدخلت العرب جميعهم في متاهات عديدة وبالتالي أصبحت القضية الفلسطينية ليست القضية الأولى على أجندة الدول العربية. فللأسف الشديد تمكنت "داعش واخواتها" من سحب بساط القضية من تحت أقدام العرب وللأسف أيضا فقد غفلنا عن تلك الفئة الضالة المجرمة التي خرجت من بين أكتافنا لتشوه الإسلام والمسلمين بزعم نشر الإسلام وهم أبعد ما يكون عن ذلك الدين السمح وأنا بصراحة شديدة اتهم اسرائيل ومن ورائها جماعات المصالح الدولية بأنها هي التي تقف خلف ظهور الدواعش بهدف تقسيم الشعوب العربية والإسلامية وإلهائها عن القضية الأكبر والأهم ألا وهي القضية الفلسطينية. فالمتابع لداعش سيكتشف بسهولة أنها تسعى إلى تقسيم الأمة العربية وتقسيم كل مجتمع عربي على أساس طائفي ومذهبي وقومي"، محذراً من "تلك المخططات، فالوحدة العربية هي فقط الكفيلة بمواجهة "داعش" وغيرها من جماعات التكفير والعنف والإرهاب وأنا أود في هذا الإطار أن أرسل برسالة إلى الحكومات العربية والإسلامية بل وحكومات العالم أن الصمت حيال القضية الفلسطينية وعدم بذل الجهد اللازم لإنهاء المعاناة الفلسطينية وفك أسر المقدسات الإسلامية في فلسطين يزيد من خطر "داعش" ويجعل الكثير من شباب العرب والمسلمين يؤيدون "داعش" نفسيا وروحيا ولو جاءتهم الفرصة للانضمام لذلك التنظيم الإرهابي لن يرفضوا".

وأكد الشيخ حسين ان "الشعب الفلسطيني هو شعب مرابط في سبيل الله ويبذل الفلسطينيون قصارى جهدهم من أجل المحافظة على المقدسات الإسلامية بل والمسيحية أيضا سواء في القدس أو في غيرها من المدن الفلسطينية الأخرى ومن أجل الحفاظ على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني فوق أرض فلسطين التي ينتمي إليها ويعتز بها وهو يقوم بهذا الواجب نيابة عن الأمتين العربية والإسلامية ويمثل هذا الشعب المرابط الخندق المتقدم للأمة العربية للدفاع عن كرامتها وعن حضارتها".

ورأى الشيخ حسين ان "الدعم العربي للقضية الفلسطينية لا بأس به وهناك مواقف عربية مشهودة في الدفاع عن القضية الفلسطينية ويأتي على رأس تلك الدول قطر التي لا تتوانى أبدا عن خدمة القضية الفلسطينية بشكل عام وقضية القدس والأقصى بشكل خاص. فقطر دوما في طليعة الدول الداعمة لنا ولديها مواقف ثابتة لا تتجزأ حيال قضيتنا وهي لا تتاخر أبدا عن دعمها المادي لنا فهي الدولة الوحيدة التي تدفع التزاماتها المادية في وقتها لكل لجان القدس وكذلك تدعم أهالي الشهداء والأسرى بشكل يثير الفخر بداخلنا ويجعلنا نشعر أن هناك من يسأل عنا ويتابع مصابنا ولا يترك أسرانا والحق يقال فإن قطر بذلت وتبذل جهودا كبيرة للغاية في قضية الخلاف الفلسطيني - الفلسطيني وكلنا أمل أن ينصاع لها القادة ويتممون المصالحة بما يحقق الخيرة للفلسطينيين وللقضية الفلسطينية".

وشدد الشيخ حسين ان "قطر لم تتوان أبدا عن مساعدة الفلسطينيين وهي تعمل دائما على دعم القضية الفلسطينية وطرحها بكل قوة في كافة المحافل الدولية والإقليمية ومن النادر أن تجد كلمة لمسئول قطري في أي محفل دولي تخلو من الدعوة لحل القضية الفلسطينية ولن ننسى لقطر أنها أول من دعمت منظمة التحرير الفلسطينية ماديا وسياسيا وكيف كان سمو الشيخ حمد بن خليفة من أوائل القادة العرب الذين زاروا رام الله حيث التقى الرئيس الراحل ياسر عرفات ونثر هناك بذور الخير القطرية في ربوع الأراضي الخاضعة للسلطة الفلسطينية ما رفع المعاناة عن كاهل الكثير من الفلسطينيين".

واعتبر الشيخ حسين ان "الانقسام الفلسطيني هو أهم أسباب تعلق القضية الفلسطينية كل هذا الزمن"، لافتاً الى ان "الجبهة الفلسطينية مقسمة وهو ما ساهم في تنفيذ جزء كبير من المخطط اليهودي الساعي لتهويد الأقصى، لهذا فعلى الفلسطينيين قادة وشعبا العمل على التوحد فوحدة الشعب الفلسطيني وقادته هي حجر الزاوية في المواجهة مع الإسرائيليين ونحن ندرك جيدا أن إسرائيل تحاول تجزئة وتقسيم الشعب الفلسطيني حتى يسهل عليها تنفيذ مخططاتها".