أعلن مرصد دار الإفتاء المصرية في تقرير له، أنه ثبت من دراسة الجماعات والتنظيمات المتطرفة أن لديها عوامل مشتركة في جذب أنصارها وتجنيد عناصرها، كما وجدت الدراسة أن أبرز هذه العوامل ثلاثة وهي النساء وتغييب العقل والجنة الموعودة.

بالنسبة إلى العامل الأول، أشار المرصد إلى أن جميع هذه الجماعات والتنظيمات تعمل على تصدير خطاب ديني واحد من خلال وعد الأتباع بدخول الجنة الموعودة حال الاستشهاد أثناء الجهاد ضمن صفوف تلك الجماعات دون غيرها، وهي السردية الجهادية التى تستقطب عددًا كبيرًا ممن يفتقرون إلى الإحساس بالهوية أو الانتماء من الشباب صغير السن والذي يرغب بالمغامرة فى إطار إسلامي دون فهم ولا بصيرة.

بالنسبة إلى العامل الثاني، أوضح أن النساء تعتبر عنصرًا هامًا في جذب العناصر لمثل هذه التنظيمات التي تبرز هذا العنصر، ما يسهم فى زيادة الأعداد المنضوية تحت لوائها، ففي حالة فرقة "الحشاشين" نجد أن حسن الصباح وجماعته كانوا شديدي الولع بالنساء والغلمان، فوفر لهم صاحبهم هذا العنصر ليبقوا حوله ويطيعوا أمره، وفي حالة تنظيم "داعش"، نجد انتشار ظاهرة "نكاح الجهاد" وانتقال كثير من الفتيات من تونس والجزائر وبلجيكا وفرنسا إلى سوريا والعراق لينضممن إلى ذلك التنظيم الإرهابي، لافتاً إلى أن ما تحكيه تلك الفتيات حول ما تعرضن له من اغتصاب باسم الجهاد والإسلام لهو خير دليل على استغلال هذا التنظيم للنساء بغية تحقيق أهدافه من خلال تفسيرات خاطئة لمفهوم الجهاد في الإسلام ليلبس على قليلي العلم والعقل من شباب المسلمين دينهم.

أما بالنسبة إلى العامل الثالث، أي تغييب العقل، لفت إلى أننا "نجد أن هذه الجماعات تعتمد على تغييب عقول أتباعها وإذهاب أفهامهم ليكونوا أداة طيعة في يد قادتهم وأمرائهم، بحيث يأمرونهم فيمتثلوا حتى إنهم ليقدموا على قتل أنفسهم دون تردد، ففي حالة جماعة "الحشاشين" نجد أن حسن الصباح قد اتخذ من الأفيون والحشيش أداة لتغييب عقول أتباعه ليسهل سيطرته عليهم، ما انعكس على أفعالهم وطاعتهم العمياء لأوامره وإيمانهم بقدرته الكاملة على النفع والضرر لهم، وفي حالة تنظيم "داعش" نجد أن القائمين على التنظيم يستخدمون وسائل تكنولوجية حديثة ومواقع التواصل الاجتماعي ليؤثروا على أتباعهم ويجذبوا عناصر جديدة إلى صفوفهم، حيث تلعب هذه المواقع دورًا فعالاً للغاية في نشر الفكر المتطرف العنيف، حيث تبدو الصورة المرسومة على هذه المواقع بأنها مرحبة ومطمئنة وتعالج مخاوف العناصر الجديدة من الأشياء غير المألوفة، فعلى سبيل المثال هناك العديد من المقاتلين ينشرون صورًا لهم مع القطط والحيوانات الأليفة.

وأكد التقرير أيضاً، أن هناك عوامل أخرى متعددة تستخدمها تلك الجماعات والتنظيمات لجذب مزيد من العناصر والمقاتلين إلى صفوفها، إلا أنها عوامل ثانوية، منها محاولة تلك التنظيمات إبراز الروح البطولية في تنفيذ عملياتها وتحفيز حب المغامرة لدى من تريد استقطابهم، من خلال نشر وإذاعة تفاصيل عدد كبير من عملياتها وتوصيف تلك العمليات بأوصاف جذابة ورنانة وتمجيد من قاموا بتنفيذ تلك العمليات سواء الأحياء فيطلقون عليهم ألقاب البطولة والشجاعة وغيرها أو الذين قتلوا فيصفونهم بالشهداء ويزعمون أنهم فى جنة الخلد.

وأوضح أن هناك عامل جذب آخر لدى هذه الجماعات وهو تطبيق حدود الله وشريعته وتحقيق الخلافة الإسلامية في الأرض، حيث يعاني العديد من المجندين الجدد من ماضٍ مضطرب وعلاقات متأزمة مع أسرهم، فيتفاعلون بشكل جيد تجاه القواعد والاتساق المتفق عليها عند تطبيقها، ولأن معرفتهم بالدين غالباً ما تكون سطحية فهم لا يشككون مطلقًا في سلطة قادتهم ويصدقون ما يقال لهم، والأكثر نضجا من بينهم هم فقط من يدركون أن واقع الحياة في ظل جماعة متطرفة أبعد بكثير عن أي مثالية دينية، وهذا هو أحد الأسباب التي تؤدي إلى رجوع بعض المقاتلين إلى أوطانهم أو الهروب من تلك التنظيمات إلى أي مكان آخر.