مصدومون من سلسلة الأحداث الإرهابية في باريس. إسرائيليون كثيرون يشاركون الفرنسيين حزنهم. يبدو أن الغرب بدأ يفهم أن الوحش الإسلامي الراديكالي يتسبب بثمن باهظ.

هذا هو وقت مسامحة فرنسا على محاولاتها ارضاء الأحياء الإرهابية في مدنها، التي تتعزز بالمهاجرين الإسلاميين العائدين (بعضهم «داعش») على حساب إسرائيل. من اعتقد في الغرب أن المشكلة الفلسطينية هي مصدر المشاكل في الشرق الاوسط، فهم أنه اخطأ. ومن تجاهل الإرهاب الفلسطيني الذي استهدف الإسرائيليين فقط، يعاني الآن من الإرهاب العالمي، الذي قدمه الفلسطينيون للمنظمات الإرهابية الإسلامية وغيرها في العالم.

إن ميول الغرب للبحث عن المنطق الذي يقف من وراء افعال الإسلام الراديكالي كرد مشروط على خطوات غربية معادية للإسلام، هي مخطئة. المدن التي وضعت على مهداف الإسلام إلى جانب باريس ليست فقط جزءا من حملة انتقامية للإسلام على تدخل الدول الغربية في الصراعات في افريقيا وسوريا والعراق، بل الحديث يدور عن خطة إسلامية عالمية واضحة.

تعرضت دول اوروبية كثيرة للإرهاب الإسلامي وكذلك الولايات المتحدة، لذلك فان تهديد «داعش» بأن حملة الإرهاب في باريس ستستمر في واشنطن ولندن وروما، وهي مدن ذات مغزى سياسي واقتصادي ورمزي، غير مفاجئ. وتحديد روما كهدف لـ«داعش» يعكس الطموح العالمي الحقيقي للإسلام الراديكالي ضد الصليبيين. ليس الحديث عن رد على «جرائم» الغرب، بل هو تعبير عن ميراث متعدد المراحل لحملة عالمية منظمة ضد الكفار في «عواصم الزنى والانحلال الخاصة بهم».

روما ـ وفي قلبها الفاتيكان. هي العاصمة الرمزية للعالم المسيحي. لذلك فان احتلالها هو تطبيق ديني لسيطرة الإسلام على العالم، الامر الذي سيشمل احتلال الارض والسيطرة على الممتلكات والنفوس للغرب الصليبي الكافر على طريق أسلمته. الحديث يدور هنا عن رمز تشغيل إسلامي مصمم وعنيف مأخوذ من إرث النبي وسيرته ويُنقل من خلال منظري وأئمة الاخوان المسلمين في العالم الذين يشكلون منبعا لـ«داعش» والقاعدة وحماس والجهاد الإسلامي. هؤلاء الشيوخ يحرضون وينظمون «المجاهدين» في المساجد الإسلامية في أوروبا والدول الإسلامية وفي إسرائيل ايضا (رائد صلاح والحركة الإسلامية).

دعائيو هذه الشبكة الدعائية العنيفة متأكدون من أن المسلمين هم الأمة النخبوية المسلحة بالمبادئ الالهية القيّمة. لذلك أمر الله المسلمين بأن يسيطروا ويقنعوا الآخرين، سواء برغبة أو بشكل مفروض، بالتخويف وبالإرهاب، على الدخول إلى الإسلام أو أن يتم قتلهم بالسيف. حسب فهمهم، فإن القسطنطينية سقطت في أيدي الإسلام وهكذا ستسقط روما ومعها العالم ككل.

ربطة العنق الخانقة حول فرنسا والدول الغربية الاخرى تزداد شدة. الإسلام الراديكالي يتغذى على «الانتصارات» ويجند مهاجرين من الدول العربية «الربيعية» ومسلمون غربيون يعودون من الشرق الاوسط كمجاهدين. هذا الانتشار يُبنى على ضعف الغرب المحبوس في قوانين التعددية والحريات الفردية ومجموعة من التشريعات السياسية. هذه الاخلالات تخلق لدى القادة مواقف خاطئة وتمنعهم من استيعاب حجم الكارثة. في هذه الاجواء بالتحديد يقوم الشيوخ بصلب المدافعين عن حقوق الانسان الذين يحذرون من الإسلام، ويستغلون قيم الغرب التي تخلق الفراغ من اجل تنفيذ الإرهاب.

المعركة حول الفاتيكان في شدتها. معمّر القذافي الذي اعتقد أن الإسلام الديمغرافي سيحتل أوروبا دون اطلاق طلقة واحدة-اخطأ. الاتفاق الأميركي مع إيران زاد من شعور «داعش» بالضائقة والآن يعمل على محاربة تحالف الكفار الذي يشمل روسيا والولايات المتحدة وإيران الشيعية، التي هي إرهابية بحد ذاتها إلى جانب حلفائها. من المتوقع أن تزداد عمليات «داعش» في الغرب. هذه الحرب العالمية الثالثة بين الإسلام الراديكالي والعالم الغربي تستوجب التعاون بين الديمقراطيات والتنازل المؤقت عن بعض قيم مستوى الحياة لصالح الحياة نفسها.