رمى الرئيس سعد الحريري حجرَ ترشيح النائب سليمان فرنجية في بئر الإستحقاق الرئاسي المتجمّد منذ أكثر من عام ونصف عام.

فيما دوّى وقع هذا الترشيح عند الأصدقاء والحلفاء قبل الخصوم لدى طرفَي التسوية الباريسية، إلّا أنه ما زال حتى الساعة مجرّد رصاص «خُلَّبي» عاجز عن تمزيق جدار الفراغ، ولو خرق آذان حلفاء الحريري وعلى رأسهم رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، وحليف حليف «الرئيس المواطن» سليمان فرنجية في الرابية المسكونة بالأسئلة والهواجس على رغم جرعة التطمين المرتفعة من «حزب الله»

والقابلة لمزيد من الارتفاع تزامناً مع تعثر مفاوضات الحلّ اليمني وإشتداد الإشتباك مع المملكة العربية السعودية، سواءٌ بإضافة أسماء لكوادر جدد للحزب على لائحة الإرهاب الخليجية او بمزيد من الحجب لتردّدات قناة «المنار» على الأقمار الإصطناعية المموَّلة عربياً، وصولاً الى «الحلف الإسلامي الذي شكل الفراغ الرئاسي أحد سبل النجاة من وقوع لبنان في فخّه»، على حدّ تعبير أحد «الممانعين».

وحدها «الكتائب» من بين الأفرقاء المسيحيين الموارنة نجت من الرصاص الطائش متدرعّة بالصمت الإيجابي الذي لم يستفز الحريري - فرنجية ولم يدخل الرابية وجنرالها في إشتباك مع الشيخين الاب والإبن.

وفيما يجزم بعض العارفين بمسار التسوية الباريسية قبل حصولها بإنجاز الإستحقاق الرئاسي قبل نهاية الربع الأوّل من السنة المقبلة، في رهان على القمة الفرنسية- الإيرانية في باريس، أواخر الشهر المقبل، تزامناً مع التقارب بين باريس وموسكو التي لا تمانع إنجازَ تسوية تحافظ من خلالها على ما بقي من الودّ مع المملكة العربية السعودية وتشق الطريق لصديق الرئيس بشار الأسد إلى بعبدا، حسب قراءة اولى في كتاب الإستحقاق الرئاسي.

إلّا أنّ قراءة أخرى لأحد المنتمين الى المطبخ السياسي نفسه، تجزم أنّ الربع الأوّل من السنة المقبلة ووصولاً الى ما بعد منتصفه الأوّل لن يشهد ولادة الرئيس العتيد على رغم الإقرار بأنّ المسافة بين «بنشعي» و»بعبدا» أقصر منها عن بقية مقار المرشحين، سواءٌ من المنتمين الى «النادي الرباعي» او من خلفهم الوسطيين والآذاريين.

قراءة مختلفة مستندة الى جملة عوامل أبرزها ما يحصل في سوريا من مدّ وجزر يصعب معه رسوّ المركب اللبناني على شاطئ التسوية. فوفقاً للقراءة الثانية للفريق نفسه «لن تكتب الحروف الاولى لإسم الرئيس العتيد قبل نهاية 18 شهراً التي خطت في فيينا وثبتت في نيويورك بحبر القرار الدولي الذي حمل الرقم 2249، ليتزامن الإستحقاقان الإنتخابيّان الدمشقي والبيروتي معاً».

وعليه يبدو أنّ فرنجية يتقدّم على ما عاداه من مرشحين إلى الكرسي الفارغ في بعبدا، إلّا أنّ الفراغ أقرب من الجميع بمَن فيهم فرنجية في إنتظار ما ستؤول اليه الصورة والأحداث في المنطقة خصوصاً في سوريا ذات الأجندة المتحرّكة بموعدين الأوّل بعد ستة أشهر والثاني بعد 18 شهراً وفق المعايير الدولية.

فهل ينتخب الرئيس العتيد وفق الموعد الأوّل على روزنامة الحلّ السياسي السوري المصدّق أممياً؟ أم أنه على اللبنانيين انتظار سنة ونصف سنة إضافيّتين ليقترع لبنان وسوريا معاً على لحن قديم - جديد عنوانه وحدة المسار والمصير ولو بنحوٍ جديد؟

في الخلاصة يبدو أنّ الفراغ باقٍ... ويتمدّد.