لا يكاد رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون يتفادى فخا نصبه له الأخصام هنا حتى يقع بفخ هناك، وبينما يحاول مداواة جراح الفخ الثاني تراه يقفز فوق فخ جديد يوشك على الوقوع فيه. وآخر الأفخاخ التي نصبها الثلاثي رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس كتلة "المستقبل" فؤاد السنيورة بالتنسيق مع رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" ​وليد جنبلاط​، تسوية لتمرير المطلب العوني الملح باتمام ​الترقيات العسكرية​ وبالتحديد ترقية قائد فوج المغاوير العميد ​شامل روكز​، الا ان التسوية جاءت مفخخة فتلقفها عون واعاد رميها الى الملعب المقابل قبل أن تنفجر بوجهه.

وتقول مصادر سياسية مطلعة ان الفخ الذي تم نصبه للعماد عون يتمثل بادارج الموضوع الحكومي باطار التسوية، باعتبار ان الترقيات كانت لتمر بالحكومة وفي حال وافق عون على التسوية الشاملة، بغياب الاجماع نظرا لرفض وزراء "حزب الكتائب" والوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية السابق ​ميشال سليمان​ بالمطلق موضوع الترقيات بالشكل الذي تُطرح فيه، وعلى قاعدة الثلثين التي حارب وزراء عون ليل نهار لضربها بمقابل تمسكهم بقاعدة الاجماع بغياب رئيس الجمهورية.

وفور تمرير الترقيات على قاعدة الثلثين ستتحول عندها هذه القاعدة للآلية الحكومية الجديدة المعتمدة لتفعيل عمل مجلس الوزراء بموافقة وزراء عون مكرهين، ما يؤدي تلقائيا لاستعادة الثلاثي المذكور زمام الأمور والمبادرة في الحكومة ومجلس النواب على حد سواء، بعد توجيههم ضربة كبيرة وغير مسبوقة لعون الذي سيكون محرجا أمام جمهوره ومضطرا للايفاء بالتزاماته باطار "التسوية المفخخة".

ولا يقتصر الفخ على الموضوع الحكومي بل يتعداه لفرض تعيين مدير جديد لقوى الأمن الداخلي بعد اصرار أخصام عون على تمديد ولاية قائد الجيش لقطع الطريق على قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز قائدا جديدا للمؤسسة العسكرية.

الا ان مطبخ الرابية كان متيقظا لما أعدّه الأخضام خاصة وأنّه قد أحبط قبل فترة ليست ببعيدة محاولة لتمرير رئيس توافقي في ظل ضغط الشارع و​طاولة الحوار​ والمستجدات الدولية والاقليمية في آن. وقد أعدّ عون رداً حاداً ومختصرًا على التسوية معلناً وبعد اجتماع تكتله رفضه لمنطق التسويات وجوائز الترضية مهدّدًا بالانسحاب من طاولة الحوار.

وفي هذا الاطار، قالت مصادر معنية أن عون يبحث جديا بخيار الانسحاب من الحوار باعتبار أن أخصامه يصرّون على نصب الأفخاخ في طريقه فيما هو لا يفوّت فرصة لاظهار حسن نواياه وآخرها عودته الى الطاولة برحابة صدر وموافقته على اسقاط المطلب الذي رفع مطوّلا بانتخاب رئيس من الشعب بعد التفاهم على عدم تعديل الدستور في ​الانتخابات الرئاسية​ المرتقبة. وأضافت المصادر: "يوما بعد يوم نتأكد أن هناك قرارا بالتشدد في التعاطي مع عون وصولا لمحاصرته وحرمانه من أوراق القوة، ولعل أصدق من يعبّر عن ذلك حاليا فؤاد السنيورة".

وليس فتح رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" الملف المالي بوجه الوزير ​علي حسن خليل​ قبل ردّه السلبي على التسوية المقترحة للترقيات، الا رسالة قاسية لرئيس المجلس النيابي بأنّه اكتشف الفخ ولم يقع فيه. ولعل الرد الحاد من قبل وزير المال الذي قرر استخدام منطق "التحدّي" بالتخاطب مع عون يمهّد لأزمة جديدة بين الحليفين-الخصمين وبالتالي لتحد جديد سيخوضه "حزب الله" لمحاولة رأب الصدع بينهما.

بالمحصلة، يبدو أن الاسبوع الجاري سينتهي الى تمهيد لتصعيد مرتقب الاسبوع المقبل سيقوده عون في حال لم يتلقّف أخصامه المستجدات ويسعوا لتمرير الترقيات من دون اجباره على دفع أثمان باهظة. وعلى أجندة الرابية التصعيدية مقاطعة الجلسات الـ3 المتتالية للحوار وصولا لرفع الصوت وسقف المطالب بالتزامن مع التظاهرة الشعبية التي دعا لها "التيار الوطني الحر" على طريق القصر الجمهوري في بعبدا في 11 تشرين الاول المقبل.