بعيداً عن النقاشات السياسية المتحكمة بإنتاج التسوية الرئاسية بين رئيس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري وبين رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية فإنّ موقف رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون ورئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع الرافضين لها، بات مرتبطاً بمدى تأمين البديل الرئاسي لفرنجية، على وقع ما ابلغ السفير السعودي علي عواض عسيري مباشرةً، كلاً من عضو تكتل التغيير والاصلاح الوزير الياس ابو صعب وعضو كتلة القوات اللبنانية النائب ستريدا جعجع ابان الخلوة التي عقدها مع كل منهما على حدا، خلال مناسبة العيد الوطني لدولة الامارات.

اذ شدد الديبلوماسي السعودي مباشرة لأبو صعب وجعجع على ان المطلوب تأمين بديل عن فرنجية من خلال حوار وتفاهم مارونيين اذا ما كانوا رافضين لهذا الواقع، ذلك في موازاة ما كان اعلنه سابقاً من مواقف تصب في هذا الاطار، لكون الرغبة الدولية لانتخاب رئيس الجمهورية لا يمكن مواجهتها بالسلبية دون ان يكون لاي فريق تقديمات بديلة مقبولة .

واذا كان مندفعون على خط التسوية يعتبرون أنها سلكت سيرها التطبيقي ليكون عندها سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية وكذلك سعد الحريري رئيساً للحكومة قبيل نهاية العام وان سلة إرضاء عون لن يرفضها، لكونها تتوزع بين حصة نفطية له في المستقبل، وحفاظا على موقع وزاري ثابت لصهره رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل وكذلك ايلاء حقيبة الدفاع الى صهره العميد المتقاعد شامل روكز، او تعديل قانون الدفاع، مما يسمح لاستدعائه من الاحتياط لتعيينه قائدا للجيش اللبناني، لا سيما ان للتسوية غطاء دولياً عربيا وحاجة ثلاثية الابعاد وفق التالي:

اولاً: مواكبة التسوية السورية ومغادرة الرئيس السوري بشار الاسد لموقعه بما يتطلب ضمانة لفريق الممانعة لمؤازرة هذا التحول من خلال رئيس للجمهورية اللبنانية يطمئن هذا الفريق.

ثانياً: الحاجة الضرورية لمواجهة الارهاب وتنظيم داعش لا سيما ان الساحة اللبنانية تشكل حديقة امامية للمنطقة العربية رغم وجود الحلبة السورية التي يتواجد عليها داعش. اذاً مطلوب ان يكون الزعيم السني سعد الحريري في السراي والى يمينه مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان والى يساره رئيس مجلس الامن المركزي ووزير الداخلية نهاد المشنوق من موقعه في هذه الطائفة، للمضي في مواجهة الواقع الارهابي بحيث يشكل هذا المثلث رأس حربة في حماية الاعتدال السني ومواجهة التطرف الاسلامي.

ثالثاً: الحاجة المشتركة لان يتم انتخاب رئيس للجمهورية المسيحي والماروني بنوع خاص بهدف طمأنة هذا الفريق في هذه المنطقة في ظل ما يطال الأقليات من تهديد ولذلك تم اختيار فرنجية كونه احد الاقطاب الاربعة الذين اعطوا لبعضهم شرعيتهم الشعبية بغطاء كنسي، وكذلك تولي الحريري رئاسة الحكومة بهدف دفع البلاد نحو الامام سياسيا واقتصاديا بعد ما الت اليه الامور من مترتبات نتيجة ما عصف بالحكومة الحالية من خلافات عطلتها الى حد عجزها عن معالجة ازمة النفايات التي حصلت في ظلها مفاوضات التسوية الرئاسية.

ويختلف الكلام في الرابية عن كل الحسابات المحيطة بالتسوية الرئاسية لكون عون لن يتراجع عن ترشيحه، ولا يطمئن المسحييين في المنطقة الا اذا انتخب هو الزعيم المشرقي رئيسا للجمهورية، وهو قرار مستمر عليه، خصوصاً ان حليفه حزب الله داعم له في هذه الخطوة وانه من الاستحالة ان يتراجع امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله عن دعمه لعون، يقول محيطون بالاخير، طالما هو باق على موقفه لان نصرالله لا يزال ملتزماً بكلامه «بان لعون ديناً علينا ابان حرب تموز في الـ 2006» ولذلك لن ينكث صاحب الوعد الصادق في التزامه، طالما عون مرشح. لذلك يراهن فريق التسوية الرئاسية على ان بيع نصرالله لعون لن يتحقق طالما الرجلان على قيد الحياة.

ويتابع المحيطون بعون إن بقاءه مرشحا رئاسيا يبقي المبادرة مجمدة وتدور في الفراغ، لكن التفاهم على الحوار الذي طالب به السفير السعودي، يتطلب الانتقال الى مرحلة تبني جعجع لترشيح عون الى رئاسة الجمهورية، انطلاقا من قراءة سياسية تضعه بين خيارين، اما العزلة السياسية في ظل انتخاب فرنجية، وتطويق مناطقي يمتد لعشرات السنوات ويلي رئاسة الجمهورية ام تقبله عون لسنوات ست، في ظل غسل القلوب الذي حصل بينهما وباتت الشعارات السياسية من الماضي بعد تفاهم زعيم 14 آذار «سعد الحريري» وصقر 8 آذار «سليمان فرنجية».

ويعتبر المحيطون أن ترشيح جعجع لعون يجب الا يتأخر، وان حصل لن يشكل تحديا للسعودية بعد ان تبلغت الرابية عبر عدة قنوات سقوط الفيتو السعودي على عون، لا بل يتابع هؤلاء ان امام جعجع اليوم فرصة المساهمة في اختيار رئيس للجمهورية يطمئن اليه، وهو كما فرنجية لا يفرط بالمسيحيين، لكن عملا بالمعادلة السياسية يكون شريكا في العهد. عدا عن ذلك يقول المحيطون ان ترشيح جعجع لعون مفترض ان ينطلق من زاوية سعي جعجع لتنقية العلاقة وتمتينها بين السعودية وعون وبذلك يكون حقق مكسبا للسعودية بتقريب الجنرال اليها وتكون خطوته شكلت مدخلا للحل الرئاسي.

وشدد المحيطون بعون على ان لا تراجع عن قانون انتخاب يؤمن الشراكة ويحقق تمثيلاً مسيحياً صحيحاً، وثمة توافق مع جعجع على الانتهاء من ظاهرة التحكّم بأصوات المسيحيين من قبل القوى السياسية كافة. ولذلك يصرّون على قانون انتخاب، يسبق الاتفاق على الاستحقاق الرئاسي.