لفتت مصادر سياسية عبر صحيفة "الديار" الى أن "لبنان اعتاد أن يكون طبقا دسما على الموائد الدولية، ولكن بغيابه وليس بحضوره، وهو يراهن على ذلك اليوم أيضًا لحلّ سلسة الأزمات التي يتخبّط فيها ويرزح تحت وطأتها، وفي مقدّمها الاستحقاق الرئاسي اللبناني المجمّد منذ الخامس والعشرين من أيار 2014، بانتظار كلمة سرّ تأتي من الخارج، أياً كان هذا الخارج، وبالتالي فإنّ المشاركة في هذه المؤتمرات والاجتماعات جنبًا إلى جنب الدول الكبرى تشكّل بالحدّ الأدنى تطورًا نوعيًا يمكن البناء عليه".

ورأت المصادر أن "المفارقة اللافتة فكانت حماسة قوى الرابع عشر من آذار لدعوة الى مؤتمر فيينا، التي تكاد ترتقي لمستوى النشوة، وإن أرفقوها بمخاوف جدية من أن يورّط وزير الخارجية "العونيّ" جبران باسيل لبنان بمواقف هو بغنىً عنها، خصوصًا إذا ما كانت بعيدة عن منطق النأي بالنفس"، مؤكدة أن "الملف اللبناني لا يزال متروكًا للبنانيين، بدليل أنّ أحدًا لم يأتِ على ذكره ولو لرفع العتب في المحادثات الجانبية للمؤتمر، وأنّ الملف السوري لا يزال يحتلّ الأولوية القصوى عالميًا، من بوابة محاربة الإرهاب، وبالتالي فإنّ اللبنانيين إما يحلّون قضاياهم بأنفسهم، وإما ينتظرون نضوج الحلّ السوري ليبنوا على الشيء مقتضاه، علمًا أنّ لا ضمانات على الإطلاق بأنّه قريب، بل يبدو أنّه لا يزال بعيدًا جدًا، حتى لو صحّ أنّ قطار الحلّ قد انطلق، باعتبار أنّ رحلة الأخير لن تكون قصيرة بأيّ شكلٍ من الأشكال".

ودعت الى "البحث عن السبب الحقيقي وراء دعوة لبنان للمؤتمر، لعلّ ذلك يؤدي لتحقيق مقولة إذا عُرِف السبب بطُل العجب، وربما تبطل معه نشوة قوى الرابع عشر من آذار كذلك الأمر"، مشيرة الى أن "موقع لبنان الجغرافي على الحدود السورية هو من دون شكّ أساسي، باعتبار أنّ لبنان هو من أكثر الدول المتأثرة بالأزمة السورية إن لم يكن أكثرها على الإطلاق، وما أزمة اللاجئين السوريين، والذين تكاد أعدادهم في لبنان تتخطى المليونين، بما يفوق قدرة لبنان على الاستيعاب والتحمّل، إلا خير دليلٍ على ذلك، فضلاً عن كون هؤلاء بمثابة قنبلة موقوتة ساهمت في مكانٍ ما بوصول الإرهاب إلى الداخل اللبناني، مستفيدًا من كون الحدود باتت مشرّعة بكلّ ما للكلمة من معنى".

ورأت المصادر أن "هناك كلمة سرّ واحدة من شأنها تفسير الالتفاتة الدولية نحو لبنان في هذه المرحلة، ألا وهي "حزب الله"، فالحزب اللبناني الذي انخرط في الأزمة السورية بالعمق تخطّى الحدود اللبنانية، وبات جزءًا لا يتجزّأ من المحور المساند للنظام في سوريا، والمؤلف من الدولة السورية وحليفتها روسيا والجمهورية الإسلامية في إيران، جنباً إلى جنب "حزب الله"، الذي لم يعد من الممكن تجاهله أو تهميشه، وبالتالي، فإنّ أيّ حلّ في سوريا يجب أن يأخذ بالاعتبار موقف الحزب شأنه شأن الآخرين، بالنظر إلى الدور الكبير والفاعل والمؤثر الذي يلعبه في سوريا، والخبرة المهمّة التي اكتسبها في مواجهة التنظيمات الإرهابية المتطرفة، علمًا أنّ هناك تنسيقاً كبيرًا بينه وبين روسيا في العمليات الجارية على الأراضي السورية في هذه المرحلة".