تناقلت وسائل الاعلام نهار الجمعة الماضي خبرًا شكّل صدمة لِمَن علم به، فنجل الرئيس الليبي المخلوع ​معمر القذافي​، هنيبعل، قد تم اختطافه من قبل مجموعة مسلّحة بعد ان تم استدراجه من مكان سكنه في سوريا الى لبنان. ساعات قليلة وظهر القذافي في فيديو مصور يؤكد فيه خطفه وسبب الخطف. انها قضية الامام السيد ​موسى الصدر​ ورفيقيه الذين اختطفوا في ليبيا عام 1979.

بعد تسليم ​هنيبعل القذافي​ الى فرع المعلومات، توجه وكيل عائلة الصدر المحامي شادي حسين الى النائب العام التمييزي سمير حمود لتقديم شكوى بحق هنيبعل على خلفية التدخل بعملية اخفاء الامام الصدر، كون جريمة الخطف هي جرم مستمر ومتمادٍ طيلة مدة الاخفاء، وبالتالي فإن الرجل الذي اصبح من أركان عائلة القذافي له علاقة بجرم اخفاء الصدر ورفيقيه، ولكن القاضي حمود رفض تسجيل الشكوى بحجة انتظار التحقيقات مع القذافي، وهنا تشير المصادر الى ان قرار القاضي حمود لم يكن بعيدا عن تدخلات خارجية جعلته يتريث باتخاذ القرار.

بعد ذلك، تسلّم قاضي التحقيق العدلي ​زاهر حمادة​ الموقوف وحقق معه، وكان ذلك عند الساعة الواحدة وعشر دقائق من بعد ظهر الاثنين، وبعد ساعتين من التحقيقات توجه حمادة الى مكتب حمّود وأطلعه شفهيا على ما أدلى به القذافي ثم عاد لاستكمال التحقيقات وسطّر بحق هنيبعل مذكرة توقيف بتهمة كتم معلومات.

وتكشف المصادر ان القاضي حمادة خلص الى ان هنيبعل القذافي يملك فيضا من المعلومات التي أدلى ببعضها، وابرزها ان القذافي الاب هو المسؤول بشكل مباشر عن خطف الصدر، مشيرا الى أنّ نجليه سيف الاسلام والمعتصم بالله كانا على علم كامل بتفاصيل القضية، ليبقى سيف الاسلام الموقوف في ليبيا بعد مقتل المعتصم بالله الشخص الاكثر دراية بما جرى يوم الخطف وبعده، دون نسيان مدير المخابرات الليبي السابق ​عبد الله السنوسي​ الموقوف في ليبيا أيضا. وهنا علمت "النشرة" ان اللجنة اللبنانية المكلفة متابعة قضية الصدر ورفيقيه مُنعت حتى اللحظة من استجواب السنوسي رغم تقدمها بأكثر من طلب، ما يؤكد بحسب المصادر أن الجانب الليبي الحاكم غير متعاون إطلاقا بقضية الامام المختطف، حتى وان كانت ظروف السنوسي صعبة والاخبار حول موته قد سُمعت في أكثر من مكان دون ان يؤكدها او ينفيها أحد، وهو ما يفسر غضب رئيس "حركة أمل" رئيس المجلس النيابي نبيه بري عند ذكره القضية وتشدّده بكل ما يتعلق بها.

وبالعودة للتحقيقات، فإنّ القذافي، الذي نفى ان يكون الصدر قد غادر ليبيا، سمى الشخصية الليبية التي انتحلت شخصية الصدر وسافرت لايطاليا. وأضاف خلال التحقيق بأن شقيقه سيف الاسلام يعرف تحديدا موقع المنزل الذي نُقل اليه الصدر بعد خطفه، كما ألمح خلال التحقيقات الى ان سيف الاسلام يعلم أيضا مكان "دفن" الإمام، مع الاشارة الى ان انه بدا مشوشا لدى سؤاله عن المصير "الحالي" للامام الصدر ورفيقيه. وفي سياق متصل علمت "النشرة" ان المحامية ​بشرى الخليل​ حضرت أمس الى قصر العدل حيث تُجرى التحقيقات، وطلبت ان يُسمح لها بأخذ توقيع هنيبعل على وكالة تكليفها الدفاع عنه، الا ان القاضي رفض كون هذا الاجراء يتم في مكان توقيف المتهم لا في مكان التحقيق، الامر الذي أخرج الخليل عن طورها.

وتشير المصادر الى ان ملف القذافي لن يكون سهلاً، فهو يملك معلومات حسّاسة في ملف الصدر من شأنها ان تغير الكثير في هذه القضية التاريخية، متوقعة ان تعترض تحقيقات القذافي معوقات متنوعة منها ما هو داخلي ومنها ما هو خارجي، علمًا أنّ بعض المعلومات رجّحت أن يكون قد أدلى بما في جعبته أمام خاطفيه قبل إحالته إلى فرع المعلومات.

نجح خاطفو هنيبعل القذافي بإعادة تحريك قضية الصدر ورفيقيه بطريقة دراماتيكية، ونجح ​القضاء اللبناني​ بالحفاظ على "كنز المعلومات" لديه رغم التدخلات الحاصلة، فهل سيصمد القضاء أمام الضغوط؟ وكيف سيؤثر القذافي على مسار ومصير قضية الامام الصدر؟