عكست الأجواء التي رافقت احياء الذكرى السنوية لوفاة الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، تقدماً على مستوى المسعى المصري القائم على خط المصالحة بين أركان حركة "فتح"، لا سيما بين الرئيس الحالي ​محمود عباس​ والقيادي المفصول من الحركة ​محمد دحلان​، حيث كان من الواضح أن هناك إتفاقاً على تهدئة إعلامية غير معلنة بين الجانبين.

وفي حين لا تزال أغلب الأوساط المعنية في "فتح"، تتكتم عن الحديث عن تفاصيل ما يجري من لقاءات في القاهرة، بات من الواضح أن الإتصالات التي يتولى رعايتها الرئيس المصري ​عبد الفتاح السيسي​ تحرز تقدماً ملحوظاً، الأمر الذي قد تظهر نتائجه بشكل رسمي خلال الأيام القليلة المقبلة.

في هذا السياق، تشير مصادر فلسطينية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى الزيارة التي قام بها دحلان إلى مصر، في نهاية الاسبوع المنصرم، بالتزامن مع تواجد عباس في القاهرة، وتلفت إلى أن الأجواء إيجابية جداً، بالرغم من أنها تفضل عدم الحديث عن حسم الإتجاه إلى المصالحة بشكل كامل، نظراً إلى أن بعض الجهات المتضررة قد تسعى إلى العرقلة، وتضيف: "يمكن الحديث عن مسار جدي على خط لم شمل أركان "فتح"، ولكن دائماً الشيطان يكمن في التفاصيل".

وتوضح هذه المصادر أن الإتصالات والمشاورات متقدمة، الأمر الذي إنعكس في غياب التصعيد بين أنصار عباس ودحلان في ذكرى رحيل عرفات، وتذكر بأن المناسبة كانت في السابق منصة إطلاق الإتهامات المتبادلة بين أركان الحركة الواحدة، مع العلم أن كل فريق نظم الفاعليات الخاصة به على طريقته، في الداخل الفلسطيني وفي الخارج.

على هذا الصعيد، تشير المصادر نفسها إلى أن هناك مصالح مشتركة تحتم التوصل إلى إتفاق في وقت قريب، أبرزها ضرورة مواكبة التطورات التي تحصل في الأراضي الفلسطينية، في ظل التطورات الخطيرة القائمة منذ فترة، وتؤكد بأن هناك قناعة، لدى كل من دحلان وعباس، بضرورة عدم إستمرار الإنقسام، لكن لا تزال لديهما بعض الملاحظات التي يجري العمل على معالجتها بالحوار.

وتشدد هذه المصادر على أن هناك مصلحة مصرية أيضاً في تحقيق هذا الإنجاز، نظراً إلى الإتهامات التي توجه إلى القيادة الحالية بالمشاركة في حصار قطاع غزة عبر إغلاق معبر رفح، بسبب الخلافات القائمة مع قيادة حركة "حماس"، التي تسيطر على القطاع، بسبب علاقاتها مع حركة "الإخوان المسلمين"، وتؤكد بأن القاهرة لن تمانع إعادة فتح هذا المعبر الحيوي، الذي يعتبر المتنفس الوحيد لأبناء غزة، في حال تولت إدارته أجهزة السلطة بقيادة عباس، وترى أن "حماس" نفسها لن تعارض مثل هذه الخطوة نظراً إلى حاجتها الماسة لها، لا سيما أن الحديث عن مصالحة على هذا الصعيد يأتي في سياق السعي إلى أخرى شاملة بين مختلف الفصائل الفلسطينية.

في سياقٍ متصل، تكشف المصادر الفلسطينية المطلعة أن من أهم المؤشرات الإيجابية الحديث عن إحتمال تأجيل مؤتمر "فتح"، الذي كان مقرراً في 29 الشهر الحالي، وتشير إلى رسالة وصلت إلى قيادات الحركة في الخارج مفادها عدم حسم موضوع سفرهم إلى الضفة الغربية في الموعد المحدد، بسبب الإتصالات القائمة على خط المصالحة.

من جانبها، لا تنفي مصادر مقربة من "التيار الإصلاحي"، الذي يقوده دحلان، هذه المعلومات، وتؤكد، عبر "النشرة"، أنها تتعامل مع الجهود المصرية بكل جدية، من دون أن تعطي المزيد من التفاصيل، إلا أنها تشدد على أنها لم تقدم نفسها بأي لحظة على أساس أنها خارج إطار "فتح" أو إنشقاق عنها، بل هي داخل مؤسسات الحركة ولم تكن بعيدة عنها في أي يوم من الأيام، وتضيف: "​القضية الفلسطينية​ مستهدفة على كافة المستويات، في الداخل وفي الشتات، وأفضل ما نقدمه إلى شعبنا هو إنهاء الإنقسام، ليس فقط داخل "فتح" بل بين مختلف الفصائل".

في المحصلة، تبقى الأمور مرهونة بالصورة النهائية التي ستكون عليها، لكن المؤكد أن نجاح المصالحة سيكون له تداعيات إيجابية على كافة المستويات، ولبنان لن يكون بعيداً عنها، خصوصاً أنها تساهم في تحصين المخيمات الموجودة على أراضيه، لا سيما عين الحلوة، في ظل التهديدات الأمنية القائمة.